بعد استقالته من كل مهامه في الحركة لطفي زيتون يكشف: النهضة حزب ديني .. وهي عاجزة عن بناء الدولة

في نهاية الاسبوع الفارط اعلن لطفي زيتون عن استقالته من كل مهامه في حركة النهضة، هذا الإعلان لم يكن ليكون عابرا في ظل الصراع الداخلي المحتدم

في الحركة لولا افصاح الرجل عن انه ضاق ذرعا بعجز الحركة عن الانتقال من «جماعة» الى حزب وأنه تبلورت لديه قناعة بان الاسلام السياسي لا يصلح لبناء الدولة.

يوم امس كشف لطفي زيتون القيادي المستقيل من كل مهامه في حركة النهضة عن اسباب هذا الخيار، ليشرح في كل مداخلة اعلامية له انه وبعد انتساب لحركة النهضة لاكثر من 41 سنة قرر ان ينسحب من مهامه كخطوة اولى من المرجح ان تتلوها خطوات اخرى.
هذا القرار اعلن عنه وعن خلفياته ومنها عدم الاستماع الى مواقفه السياسية او اورائه ومقترحاته للخروج من الازمة السياسية ، ورفضه ان تصبح الصراعات الحزبية او الداخلية في الاحزاب ذات أولوية لدى الطبقة السياسية والحال ان البلاد تمر بوضع اقتصادي صعب وحرج إضافة إلى الوضع الصحي الخطير.
واعتبر أن الانشغال بالصراعات الثانوية والهامشية بدل الاهتمام بالملفات المركزية والاساسية أحد اسباب الاستقالة من عضوية مجلس شورى النهضة ومن لجنة الاعداد المضموني للمؤتمر الـ11 ومن كل المهام الموكولة اليه صلبها. لكنها ليست السبب الوحيد وفق زيتون الذي حمل حركته الجزء الاكبر من مسؤولية الفشل.
هذا التحميل للمسؤولية عبر عنه وعنونه بانه يحمل رئيس النهضة مسؤولية الكارثة السياسية التي وقعت «بسبب سوء تصرفه وعناده» وفق تصريح له لاذاعة «موزاييك»، كما يحمل المسؤولية الى كل الطبقة السياسية ومنها التيارات في حزبه، سواء الداعمين لرئيس الحركة او المعارضين له، اذ اعتبر انهم- التيارات- مثقلون بالكثير من المشاكل وتزاحم الشرعيات والطموحات مما أبد الصراع صلبها.

صراع استدعى الحديث عن مجموعة الـ100 وعن رفضها التمديد لرئيس الحركة بعهدة ثالثة، وهنا كشف زيتون ان المجموعة كما الشيخ منشغلون بموضوع «هامشي وثنائي» وانهما قاما باستغلال الدين في ادارة هذا الصراع الذي يفاقم مشاكل البلاد. وهنا وجه الرجل دعوة للطرفين بان «لا يقحموا الدين في خلافاتهم السياسية حتى لا يشوهوه».
تحدث زيتون كثيرا يوم امس ليشرح سبب اتخاذ قراره وكيفية تقييمه للمشهد السياسي التونسي وعن الحل الذي يراه للخروج من الازمة، وفي ثنايا كلماته اعلن الرجل انه يعتبر ان الاسلام السياسي عاجز عن ان يتطور من فعل احتجاجي الى فعل البناء والحكم وان النهضة فشلت في ان تتطور لتصبح حزبا سياسيا.
تلميحات لم يكد يقف عندها - في خضم المعطيات الوافرة التي قدمها الرجل عن جملة من الملفات- حى عاد في تصريح لـ«المغرب» الى هذه النقطة وقال انه يعتبر أن حركته عجزت عن التطور الى حزب سياسي والسبب انها ترغب في المحافظة على وحدتها لا في التطور، وهو ما جعلها تبحث عن مكان وسط لتقليص التناقضات صلبها، فكانت الايديولوجيا، اي البقاء على المرجعية الاسلامية.

الاستناد للدين لضمان تماسك الحركة امر بات غير ممكن التعايش معه بالنسبة للطفي زيتون، الذي قال انه لا يرى ضرورة لوجود حزب اسلامي في تونس، على اعتبار ان الدين مرجع مشترك للتونسيين ولا يمكن لحزب ان يحتكره او ان يمثله، اي انه لم يعد يرى من داع لاستمرار حركة النهضة كحزب ديني لان في ذلك اضرار بالدين وبالبلاد والاحزاب.
كما يقر بشكل صريح ان المرحلة الراهنة في تونس لا تحتاج الى احزاب اسلامية بل الى احزاب سياسية تقدم حلولا وتصورات حتى وان كانت تستلهم من الدين، لكن لا يمكنها ان تصبح «محتكرة للدين»، خاصة وان الاسلام «لا يحتاج الى حزب» في تونس.
انتفاء الحاجة يشرحه زيتون بان الاسلام السياسي حركة احتجاجية ضد الديكاتورية واليوم شهدت تونس انتقالا ديمقراطيا كشف فشل الاسلام السياسي في التطور من الاحتجاج الى بناء الدولة، واليوم وبعد 10 سنوات عن الثورة و4 سنوات عن مؤتمر الفصل بين السياسي والدعوي يقول زيتون ان التطور صعب على حركته.
هذا الموقف قال زيتون ان له انصار في النهضة وان هؤلاء سيبرزون للعلن في القريب، ولكن بغض النظر وقت بروز هؤلاء او من هم، ما قاله زيتون لا تكمن امهيته في كشفه للخلفيات التي قادت الصراعات في النهضة او حددت مواقفها، اذ يكشف انها بالاساس «ايديولوجية» اي «اسلاموية»، بل في اقراره ان ممثل الاسلام السياسي في تونس، النهضة، يعيش على وقع انفجارت داخلية، لا تتعلق فقط بالهيكلي والسياسي بل في «المرجعية».

اذ ان زيتون وما يمثله من وزن اعتباري ورمزي في حركة النهضة بحكم المواقع التي شغلها، فتح نافذة تنقل الصراعات والإرهاصات في الداخل النهضاوي، الى خارجها وتعلن عن ان الخلاف في الحركة لم يعد بشأن مستقبل رئيسها او مواقفها السياسية وخياراتها بل امتد ليشمل مرجعيتها ويبين ان قرار الفصل لم يكن فعليا.
فالنهضة اليوم كما كانت في السابق جماعة اسلامية، حتى وان خفتت حدّة هذا الجانب في الخطاب الرسمي او العلني، الا انه حاضر بقوة في النقاشات الداخلية وفي تحديد السياسيات، وهذه الجماعة لم تعد كما من قبل متماسكة لا يهتز بنيانها وانما متصدعة اعيتها سنوات الحكم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115