وزيرة الشؤون الخارجية الاسبانية أرانتشا غونثاليث لايا في حوار خاص لـ « المغرب»: زيارتنا لتونس هي زيارة من أجل شراكة استراتيجية مع بلد متوسطي نتقاسم معه الرغبة في الاستقرار في المنطقة

حوار: زياد كريشان وروعة قاسم 

• بحثنا مع تونس وضعية 700 مهاجر في مليلية ونسعى إلى إيجاد الحلول لهذه المشكلة

تطرقت وزيرة الشؤون الخارجية الاسبانية أرانتشا غونثاليث لايا في هذا الحديث الشامل الخاص لـ«المغرب» - على هامش زيارتها لبلادنا - الى مختلف الملفات والقضايا المشتركة بين اسبانيا وتونس لاسيما كيفية تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي ودفع الاستثمار . كما تطرقت الى التحديات التي تواجه المنطقة مثل ظاهرة الهجرة غير النظامية مشيرة الى ان هناك مافيات وعصابات إجرامية تقوم بتهريب البشر، وان هذا الخطر المشترك يفرض على الجميع التعاون لمجابهته . وقالت بأن هناك حاجة اليوم الى طاقة سياسية جديدة دافعة لحل الأزمات في المنطقة . مؤكدة بأن نمو واستقرار وازدهار تونس هو أيضا نمو واستقرار لأوروبا. كما تحدثت غونثاليث لايا عن الوضع في المنطقة وفي العالم بعد جائحة كورونا والتحديات التي فرضتها . وشددت على ضرورة تفعيل الشراكة الإستراتيجية بين تونس واسبانيا.
• كيف كانت زيارتكم الى تونس وما نتائج لقاءاتكم مع رئيس الجمهورية قيس سعيد ووزير الخارجية؟
تدرك اسبانيا بأن تونس كبلد متوسطي يجب أن يكون في طليعة الدول التي نهتم بتعزيز العلاقات معها لتصبح أكثر متانة . صحيح أن هناك مبادلات تجارية بين البلدين لكن الأهم بالنسبة إلينا هو أن تكون بيننا علاقات استراتيجية هامة جدا ، بما أننا جيران متوسطيون نتقاسم البحر المتوسط الذي يعطينا الكثير من المزايا. يجب أن تكون هذه المنطقة المتوسطية مكانا للاستقرار . من هذا المنطق أعتقد انه من المهم بمكان العمل سويا لتجاوز حالة اللا استقرار . ولذلك تناقشت مع رئيس الجمهورية التونسي ووزير الخارجية وكذلك مع عديد القوى الفاعلة حول الوضع الجيو استراتيجي في المتوسط . وتحدثنا حول الوضع في ليبيا ، ونرى ان هذا البلد أصبح ممرا للا استقرار في المنطقة بسبب الهشاشة التي وصلت اليها ويتأتى عن ذلك مخاطر جمة . لذلك نحن نريد القضاء على هذه المخاطر لأن منطقتنا المتوسطية تعتبر مهمة جدا بالنسبة لأوروبا.
كما أعتقد أن من المناطق الهشّة شرق المتوسط بسبب الخلاف بين اليونان وقبرص وتركيا . فهذه المشاكل تعود بالمضرة على النسج الاجتماعي والاقتصادي في البحر المتوسط. من هنا كانت زيارتنا لتونس من أجل شراكة استراتيجية مع بلد متوسطي نتقاسم معه الرغبة في الاستقرار في منطقة البحر المتوسط.
ويوم 10 سبتمبر القادم سيكون لنا اجتماع الى جانب عديد الدول المتوسطية بمبادرة من الرئيس الفرنسي، وسيكون هذا الاجتماع فرصة للاستماع الى جيراننا المتوسطيين وسنتمكن حينها من تكوين أفكار واضحة عن الوضع العام والمشاكل المشتركة.
