المستشار لدى رئيس الحكومة عبد السلام العباسي لـ«المغرب»: الحكومة ستحاول مراجعة نفقات التدخلات في مشروع قانون المالية التعديلي 2020 وتقريب وجهات النظر مع البنك المركزي

سحبت رئاسة الحكومة مشروع قانون المالية التعديلي لسنة 2020 والذي تم إيداعه بمجلس نواب الشعب يوم 14 أكتوبر المنقضي وذلك تبعا لمراسلة وجهتها إلى البرلمان بتاريخ 30 أكتوبر

وقد علّلت الحكومة طلب سحب المشروع باعتزامها إعادة النظر في بعض أحكامه، وقد آثار مشروع القانون جدلا كبيرا خاصة بعد موقف البنك المركزي التونسي الرافض لتمويل نفقات الدولة عن طريق التداين الداخلي وذلك بتوفير 10.3 مليار دينار وذلك لأسباب عدة من بينها مخاوف من انزلاق الدينار، وحسب البنك المركزي فإن مشروع قانون المالية التعديلي يكشف عن عجز يفوق بكثير تداعيات الأزمة الصحية لـكوفيد-19، ليبلغ «مستوى غير مسبوق»، قدر بـ 13,4% من الناتج المحلي الإجمالي.
ولفت البنك المركزي إلى أنّه تبيّن لمجلس إدارته أنّه «ولمواجهة هذا الوضع، من المنتظر أن يتم تكثيف اللجوء إلى التمويل الداخلي، الذي سيصل إلى 14,3 مليار دينار في مشروع قانون المالية التعديلي، مقابل 2,4 مليار دينار حسب قانون المالية الأصلي، مما ستكون له تداعيات سلبية على التوازنات الاقتصادية». كما أشار إلى أنّ مشاركة القطاع البنكي في هذا الجهد لتعبئة الموارد عبر الاكتتاب في إصدارات الخزينة «من شأنه أن يسلط مزيدًا من الضغوط على السيولة، وبالتالي مزيدا من اللجوء إلى إعادة تمويل البنك المركزي». كما تمّ التأكيد على أنّ البنك المركزي «سيظل ملتزماً بالمهمة التي كرسها له المشرع، وهي الحفاظ على استقرار الأسعار، والإسهام في تحقيق الاستقرار المالي، طبقا للقانون المتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي».

توضيح أسباب ارتفاع العجز
وفق تصريح المستشار المكلف بالملفات الاقتصادية لدى رئيس الحكومة عبد السلام العباسي لـ«المغرب» فإنه الحكومة ستتولى إعادة مشروع القانون المالية التكميلي بعد إدخال بعض التعديلات عليه، مشيرا إلى أن الهدف من سحبه هو توضيح رؤية الحكومة وخاصة توضيح أسباب ارتفاع العجز إلى 13,4 % والبحث عن مخرج والتقليص قليلا من العجز وفي نفس الوقت ستعمل الحكومة على تفسير أسباب الوصول إلى هذه النسبة، قائلا «أول شيء نريد توضيحه هو أن مشروع قانون المالية التعديلي لسنة 2020 لم تعده حكومة السيد هشام المشيشي بل حكومة الياس الفخفاخ والتي تركت أيضا عجزا في الميزانية برقمين يتجاوز 10 % إضافة إلى ذلك فإن المداخيل الجبائية قد تراجعت بـ6 مليار دينار مع تسجيل نفقات إضافية بـ1 مليار دينار بسبب أزمة الكورونا مع فرضيات قانون المالية الأصلي لسنة 2020 غير واقعية ومتفائلة جدا باعتبار أن تلك السنة كانت سنة انتخابية بامتياز وتحديد نسبة نمو بـ2.7 % والحال أن في 2019 بلغت نسبة النمو 1 % والسؤال المطروح كيف سيتم بلوغ نسبة نمو بـ2.7 % والحال أن الحكومة لم تقم بأية إصلاحات اقتصادية؟».

3 آلاف مليون دينار نفقات التدخلات
وبين المستشار الاقتصادي لدى رئيس الحكومة أن الحكومة حين تولت مهامها وجدت عجزا بأكثر من 10 % إلى جانب ذلك فإن الوضعية المالية لعدة مؤسسات حيوية في البلاد خطيرة جدا وإذا لم تتدخل الدولة عبر تسديد جزء من ديونها فإن هذه المؤسسات لن تكون قادرة على توفير الخدمات الحياتية للشعب على غرار ديوان الحبوب والستير والستاغ والصيدلية المركزية، مشيرا إلى أن التدخلات التي ضبطتها الحكومة لفائدة عدة مؤسسات تبلغ 3 آلاف مليون دينار. وأضاف أن هذه التدخلات هي السبب الرئيسي في ارتفاع العجز بحوالي 3 نقاط من 10 % إلى 13.4 % وهي تمثل اللوازم الحياتية للشعب التونسي كالخبز والكهرباء والمحروقات والأدوية.

تغطية عجز سنة 2020 فقط
وقد وجدت الحكومة نفسها مجبرة على توفير ضروريات الحياة لكنها ستحاول مراجعة نفقات التدخلات وذلك بتغطية عجز سنة 2020 مع المحافظة على واجبها تجاه الشعب وتمكين هذه المؤسسات من «التنفس»، وفق تأكيد عبد السلام العباسي، الذي أفاد أن البنك المركزي يعي جيدا أن الحكومة السابقة قد تركت إرثا كبيرا وينضاف إلى تداعيات أزمة الكوفيد وتقلص المداخيل الجبائية والنفقات الإضافية الناتجة عن الكورونا وفي نفس الوقت فإن البنك المركزي يسعى إلى التحكم في نسبة التضخم والمحافظة على قيمة الدينار والحكومة تتبنى هذه الأهداف ولكن لديها أهداف أشمل وأكبر من ذلك والتي تكمن في توفير قوت التونسيين وهذه المسألة من أولويات الحكومة، ليشدد على أن الحكومة ستتولى إقناع البنك المركزي وتوضيح أسباب تدخلاتها على مستوى النفقات الإضافية، فضلا عن ذلك فإن هذا الإرث لا تتحمل مسؤوليته حكومة السيد الياس الفخفاخ بل كل الحكومات السابقة.

تقريب وجهات النظر
سحب قانون المالية التكميلي وفق محدثنا سيكون فرصة للحكومة لتوضيح الرؤية للرأي العام وحقيقة التدخلات الإضافية وأن العجز في الميزانية برقمين موجود قبل توليها المهام ولم تتسبب فيه، مشيرا إلى أن المسؤولية جماعية، «قائلا القانون لا يسمح للبنك المركزي بتمويل الميزانية مباشرة بل عبر الاكتتاب في إصدارات الخزينة والتي يتم توفيرها في السوق على أن تتولى البنوك شراءها. كما أوضح أن الحكومة ستعمل على تقريب وجهات النظر مع البنك المركزي التونسي وستبذل جهدا في تقليص النفقات الإضافية وهي متفائلة بالوصول إلى حلّ يرضي جميع الأطراف خاصة وأن البلاد تعيش وضعا استثنائيا فضلا عن ذلك فإن الحكومة عازمة على الانطلاق في الإصلاحات بداية من 2021 بالاشتراك مع كل الهياكل والمنظمات الوطنية دون استثناء وقد انطلقت في أولى خطواتها عبر الإجراءات المبوبة في مشروع قانون المالية لسنة 2021.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115