التيار يقدم رسميا مبادرته إلى رئيس الجمهورية: متى يطلق قيس سعيد حوارا وطنيا ؟

في خضم الازمات التي تمر بها البلاد تشخص الأبصار في اتجاه قصر قرطاج وهي تنتظر ان يطل صاحبه ويلقى طوق النجاة ، بان يدعو الى حوار وطني قد يكون

شاملا كما يري ذلك البعض او يكتفى بالملف الاقتصادي والاجتماعي كما يقترح ذلك التيار. الكل ينتظر ولكن يبدو ان الرئاسة في حاجة الى المزيد من الوقت، الذي سيكون مكلفا للآسف.

يشدد قادة التيار الديمقراطي على ان رئيس الجمهورية -في لقائهم به اول امس الاربعاء- تفاعل ايجابيا مع مبادرتهم الداعية الى حوار وطني اجتماعي واقتصادي بإشراف الرئاسة، بل يشيرون الى ان الرئيس اعلمهم بنيته تنزيل هذه المبادرة بعد استكمال التحضيرات لها.

وقال الامين العام للتيار غازي الشواشي انهم قدموا في هذا اللقاء مبادرتهم الداعية للحوار الوطني لحل الازمة الاقتصادية والاجتماعية والتي تقوم على ان ترعى رئاسة الجمهورية البمادرة وتدعو اليها، باعتبار انها تبحث عن تجميع كافة الاطراف، مؤسسات الدولة والهيئات العمومية والاحزاب البرلمانية وغير البرلمانية والمنظمات الوطنية والجمعيات وخبراء..الخ.
هذه المبادرة اقترحها التيار منذ اسابيع ولكنه قدمها بشكل رسمي لرئيس الجمهورية قيس سعيد قبل يومين، إذ يعتبره التيار الشخصية الاقدر على الاشراف ورعاية هذا الحوار، باعتباره الطرف الوحيد المؤهل لما خصه به الدستور من صلاحيات من بينها انه «رمز الوحدة».

هذا الرمز وفق ما قاله الشواشي وعد بالنظر في المبادرة ودراسة الاليات الممكنة لتنفيذها، وهو ما اعتبره الشواشي خطوة جيدة باعتبار ان الرئاسة ستنطلق في الايام القادمة في دراسة المبادرة والاستعداد لها، ومن ذلك ضبط الوقت واليات الحوار والممشاركين فيه وملفاته ..الخ.

ما نقل عن الرئيس في لقائه مع قادة التيار الديمقراطي يوم الاربعاء الفارط، تضمن عدة اشارات صريحة الى ان الرئاسة في طريقها للاستجابة للدعوات الممتالية بان تشرف على حوار وطني يضع تصورا مشتركا للخروج من الازمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة والتي تفاقمت بسبب الازمة الصحية التي ستؤثر على موعد اطلاق الحوار، مما يعنى انه قد يؤجل الى السنة القادمة.

مؤشرات تؤكدها كواليس رئاسة الجمهورية وتكشف ان قيس سعيد في طريقه لتنزيل الدعوات لحوار وطني على ارض الواقع ولكن كيف ومتى ومع من ؟ هذا ما لم يحسم، رغم ان جل الفاعلين في المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي تقريبا وان كان منهم من هم من خصوم الرئيس ينادون بذات الأمر وهو حوار وطني مع اختلاف في تحديد هوية الجهة التي تشرف عليه.

الارضية اليوم مهيأة للرئيس ليطلق حوارا وطنيا طالما انه يمثل الجهة السياسية الوحيدة التي تحظى بمنسوب ثقة ارفع من باقي المؤسسات والجهات، كما ان الاتحاد العام التونسي للشغل يدعم مقترح اشراف الرئاسة على الحوار ويتبناه. هنا الامر شبه محسوم تماما كذلك الخطوط الكبرى للحوار: اقتصادي واجتماعي، في انتظار حسم موعده.
إلا أن الشيطان يكمن في التفاصيل وهنا التفاصيل متشعبة، فالحوار الوطني المنتظر سيكون امام حتميتين إما النجاح او ان يشهد ما شهدته الحوارات السابقة خاصة إذا اعتمد على ذات المقاربة وبحث عن كسب الوقت بحلول ترقيعية لا تعالج الاشكال الجوهري في البلاد وسبب جل ازماتها.

وفي كلتا الحالتين الامر مرتهن بما سيوضع على طاولة الحوار والمراد تحقيقه عبر الحوار، اي هل سنعيد صياغة عقد اجتماعي جديد يعيد تعريف الادوار والعلاقات بين الجميع، مؤسسات الدولة والفاعلين السياسين والاجتماعيين والمجتمع والافراد، ام تجميل العقد المتآكل الحالي ببعض المساحيق لضمان حوار ناجح شكلا.
هذا ما ستقع الاجابة عنه بانطلاق الحوار الذي سيكون بمثابة الفرصة الاخيرة لتجنب الغرق الجماعي، فكل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية تبين ان هامش المناورة وتجنب الاسوء لم يعد ممكنا، فالأزمة بلغت أوجها ولم تعد البلاد قادرة على استيعاب كم الازمات المتشعبة بها.

حوار سيرتهن بادراك أصل الازمة ، اننا نفتقد لعقد اجتماعي جديد ولمشروع وطني جامع يعيد تحديد قواعد اللعبة واي دور للدولة في المجال الاقتصادي وأي منوال تنمية يتماشى مع امكانياتنا وقدرتنا وماهي الإصلاحات التي علينا القيام بها، بعبارات اخرى عقيدة جديدة للدولة وأجهزتها وإدارتها واحزابها ومنظماتها ومواطنيها إذا تعلق بالعيش المشترك.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115