• في ما يخصّ العلاقات الثنائية ، فإن وضعية اسبانيا في تونس ليست سيئة فأنتم حريفنا الرابع والمستثمر السادس، لكن منذ سنوات طويلة ، يسود شعور عام لدى الفاعلين الاقتصاديين التونسيين والإسبان بأن علاقاتنا الاقتصادية يمكن أن تتطور بوتيرة أسرع بكثير مما هي عليه الآن وبطريقة أقوى ومهمة للطرفين. فما الذي يعيق هذا التطور برأيكم؟
كما ذكرت، فإن مستوى العلاقات المشتركة ليس جيدا، واذا قارنا وضع المؤسسات الإسبانية في تونس بوضع المؤسسات الفرنسية والإيطالية نقول أنه غير سيء ولكن هناك إمكانية لمزيد التطوير. وفي هذا الإطار فإن الحكومة الاسبانية التي تسلمت مهامها في جانفي الماضي، قررت ان تهتم أكثر ببلدان المتوسط بنظرة جديدة ورؤية مغايرة ونعتقد أنه خلال العشر سنوات الأخيرة ، وبسبب الأزمة الاقتصادية لسنة 2008 ، أصبحنا نركز على التصدير أكثر ولم نعد نركز على مؤسساتنا الإسبانية المستثمرة في بلدان أخرى . وربما نسينا جيراننا الأقرب لنا وتونس في مقدمتهم . في الآن نفسه حدثت في تونس تحولات لا تشجع على الاستثمارات الخارجية ، ويمكن أن يكون ذلك من الأسباب التي لم تجعلنا نعطي أهمية أكبر للعلاقات الثنائية. لقد حان الوقت للنظر في هذه العلاقات الثنائية وفي كيفية تطويرها وهذا كان محور لقائي برئيس الجمهورية، ومع السيد وزير الخارجية. فالوقت حان لتطوير مناخ الأعمال والعناية بالمؤسسات الكبرى والصغيرة والمتوسطة . وستكون لنا بعد عام قمة مشتركة اسبانية تونسية ونحن نقوم بالتحضيرات اللازمة لذلك مع مؤسساتنا، كما كان لدي لقاء مع أصحاب المؤسسات التونسيين وعدد من رجال الأعمال، وكونّت فكرة واضحة على وضعية المؤسسات هنا، واطّلعت على المجالات التي يمكن أن يتحقق فيها التعاون بصفة كبيرة . على سبيل المثال القطاعات والطاقات المتجددة الصناعات الغذائية والتعاون في الصناعات الالكترونية وغيرها والخدمات التربوية والتعليم وقطاع الصحة . ونسعى الى إعطاء دفع أكثر للمؤسسات الإسبانية المتواجدة في تونس .
• ولكن مع الموجة الثانية من كوفيد 19 وانعكاساتها على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية وربما على الاقتصاد العالمي، هل سيؤثر ذلك برأيكم على مناخ الاستثمارات في القطاعات التي تحدثتم عنها؟
لدينا قناعة اليوم بأن كوفيد 19 سيتسمر معنا لفترة طويلة وأعمق ، ويمكن ان يزيد انتشاره وتوقعنا ذلك سابقا ، ولكننا تعلمنا كذلك من الموجة الأولى التي حدثت في أوروبا كيفية مواجهة هذا الوباء والتعايش معه . وعندما نقول أوروبا، نقصد أيضا الفضاء المتوسطي لأننا جميعا ننتمي الى المجال المتوسطي نفسه ، ولدينا الرؤية نفسها وتعرضنا للموجة نفسها في الوقت نفسه . ويمكن القول هنا أن موجة العدوى الأولى حصلت في آسيا والثانية في أوروبا ومسّتنا سويا ، فيما حصلت الموجة الثالثة في قارة أمريكا . لقد تعلمنا كيف نتحكم على المستوى الصحي بهذا الوباء ونواجه الفيروس بإجراءات صحية واجتماعية خاصة، كما بتنا نعرف عن هذا الفيروس أكثر . صحيح أنه سيبقى معنا الى فترة طويلة ولكننا تعلمنا كيف نتعايش معه . هناك قطاعات في الاقتصاد سنعيد تحريكها مجددا ، وأقصد خصوصا القطاع الصناعي ، على غرار الصناعات الغذائية. لكن هناك قطاعات أخرى ستواجه صعوبات أخرى متعلقة خصوصا بتحركات الأشخاص على غرار قطاع السياحة . وتونس واسبانيا تواجهان نفس المشكلة في هذا القطاع .
• بعد ربع قرن على انطلاق مسار برشلونة والحديث عن الازدهار المشترك بين ضفتي المتوسط، ألا تعتقدون أننا ما زلنا نراوح في المكان نفسه ؟
من الخطإ القول بأننا لم نتقدم ولم نتحسن في مسار برشلونة، فقد تقدمت كل دولة في هذا المسار. وكما ظهرت مشاكل أخرى في المتوسط إضافة الى المشكلة القديمة أي الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي ، ظهرت كذلك الأزمة الليبية، وأزمة تركيا وقبرص واليونان، وهي بين أخذ وجذب فأحيانا تتصاعد وأحيانا تركن الى الهدوء. لذلك غير صحيح القول بأننا لم نتقدم في مسار برشلونة .
