من التشتت في ظل سياقات وطنية واقليمية مزعجة، كما تعيش النهضة على وقع مبادرات متناقضة تفرق بين التيارات اكثر مما تجمع بينها.
يصف رفيق عبد السلام القيادي بحركة النهضة المبادرة التي تقدم بها رفقة عبد لكريم الهاروني بانها «مقاربة لتقريب وجهات النظر» تنطلق من ثلاثة افكار اسياسية الاولى ضمان وحدة الحركة والثانية التداول القيادي وثالثا أنّ هذا التداول يتم عبر المرافقة من زعيم الحزب، المنصب الذي يستحدث لصالح رئيس الحركة ويشدد عبد السلام على انه يقوم على التكامل والتعاون بين الرئيس والزعيم.
مبادرة تقدم بها الرجلان في 16 من اكتوبر الجاري تاريخ عرضها وفق عبد السلام على النهضاويين ومؤسساتهم لمناقشتها، لا باعتبارها مبادرة نهائية بل مشروع مبادرة معروضة على النقاش بهدف الوصول الى توافقات نهائية تشكل المبادرة التي ستعتمد لتجاوز الازمة.
ازمة انطلقت منذ أن انطلق الحديث عن «التمديد» لرئيس الحركة الذي يفترض ان يكون قد غادر موقعه منذ ماي الفارط، ولكن التطورات الحاصلة في المشهد النهضاوي والوطني حالت دون عقد مؤتمرها الـ11 وكان ذلك بداية انفلات الازمة من اروقة النهضة الى الفضاء العام.
ازمة يمكن عنونتها بالصراع على الانتقال القيادي في انهضة، وهو اما يصفه رفيق عبد السلام في تصريح لـ«المغرب» بالامر الطبيعي اي ان الانتقال القيادي امر محسوم ولا يمكن منعه لكن هذا الاستحقاق الطبيعي يقول عبد السلام انه لا يمكن ان يكون قائما على القطيعة الحادة.
هذا الشرط يقول الرجل انه يؤمن به مثل ايمانه بالانتقال القيادي وهو ما دفع الى طرح مشروع مبادرة يعتبر انها تزاوج بين البعد القانوني والبعد السياسي، اي ان يقع انتخاب رئيس جديد للحركة ولكن هذا مقترن بأحداث منصب الزعيم ليمنح لرئيسها الحالي ومؤسسها راشد الغنوشي. منصب يقول عبد السلام ان وظيفته «المرافقة» اي ضمان عملية الانتقال القيادي بسلاسة وتجنب الهزات والأزمات.
مرافقة يقول عبد السلام ان راشد الغنوشي قادر عليها لما له من خصال ستكون حاضرة في النقاشات صلب لجنة الاعداد المضموني للمؤتمر الـ11 الذي يشير الى انه مؤجل بحكم الامر الواقع وان الخلاف بشأنه اليوم يتعلق بمدة التأجيل وهل ستكون لسنة أو لسنتين ومتى ينطلق احتسابها، منذ ماي الفارط او بعد الوصول الى توافق.
نقاش صلب لجنة يقول عبد السلام انها مرحلة اولية لنقله الى الشورى، غير ان الحوار وان كان الرسمي منه في المؤسسات فان المبادرة مفتوحة امام النهضاويين لمناقشتها وابداء الراي فيها، وهي خطوة يبدو انا مرتبطة باشغال المؤتمر لاحقا. فالمؤتمر ووفق صاحب المبادرة سيكون هو الحاسم في الخيار وصاحب القرار الاخير.
قرار قال الرجل انه لن يكون عامل انقسام في الحركة، اذ وفقه فالجسم النهضاوي متوافق ومعتدل اعتاد على حسم خلافاته الداخلية بالتوافق لا بالذهاب الى حلول قصوى، وهنا يرد الرجل بشكل غير مباشر على انتقادات محمد بن سالم الذي اعتبر أنّ المبادرة غير مقبولة وقد تؤدي الى نتائج سلبية على الحركة.
فرضية وان قال بن سالم انها غير مطروحة اليوم الا انها تظل واردة ليقول ان الخيارات المؤلمة واردة إذا لم يقع احترام القانون في النهضة ووقع الدفع الى التمديد والتأبيد وفق قوله، وبن سالم هنا وان تمسك باسمه وباسم من يعارضون التمديد بالحرص على النهضة ونفي ان يكونوا سبب مس الوحدة فقد عمل جاهدا على ابراز موقف يقوم على ان ما يهدد وحدة النهضة عدم احترام قانونها.
قانون قال ان المبادرة التي تقدم بها رفيق عبد السلام والهاروني لا تحترمه، بل وانها مبادرة مضحكة تذهب الى تحقيق مكاسب اكثر مما طالب به الغنوشي نفسه، في اشارة الى احداث منصب الزعيم ومنحه للشيخ المؤسس في مخالفة للقانون الاساسي للحركة.
قانون يقول بن سالم، وهو من مجموعة الـ100، جعل ليطبق وان اية محاولة لتغيره من اجل الافراد غير مقبولة، وهنا دعا القيادي الرافض لتنقيح الفصل 31 الى ان يقوم أبناء الحركة الحريصون على وحدتها بالضغط على من يريد التلاعب بالقانون ليتراجع عن فعله، باعتبار ان عدم احترام القانون يعرّض وحدة الحركة إلى الخطر.
مواقف تكشف ان التيارات في النهضة تضم فصيلا يطالب باعلان الغنوشي عن عدم نيته الترشح، واخر يدافع عن تنقيح الفصل 31 والمبادرون بحل التأجيل ومنصب الزعيم، تضاف اليهم تيارات اخرى لم تتحرك بعد في العلن ولم تبد اي موقف.
كل هؤلاء يجمعهم اليوم شعار وحدة الحركة والحرص عليها، وواقع الحال أنها تمضى بخطى حثيثة الى التفكك في ظل تناقضات تشقها عبرت عن نفسها هيكليا وسياسيا.