من 10 إلى 23 أكتوبر الجاري 410 حالة وفاة و22 ألف إصابة جديدة: الثمن الباهظ للتراخي الكلي

سجلنا في تونس في الفترة الممتدة بين الـ10 من اكتوبر و23 منه 410 حالة وفاة ناجمة عن الاصابة بعدوى كوفيد-19 الذي قدرت حصيلة المصابين

به خلال ذات الفترة بـ21900 اصابة جديدة ليرتفع العدد الجملي الى 48 الف حالة مؤكدة.

هذه الحصيلة ثقيلة وتمثل 44 % من الاصابات الجملية بالفيروس وقد حصلت حوالي نصف الوفيات خلال كاملة الفترة الممتدة من مارس الى غاية 23 من اكتوبر الجاري، حصيلة تعادل مرة ونصف الحصيلة التي سجلت في الاسبوعين السابقين لها، اي بين 27 من سبتمبر و9 من اكتوبر الجاري.
هذه المؤشرات تدق ناقوس الخطر وتبين ان منحى العدوى بالفيروس يشهد تصاعدا مخيفا ينبئ بان البلاد على مشارف مرحلة الخطر، على الرغم من اقرار اجراءات استثنائية من بينها حظر الجولان ليلا في اغلب مدن الجمهورية و منع التظاهرات الرياضية والترفيهية والثقافية والأسواق الأسبوعية والحفلات مع تعليق صلاة الجمعة، والتلويح بالتشديد مع عدم تطبيق الإجراءات الوقائية و البروتوكولات الصحية ومعاقبة من لا يلتزم بها.

مؤشرات الاسبوعين الفارطين تكشف بشكل جلي ان مستوى تفشي العدوى بالفيروس قارب على ان يكون خارجا عن السيطرة في ظل عدم احترام كلي للبروتوكولات الصحية من قبل غالبية التونسيين في مختلف الأوقات سواء في الفضاءات العامة أو الخاصة، في ظل تساهل نسبي من اجهزة الدولة في فرض احترام الاجراءات الوقائية والبرتوكول الصحي.
هذا الوضع الصعب يتجه الى التفاقم في الايام القادمة خاصة وأننا نسجل معدل بـ1684 اصابة جديدة يوميا في الاسبوعين الأخيرين أي اننا لم نعد امام احتمالية الذهاب الى منعرج جديد في الجائحة بل نحن فيه وعلى مشارف بلوغ منطقة الخطر، التي ينبه كل الأطباء المختصين والمتدخلين في مقاومة الجائحة منها.

تنبيه يقوم على اننا قد نفقد السيطرة على مجريات الأمور وتفقد المنظومة الصحية القدرة على مجارات تصاعد نسق العدوى ، أي ان لا تتمكن من الاستمرار في تقديم الخدمات الضرورية من إيواء وإنعاش وتنفس اصطناعي لكل المرضى المحتاجين لهذه الخدمات .

خدمات تعتبر المعيار الأساسي الذي تبنى وفقه سياسة التوقى والاحتواء، فهذه الجائحة وعلى مستوي دولي باتت مقدرة المنظومات الصحية على مجاراتها من ابرز ادوات قياس القدرة على الوقاية، فمن له منظومة صحية قادرة على استيعاب أعداد متزايدة من المصابين بعدوى الفيروس وتوفير الرعاية الصحية لهم والأسرّة وأجهزة التنفس الاصطناعي وأسرّة في اقسام لعناية المركزة سيكون اوفر حظا في ادارة الازمة.

وغير خاف على احد في البلاد ان منظومتنا الصحية العمومية تعاني من صعوبات عدة سابقة للجائحة، وهي اليوم –العمومية منها بالأساس - تتعرض لضغط شديد اذ ان عدد المصابين بالعدوى والذين تتطلب حالتهم ايداعهم بأقسام العناية المركزة بلغ 169 حالة، والمعطيات التي وفرتها الدولة تشير الى وجود 180 سريرا بأقسام العناية المركزية مخصصة لمرضى الكوفيد-19.

أي انه لم يتبق غير 11 سريرا والحال ان هناك 1063 مريض في المستشفيات من بينهم 102 تحت جهاز التنفس الاصطناعي، كل الخشية ان تتعكّر حالتهم الصحية مما قد يستوجب نقلهم لأقسام العناية. هذا الرقم يكشف عن الوضع الصعب الذي بلغته المنظومة الصحية ، وحالة الضغط الذي تعانيه وما قد نصل الى لا قدر الله من وضع صعب.
مرحلة خطرة هذا ما تقوله الارقام التي سجلت في الاسبوعين الاخيرين ، ولكن يبدو ان الجهات الرسمية تنتظر انتهاء الاسبوع الرابع لتنفيذ اجراءاتها لتقييم مدى نجاعتها ومساهمتها في كسر المنحى التصاعدي للعدوى ام يجب اتخاذ اجراءات جديدة تعكس ادارك الماسكين بزمام الحكم اننا امام خطر عام ووطني وليس خطرا محليا وجهويا تمنح فيه للولاة صلاحيات ادارة الوضع الصحي دون تصور وطني واضح.

قد نعيش خلال الاسبوعين القادمين على وقع تطورات كارثية كان يمكن ان يقع تجنبها بالاستباق واتخاذ القرارات اللازمة لمنع انهيار المنظومة الصحية وبلوغ مرحلة الفرز واختيار أي المرضي الذين يقع تقديم الرعاية الصحية لهم في ظل عجز عن توفير الرعاية للجميع.
خطر يطل برأسه على البلاد ولكن يبدو ان المسيرين احترفوا اهدار الوقت والوصول بعد ان تحل الكارثة لإصدار قرارات كان بإمكانها ان تنقذ حياة بشرية، اليوم يبدو انه بات لزاما على حكومة المشيشي ان تستبق الامر وان تتحلى بالشجاعة والجرأة لإصدار قرارات والانطلاق في اجراءات لتجنب الطامة.
ومن الاجراءات ان تتبع الدولة سياسة اتصالية واضحة ومباشرة لا ان تترك الامر بيد اللجنة العلمية على اهمية ما تقدمه، وان تقع التوعية بان احترام البروتوكول الصحي والتباعد الاجتماعي ليس ترفا بل حتمية وضرورة للنجاة .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115