ونحن اليوم بحاجة الى طاقة سياسية جديدة للتقدم سويا في مختلف المسارات.
صحيح أن كل دولة على حدة تقدمت خطوات الى الأمام، ولكني أعتقد بأنه يجب أن يكون الازدهار متبادلا ، فلدينا ما يجمعنا.
• يعني هل تقصدون بأن عملية تقاسم هذا التطور والازدهار المشترك لم تتقدم عموما ؟
تطور الازدهار المتبادل في المستوى العام ، لكن على أساس اللامساواة. فالثروة في تونس مثلا زادت منذ تلك السنوات ولكن تقسيمها في الداخل لم يكن عادلا . لذلك لا يجب تعليق كل الفشل على العلاقات الأور متوسطية.
وفي بالمقابل، هناك عديد الملفات التي لم ننبته اليها في سنة 1995 مثل ظاهرة الاحتباس الحراري والتغير المناخي . في سنة 1995 لم يكن هذا الملف على قدر من الأهمية لطرحه، ولكنه الآن أصبح مهما جدا ، لأننا اليوم نتألم كثيرا في ضفتي المتوسط وحتى بحرنا يتألم من هذا التغير المناخي .باختصار نحن اليوم بحاجة الى طاقة دفع سياسية جديدة ولسنا بحاجة الى مؤسسات او الى إعادة هيكلة. وهذا ما سنتناقش حوله في الاجتماع المقرر في 27 نوفمبر القادم في برشلونة بمناسبة ذكرى انطلاق وميلاد هذه الشراكة الأورو متوسطية .
• كيف يمكن لإسبانيا -ومن ورائها الاتحاد الأوروبي- مساعدة تونس في ظل الصعوبات التي تعانيها بسبب وباء كورونا الذي أثرّ على اقتصاديات الدول؟
لقد قدم الاتحاد الأوروبي مساعدة لتونس بقيمة 250 مليون يورو في شكل «هبة»، من أجل دعم البلاد في مواجهة فيروس كورونا. واسبانيا -كجزء من هذا الاتحاد الأوروبي- كانت من أوائل الدول التي ضغطت باتجاه هذا الدعم وتقديم هذه الهبة الأوروبية . وتمّ استغلالها من أجل مواجهة التحديات الصحية والاقتصادية لتجاوز المحنة. لقد سارعت أوروبا الى دعم تونس لأنها تدرك أهمية هذا البلد بالنسبة للمنطقة ولها أيضا. فاستقرار ونمو تونس هو نمو واستقرار لأوروبا . ويجب إيصال هذه البيداغوجيا لمواطنينا حتى يدركوا بأن تقديم الدعم لتونس للحفاظ على استقرارها ونموها سيساهم أيضا في استقرار ونمو الاتحاد الأوروبي .
• ما ذكرتيه مهم ، لكن كيف تفسرين بأن باقي جيراننا الأوروبيين لا يفكرون بنفس الطريقة و الهم الوحيد لدى كل دولة هو كيفية المحافظة على أمنها واستقرارها وحماية بلدانها من موجات الهجرة القادمة اليها، ولديها هاجس واحد هو الأمن وإيقاف الهجرة السرية ؟
نحن كبلدان متوسطية ، وتونس معنا ، نتقاسم هاجس محاربة المافيا والجريمة المنظمة وتجارة تهريب المهاجرين النشطة. فأغلب المهاجرين اليوم وقعوا فريسة لمافيات تهريب البشر . هذه التجارة التي تدرّ عليها أرباحا طائلة على حساب شباب المنطقة . وأتصور ان تونس واسبانيا - باعتبارهما دولتيين ديمقراطيتين - لديهما الأجندة نفسها في مقاومة العصابات الاجرامية والمافيات - ويجب تسمية الأشياء بمسمياتها - لسنا ضد تنقل الأشخاص والدليل ان اسبانيا اليوم هي الوجهة المفضّلة للتونسيين للدراسة وبلادنا تستقبل النخب ومقاومة الهجرة لا تحدد علاقاتنا مع جيراننا . وبالنسبة للهجرة غير الشرعية لدينا تحد مشترك وليس تحديا اسبانيا فقط لمقاومة الهجرة السرية التي هي نوع من أشكال الجريمة .
