لصالح حكومة هشام المشيشي من عدمه، فالحركة وعلى غير السابق قررت ان يتخذ القرار في مجلس الشورى.
خيار سيقدم من قبل قادة النهضة على انه تكريس للديمقراطية وتسويقه بشكل لا يكشف عن السبب الفعلي المختلف لاتخاذه، هو تغيير في التوازنات سواء صلب الحركة او في المشهد العام التونسي.
فشورى النهضة وفي معالجته للملفات الكبرى او ذات الحساسية كان وفيا لخيار بعينه وهو رسم توجهات كبرى وتفويض المكتب التنفيذي ورئيس الحركة بتقدير الموقف النهائي واتخاذه، لكن في هذه المرة ورغم اهمية الرهان وحساسيته التوجه سيكون طرح الامر على التصويت واتخاذ القرار بشان الحكومة وفق نتائجه.
هذا الخيار يعود الى اختلاف في تقدير الموقف من الحكومة المقترحة صلب النهضة، هناك فريق يدفع لصالح منح الثقة وحججه متعددة ابرزها ان المرحلة تتطلب استقرارا سياسيا وان المغامرة برفض حكومة المشيشي قد تقود الى حل البرلمان والى انتخابات تشريعية مبكرة.
هنا مربط الفرس «حل البرلمان» او الورقة العليا في اللعبة السياسية اليوم، فالنهضة او غيرها من الكتل والاحزاب السياسية الممثلة في البرلمان تقدر موقفها لا من خلال مقاربة الاقتناع بحكومة المشيشي وبخيارتها بل تقدر موقفها وفق ما تخشاه اكثر: حل البرلمان او مرور الحكومة، وهنا حل البرلمان هو الخوف الاكبر لجل الكتل.
ورقة ألقى بها مع بداية المشاورات فتحكمت في نسقها ومنحت المكلف نفوذا على الاحزاب والكتل مما مكنه من فرض رأيه عليهم رغم محاولات الاحزاب التاثير عليه وفيه لينتهى الامر الى شبه اقرار بان حكومة المشيشي ضمنت نيلها الثقة حتى قبل تقديم تركيبتها.
اقرار تعزز مع مرور الايام لكنه وخلال الساعات الفارطة بات موضع شك بعد تغيير هام جد في المشهد، تغيير كشف عنه في اجتماع مكتب مجلس النواب الاخير الذي اشار فيه رئيسه راشد الغنوشي الى انه خلال لقائه برئيس الجمهورية اعلم بان الاخير لا نية له بتغيير البرلمان مهما كانت نتيجة التصويت.
نية نقلها الغنوشي لبقية اعضاء المكتب ومنهم نقلت الى الاحزاب وان ظلت محل كتمان لكنها كشفت عن نفسها في تغير طفيف على سلوك النهضة ومن خلفها باقي الكتل والأحزاب ، فالحركة وبقرارها ان تطرح مسألة التصويت على منح الثقة لمجلس الشورى المزمع انعقاده غدا الاثنين ، كشفت عن فتات الخبز الذي قاد الى رئيس الجمهورية.
فقول الرئيس ، وفق ما نقله عنه رئيس مجلس النواب، انه لن يذهب الى حل البرلمان إذا فشلت الحكومة في المرور، فيه رفع للضغط من على صدور الاحزاب، او بالاصح انهاء حالة الخوف من الانتخابات التشريعية المبكرة، واطلاق يد الاحزاب لتقرر مصير حكومة المشيشي.
خيار اتخذته الرئاسة سيحدد دون شك مصير المشيشي وحكومته، خاصة وان قائمة الممتعضين والرافضين لحكومته ولطريقة ادارة المشاورات اطول من قائمة المساندين وأبرز الغاضبين حركة النهضة التي ستجد نفسها اليوم بعد قرار رئيس الجمهورية في طريق مفتوح لإسقاط حكومة المشيشي.
خيار إذا اتخذته النهضة ستجد حلفاء لها قد اصطفوا خلفها، بعد ان ضمنوا ان لا خوف عليهم من حل البرلمان، وان الرسالة التي ابلغت اليهم من الرئاسة قد تكون بداية لمخرج جديد من الازمة السياسية.
هذا ما قد يتلقفه المتفائلون من الطمأنة، لكن هل تكون كافية لهم للذهاب في خيار رفض حكومة المشيشي واحداث فراغ في السلطة التنفيذية -وان ظلت حكومة الفخفاخ تقوم بمهمة تصريف الاعمال- في ظل ازمة اقتصادية واجتماعية وسياسية.