اللجوء إلى السوق الداخلية من أجل تمويل عجز الميزانية، وقدمت الحكومة مقترحات التعديلات التي أدخلتها إلى محافظ البنك المركزي مروان العباسي خلال لقائه أول أمس مع رئيس الحكومة هشام المشيشي، لقاء وصفته الحكومة بالايجابي وقد أبدى محافظ البنك تفهما للأرقام التي قدمتها الحكومة، علما وأن العباسي قد أكد على رفضه تمويل العجز دون ضمانات. 
حسب المقترحات التعديلية للحكومة، فقد تمّ التقليص في عجز الميزانية بنقطتين أي من 13.4 % من الناتج المحلي الإجمالي إلى 11.4 % من خلال التقليص في نفقات دعم الحبوب والمحروقات مع السعي إلى تحصيل 0.3 مليار دينار كمداخيل جبائية من ضمن 6 آلاف مليون دينار التي لم تتمكن من تعبئتها بسبب أزمة كوفيد 19، وأن الحكومة تعول على البنك المركزي التونسي لتمويل ما قيمته 3.5 مليار دينار مقسمة بينه وبين بقية البنوك بواسطة سندات الخزينة .
التقليص بنقطتين من 13.4 % إلى 11.4 %
وصف المستشار لدى رئيس الحكومة المكلف بالملفات الاقتصادية عبد السلام العباسي في تصريح له لـ«المغرب» اللقاء الذي تمّ بين الوفد الحكومي ومحافظ البنك المركزي مروان العباسي بالايجابي وتمّ الاتفاق على التعاون المشترك للخروج من الأزمة التي تعيش على وقعها البلاد، مشيرا إلى أن الوفد الحكومي قدم مقترحات الحكومة والتي تتمثل بالأساس في التقليص من نسبة عجز الميزانية من 13.4 % إلى 11.4 % أي التقليص بنقطتين كما صرح بذلك رئيس الحكومة في النقطة الإعلامية، يقابلها تمويل بـ3.5 مليار دينار مقسمة بين البنوك والبنك المركزي بصفة غير مباشرة بواسطة سندات الخزينة، وأضاف أن التمويل الجملي كان يقدر بـ4.5 مليار دينار إلى غاية موفى الشهر الجاري منها سندات خزينة تقدر بـ1 مليار دينار سيقوم البنك الفلاحي بضخها إلى ديوان الحبوب وتبقى 3.5 مليار دينار وسيقوم البنك المركزي بمجهود إضافي لتمويل جزء منه والبقية ستتحمله البنوك.
تمويلات عن طريق سندات رقاعية
وبين محدثنا أن ضخ البنك المركزي في السوق النقدية سنة 2017 كان في حدود 16 مليار دينار وتراجع في جوان 2020 إلى 10 مليار دينار وفي سبتمبر 2020 تراجع إلى 8 مليار دينار وبالتدخلات الإضافية تصبح قيمة تدخل البنك المركزي 11.5 مليار دينار أي أقل من مستوى سنة 2017، بمعنى أنه إلى موفى 2020 تقدر التمويلات الإضافية بـ4.5 مليار دينار منها 1 مليار دينار رقاع خزينة سيتولى البنك الفلاحي شراءها لتمويل ديوان الحبوب و3.5 مليار دينار جزء منه ستتحمله البنوك وجزء آخر سيتحمله البنك المركزي بصفة غير مباشرة عن طريق البنوك باعتبار أن القانون لا يسمح للبنك المركزي بشراء سندات الخزينة مباشرة من الدولة. 
التقليص في دعم الحبوب والمحروقات
ووفق العباسي أبدى محافظ البنك استعداده لتقديم مجهود إضافي للدولة بعد إطلاعه على حقيقة الأرقام وطمأن الحكومة خاصة وأن المجهود الذي سيقوم به ليس كبيرا، مشددا على أن التقليص كان على مستوى الدعم المخصص للمحروقات وديوان الحبوب، بالرغم من أن الحكومة أرادات تغطية عجز هذه القطاعات طيلة سنة 2020 وبعد التعديل ستتولى فقط تغطية جزء منه (ديوان الحبوب وستير). وأضاف أن الحكومة أجبرت على التقليص بنقطتين والتدخل بالتقليص في نفقات دعم الحبوب والمحروقات مقابل تفاقم ديون عدة مؤسسات عمومية حيوية، مشيرا إلى أن دعم الدولة لـ«الستير» سيوجه إلى الشركة التونسية للأنشطة البترولية والأخيرة ستتولى إعادته إلى الحكومة في شكل مداخيل جبائية. 
0.3 مليار دينار مداخيل جبائية
وقامت الحكومة كذلك بجهود إضافية على مستوى تحسين تحصيل المداخيل الجبائية بقيمة 0.3 مليار دينار وفق العباسي، الذي أفاد أن الحكومة ستعيد مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2020 بهذه التعديلات في أقرب وقت ممكن. وذكر أن العجز الذي وجدته الحكومة كان برقمين بتجاوز 10 % والذي له عدة أسباب وبالوضعية الجديدة لمشروع قانون المالية المعدل لسنة 2020 فإنه تمّ الترفيع في العجز بنقطة فقط والتي من شأنها أن تمكن الدولة من توفير المواد الضرورية للمواطنين من القمح والمحروقات والضوء والنقل والتي تعدّ من أبرز أولويات الحكومة.
محافظ البنك المركزي يريد ضمانات
في المقابل أكد محافظ البنك المركزي مروان العباسي خلال جلسة الحوار مع مجلس نواب الشعب أن البنك يرفض تمويل عجز الميزانية التكميلي لسنة 2020 دون تقديم ضمانات بعدم تحمل أية مسؤولية في ارتفاع التضخم وانهيار الدينار، وحمل العباسي البرلمان ونواب الشعب مسؤولية المخاطر التي سينجر عنها اتخاذ قرار السماح للبنك المركزي بالتمويل المباشر لخزينة الدولة، وشدد على تمسكه بالمحافظة على مستوى التضخم الحالي، وقدم حلولا ممكنة تتمثل في آلية ترشيد الديون بالمؤسسات العمومية وحوكمتها والقيام بالإصلاحات الضرورية.