• هل تحدثتم مع الرئيس التونسي حول مشكلة المهاجرين التونسيين في سبتة ومليلة والذين يعيشون في ظروف سيئة؟
أكيد تحدثت مع السلطات التونسية في موضوع المهاجرين المتواجدين في سبتة ومليلية، ومن المؤكد أنه تقف وراء هذا الموضوع عصابات إجرامية تتقاضى الأموال من التونسيين وهي تقدم لهم وعودا بالهجرة الى أي مكان في أوروبا وأن بإمكانهم الدخول الى اسبانيا عن طريق مدينة «مليلية» الاسبانية. فتّوجه هؤلاء المهاجرون من تونس الى المغرب دون تأشيرة ليمروا من خلالها الى مدينة «مليلية» بوثائق شخصية مزورة، وفجأة ازداد عددهم وأصبحوا الآن 700 تونسي يطالبون باللجوء السياسي الى اسبانيا . وهذا ما تفاجأنا به حقيقة، لأن تونس دولة ديمقراطية ، وطالب اللجوء السياسي ، يعاني عادة من أنظمة ديكتاتورية . فاللجوء يُعطى لمواطني الدول التي تحدث فيها انتهاكات لحقوق الانسان ولا يعطى لمواطنين قادمين من دولة ديمقراطية . وتونس بلد ديمقراطي وبإمكان أي مواطن أن يمارس فيه حقوقه وواجباته . وهذا ما يؤكد بأن وراء زيادة تدفق المهاجرين عصابات اجرامية. وقد دخل البعض الى «مليلية» وقمنا بما نستطيع عمله لإعادتهم لتونس . وهم ليسوا مساجين ففي اسبانيا لا توجد معتقلات لحبس هؤلاء . بل هم في مراكز إيواء تمّ فتحها في «مليلية» . ورسالتنا واضحة لهذه العصابات بأن هذا الطريق ليس للهجرة السرية، ولا نستطيع التسامح مع هذه النشاطات غير القانونية .
• لقد تضررت تونس كثيرا جراء تدخل «الناتوّ في ليبيا ، وانعكس ذلك بشكل مباشر عليها أمنيا واقتصاديا، وزاد من تدفق وازدياد أعداد المهاجرين فما رأيكم؟
من الواضح أنّ الأزمة الليبية كان لها تأثير سيء على تونس على المستوى الاقتصادي . اذ أن تونس لديها معاملات اقتصادية كبيرة مع ليبيا بالدرجة الأولى. وزادت الأزمة في ليبيا من أعداد اللاجئين في تونس والتي أخذت على عاتقها الاهتمام بأمورهم الصحية والتربوية اللازمة.
• اذن هل لدى الأوروبيين تصوّر لحل الأزمة في ليبيا ؟
الحل في ليبيا لا يمكن أن يكون من الخارج بل من الداخل، عبر الحوار الفعّال بين الليبيين أنفسهم . نحن كاتحاد أوروبي نستطيع دعم ذلك وقد حرصنا من خلال دور الأمم المتحدة على تفعيل قرار حظر السلاح على الأطراف الليبية . ونحرص أيضا على عدم ترك الدول الخارجية تقوم بدور سلبي في ليبيا .
• البطء في حل الأزمة الليبية عقّد الوضع في المنطقة وقد عمقت التدخلات الخارجية الأزمة أكثر ولم تؤد الى حل ناجع فماذا تقولون؟
متفقة معكم تماما ، نحن كإسبان لدينا موقف واضح وهو إيقاف التدخلات الخارجية التي تعيق حل الأزمة في ليبيا . وسعينا في اطار مؤتمر برلين مع الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص، إلى إيجاد اطار يتحاور فيه الليبيون . وهذا لا يمنع بأن هناك أطرافا أخرى تلقي الحجارة وتعرقل كل هذه الخطوات وتزيد من تعقيد الأوضاع في ليبيا .
• على مدى السنوات الماضية، بقيت عديد الأزمات في المنطقة دون حل ، فإلى جانب القضية الفلسطينية ، اندلعت أزمة سوريا والآن تركيا واليونان ، ولدينا شعور بأن أوروبا عاجزة عن حلّ المشاكل في البحر الأبيض المتوسط وهي ليست قوية على مستوى حفظ السلام في المنطقة فكيف تنظرون الى ذلك؟
لا تستطيع أوروبا حل كل المشاكل لأنها تتعلق بأمور داخلية منها الثورات التي تحصل في الداخل ، ولا تستطيع أوروبا التدخل في الشؤون الداخلية على غرار ما حصل في تونس ومصر .. والأزمة التي اندلعت في سوريا زادت من تعقيد الأوضاع خاصة أنها نشأت في منطقة مشتعلة . ولا ننسى أنها تعيش على وقع الصراع العربي الإسرائيلي أيضا . لقد قدم الاتحاد الاوروبي الكثير من الدعم الاقتصادي وعانى حتى يوفر ذلك ، من هذه الناحية وأعطي لبنان كمثال كبير . كما ساهمنا في بناء البنية التحتية في فلسطين، وفي كل مرة كانت تُدمّر جراء الحرب وكان الاتحاد الأوروبي يدفع الثمن دائما ويعيد بناء ما تهدّم . في فلسطين وفي مختلف الصراعات يجب على الدول ان تحلّ مشاكلها الداخلية بينما يقوم الاتحاد الاوروبي بدعمها ماليا واقتصاديا ّ.
