الرئاسة والحكومة ستمر باشهر عجاف صعبة وان التوتر بين المؤسستين سيعرف أشكالا مختلفة وتعبيرات تكشف عن ان الصدام وشيك.
بعد صمت لأكثر من يومين جاء النبأ من قصر الحكومة بالقصبة ليقول ان مصالح رئاسة الحكومة أعربت امس لمصالح الاعلام والاتصال برئاسة الجمهورية عن استنكارها لطريقة اخراج لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيّد مع رئيس الحكومة هشام المشيشي.
استنكار كان على خلفية ان الفيديو المنشور تضمن «إساءة لصورة الدولة كما انه يتنافى مع نواميس التعامل بين مؤسسات الحكم»، خبر نشرته اذاعة «شمس اف ام» عن مصدر مسؤول برئاسة الحكومة اكد للإذاعة ان هشام المشيشي قرّر رفض تصوير أيّ لقاء بينه وبين الرئيس في المستقبل وذلك لمنع توظيف التسجيل بطريقة مسيئة للدولة ولمؤسسات الحكم.
قرار قال المصدر انه يأتي حرصا من المشيشي على الحفاظ على علاقات وضوابط عمل طيبة بين مؤسستي الدولة وعلى الاستجابة لكل دعوات رئيس الجمهورية للخوض في الوضع العام ومعالجة المشاكل .
لكن يبدو ان ما لم يقله المصدر المسؤول ان المشيشي مستاء لا من نشر التسجيل بل من حذف رده على تعليقات الرئيس بشأن التعيينات، أي انه وقع حذف دفاعه عن نفسه من التسجيل الذي نشرته الرئاسة قبل ايام في صفحتها على الفايسبوك.
هذا الخبر المتصل بما نشر خلال اليومين الفارطين بشأن اللقاء بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، أراد فيه المشيشي الدفاع عن نفسه بعد صمت ولذلك قرر عدم القبول بتسجيل أي لقاء مع الرئيس من منطلق حرصه على عدم الاساءة لمؤسسات الدولة. لكن مصالح رئاسة الجمهورية نفت اتصال رئاسة الحكومة بها واعلامها بقرار المشيشي .نفي ينسف مروية الحكومة في الانتصار لرئيسها المشيشي ورفضه ان يقع توبيخه ونشر التوبيخ على الملإ.
لكن ذلك لا يحول دون بروز مؤشرات هامة تتعلق بكنه العلاقة بين المؤسستين، وكيفية تمثلها لدى الطرفين، فرئاسة الجمهورية وما تضمره وتتبناه من تصور لعلاقتها برئاسة الحكومة جوهره الاساسي تصور الرئيس قيس سيعد لشكل النظام السياسي ولصاحب «شرعية» تمثيل الدولة والشعب.
أي ان الرئيس وفي علاقته ببقية المؤسسات ، التنفيذية والتشريعية ينطلق من كونه «الرئيس الوحيد» ومما يعنى ان صلاحياته لا حدود لها، في المقابل يبدو ان رئيس الحكومة وتمثله لعلاقته بالرئيس يقوم على مبدإ الخوف من «المجهول» مما يحتم عليه تجنب أي مغامرة او تصعيد، وذلك لان المشيشي كما البرلمان مسكونان بهاجس الخوف مما قد يصدر عن رئيس الدولة الذي لم يحتج إلى احد بعد لاستباق خطواته ومعرفة أي خطوة قد يتجه اليها.
فالرئيس بالنسبة للبقية «مجهول» لا يمكن توقع خطواته او معرفة مدى مواصلته إذا اشتدت الازمة وما هو الخيار الذي يجنح إليه، خاصة في ظل غياب محكمة دستورية تكون الفيصل في تأويل النص الدستوري وفصوله ، إذن نحن الان امام واقع اقره الرئيس بان قراءته للدستور وتأويله ملزمة للجميع.
لذلك يبدو اننا امام علاقة مختلة بشكل كبير لصالح الرئيس على حساب رئيس الحكومة الذي يبدو انه ادرك ان كل خيوط اللعبة قد سحبت من يده.