على خلفية تقرير محكمة المحاسبات: معضلة التنافر بين الزمن الانتخابي والزمن القضائي

قدّمت محكمة المحاسبات بشكل رسمي في ندوة صحفية تقريرها العام المتعلق بانتخابات 2019 كاشفة عن انتهاكات ومخالفات انتخابية يستوجب بعضها عقوبات قصوى

تتمثل في الغاء جزئي لنتائج الانتخابات، ولكنها كشفت أساسا عن معضلة يفرزها تسارع الزمن الانتخابي وبطء الزمن القضائي.

يوم امس قدمت فضيلة القرقوري رئيسة دائرة بمحكمة المحاسبات..... التقرير العام لمراقبة تمويل الانتخابات الرئاسية والتشريعية لسنة 2019، التي شابتها العديد من الخروقات والمخالفات الانتخابية التي تتراوح بين مخالفات بسيطة لا تؤثر بشكل مباشر على نتائج الانتخابات واخرى تصنف في خانة الجرائم الانتخابية وتستوجب عقوبات قصوى اقرها القانون الانتخابي.

وقد شابت الإخلالات الحسابية المالية للمترشحين للانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2019 من بينها ما يتعلق بشرعية الموارد ومجالات إنفاقها وعدم الإفصاح عن مصادر التمويل واستعمال مال مشبوه وغيره من المخالفات التي قالت القرقوري ان بعضها يستوجب اقرار عقوبات مالية او حرمانا من استرجاع مصاريف. ولكن جزءا من هذه المخالفات الانتخابية يتوجب عقوبات اشد تمزج بين العقوبات السجنية وإلغاء نتائج الانتخابات للمترشح او القائمة التي اثبت ارتكابها لمخالفات تمس بمبادئ تكافؤ الفرص او شراء ذمم الناخبين او تلقى تمويلات اجنبية او تعاقد مع جهات خارجية للتدخل في الانتخابات.

جرائم ابرز التقرير ارتكابها من قبل مترشحين لانتخابات رئاسية وقائمات في التشريعية، يفترض ان تسلط عليهم عقوبات تتضمن الغاء نتائج جزئية ومنعا من الترشح للاستحقاقات القادمة وتصل الى عقوبات سجنية. هذا ما ينص عليه قانون الانتخابات والاستفتاء خاصة في باب الجرائم الانتخابية والفصل 98 والفصل 163 من القانون.

فوفق مقتضيات الفصلين فان محكمة المحاسبات يمكنها ان تقر عقوبة اسقاط عضوية عن كل نائب ترشح بقائمة تبين مخالفتها لاحكام الفصل 98 في فقرته الاخيرة التي تنص على انه «في صورة عدم إيداع الحساب المالي طبقاً للفقرة الأولى من هذا الفصل، أو تجاوز سقف الإنفاق بأكثر من 75%، تصرّح محكمة المحاسبات بإسقاط عضوية كل عضو بمجلس نواب الشعب ترشّح عن إحدى تلك القائمات.»

كما يمكن لمحكمة المحاسبات ان تصدر قرارا وفق مقتضيات الفصل 163 إذا ثبت لديها أنّ المترشّح أو القائمة قد تحصّلت على تمويل أجنبي لحملتها الانتخابية فإنّها تحكم بإلزامها بدفع خطية ماليّة تتراوح بين عشرة أضعاف وخمسين ضعفاً لمقدار قيمة التمويل الأجنبي. ويفقد أعضاء القائمة المتمتّعة بالتمويل الأجنبي عضويتهم بمجلس نواب الشعب ويعاقب المترشّح لرئاسة الجمهورية المتمتّع بالتمويل الأجنبي بالسجن لمدّة خمس سنوات.

جرائم تقر بها محكمة المحاسبات وتشير الى انها ستنفذ القانون، أي ستصدر احكاما تصل الى اسقاط عضوية نواب عن قائمات ارتكبت جرائم انتخابية من البرلمان، وإذا حصل هذا سيكون الحكم الصادر في الطور الاول من التقاضي في انتظار الاستئناف والتعقيب للقائمات المتضررة.
وهذا ما يكشف عن معضلة كبيرة تتعلق بتنافر المطلق بين الزمن الانتخابي السريع والزمن القضائي الهادئ المتثاقل، وهو ما يولد اشكالية تتعلق بكيفية التعامل مع ما سيترتب عن تطبيق القانون في ما يتعلق باسقاط عضوية نواب بالبرلمان فازوا عن قائمات ثبت لاحقا ارتكابها للجريمة الانتخابية.

وهنا قد تعتبر هذه الاشكالية اقل حدة، اذ يعالجها القانون في الفصل 34 وتحديدا في مطته الخامسة التي تنص على انه وفي حال» فقدان العضوية بموجب أحكام الفصليْن 98 و163 من القانون الانتخابي « يتم تنظيم انتخابات جزئية في الدوائر الانتخابية التي سجل فيها الشغور في اجل اقصاه 90 يوما، على اعتبار انه يُعدّ استنفاداً للقائمة الأصليّة الحالات المنصوص عليها بالفصليْن 98 و163.

لكن في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية فان القانون يقف عند عتبة معاقبة المترشح بالسجن ومنعه من الترشح لاحقا، وهنا كما في القسم الاول تبرز معضلة تتعلق بمشروعية المشهد البرلماني او السياسي الحالي، ووضع فرضية تتعلق بما قد يكون عليه المشهد إذا ترابط الزمن الانتخابي والزمن القضائي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115