• رغم القوة الاقتصادية التي يمتلكها الاتحاد الاوروبي إلا أنه ليس فاعلا سياسا، وهناك قوى أخرى برزت مثل روسيا والولايات المتحدة الامريكية ، وهناك قوى أقل حجما مثل تركيا لكنها تلعب دورا سياسيا في المنطقة، في حين ان دور الاتحاد الاوروبي في تراجع أمام هذه القوى ، وقيم حقوق الانسان الأوروبية لا تتقدم في العالم ولا تأخذ حجمها رغم أن عديد الثورات التي حصلت ومنها الثورة في تونس تتبنى قيم الحريات وغيرها ؟
أعتقد أن ما نعيشه بمثابة تحولات لعالم جديد، العالم اليوم أكثر تنوعا ومتعدد الأقطاب ، وأؤكد مجددا أننا نحتاج الى طاقة سياسية جديدة دافعة لحل الأزمات في المنطقة . فمنذ أزمة 2008 هناك إعادة خلط للأوراق والعالم بصدد التغير. هناك صعود للصين كقوة هامة ، وصراع بين الولايات المتحدة والصين وهناك التحالف الأمريكي الأوروبي الذي يبقى مهم جدا ولكنه اليوم بحاجة الى تغيّر في المفاهيم والمراجعات . وجاءت أزمة الكوفيد التي صعّبت وعمّقت الكثير من المتغيرات في العالم الجديد .
• الاتحاد الأوروبي يواجه أزمة داخل حدوده البحرية وتتعلق بهذا الصراع على الغاز بين اليونان وتركيا ، فكيف يمكن لإسبانيا والاتحاد الأوروبي التعامل مع هذه المشكلة؟
اذا تعلق الأمر بخلاف بين هذه الدول على الحدود المائية فان الأمر يُفضّ بالمفاوضات خاصة أن بين دول المتوسط وتوجد عديد الحدود البحرية التي لم يقع ترسيمها والاتفاق عليها بعد. لأن الحدود المائية والبحرية متداخلة وحقوق بعض الأطراف يمكن أن تتداخل مع حدود وحقوق الطرف الآخر . يجب تطبيق الشرعية الدولية ولا بد من المفاوضات بين الدول فيما بينها ، خاصة وان هذا التداخل أحيانا لا يحصل فقط بين مياه دولتين بل بين مياه عدة دول . واذا تعلق الأمر بالغاز في شرق البحر المتوسط، فإن الأمر يُحلّ بالمفاوضات . واذا تعلق الأمر بمفهوم القوة في المتوسط، لا بد من احترام الحدود الموضوعة واحترام الجيران . بالنسبة لنا نظرتنا لهذه المسائل وموقفنا واضح ، اذ ليس هناك طرف يستقوي على طرف آخر في المتوسط وكل شيء يتمّ حله من خلال المفاوضات .
• في ما يتعلق بالملف النووي الإيراني ، فإن الاتفاق النووي بين ايران والغرب مهدد الآن بسبب الموقف الأمريكي، فما هو دور الأوروبيين في هذا الملف ؟
في ما يتعلق بهذا الملف أعتقد ان دورنا السياسي يعطي مثالا جيد حول كيفية تصرف الاتحاد الأوروبي . فقد وصلنا الى اتفاق مع ايران وكانت هذه الوسيلة الوحيدة لردع طموحات ايران النووية وترشيدها . البعض يقول ان موقف الاتحاد الأوروبي في الملف الإيراني «ساذج» . لكن نظرتنا للعالم ليست أحادية ، ونحن لا نفرض تطبيق القانون بالقوة بل نحترم حقوق الانسان ونحاول ان نصل الى حلول بالاتفاقيات. غيرنا يسمي ذلك «سذاجة» ونحن نسميه العدالة الدولية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115