مركب نسبيا قوامه التصويت بنعم مع التمسك برفض منح الدعم السياسي لحكومة الرئيس بحكم الضرورة، مما يجعل السؤال لا يتعلق بمرورها من عدمه بل إذا مرت كيف ستحكم وكم ستصمد ؟.
مرت اكثر من 48 ساعة منذ ان كشف هشام المشيشي، المكلف بتشكيل الحكومة، عن فريقه الحكومي الذي سيتجه به الى مجلس النواب لنيل الثقة، وكل المؤشرات تبين أنه لا جديد في المشهد الذي لا يختلف عما كان عليه قبل الاعلان عن التركيبة، من اعرب عن رفضه ظل متمسكا به ومن ابدى قبوله مجبرا ظل محافظا على موقفه ماعدا النهضة التي ظلت مواقفها تقترب ساعة من الرفض وتبتعد عنه، في ظل نقاشات داخلية صلبها لضمان توافق داخلي قبل صياغة موقف نهائي من حكومة تعتبرها النهضة بكل صراحة حكومة الرئيس، لا لاختياره المشيشي منذ البداية بل لما تضمنته تركيبة الحكومة من اسماء لها ارتباط بالرئيس، خاصة في الوزارات السيادية.
كل هذا لا يعنى ان حكومة المشيشي فقدت حظوظ مرورها في البرلمان ، فهي ستمر طالما ان الكتل الرئيسية حافظت على ذات الموقف واسبابه، فالحكومة اليوم لا اعتراض عليها الا من التيار في مقابل ذلك تحظى بدعم كتلة الاصلاح وحركة الشعب وقلب تونس وبعض من المستقلين في انتظار تحديد النهضة والدستوري الحر وائتلاف الكرامة لمواقفهم.
لكن الساعات القليلة الفارطة اكدت ما كشفه شهر المفاوضات، من أن الحكومة قد تمر بحكم الضرورة والخوف من انتخابات تشريعية مبكرة، لكنها إذا مرت ستكون عاجزة وحيدة، اذ ان البرلمان وكتله الوازنة، حتى تلك المتصارعة في ما بينها على غرار النهضة والكتلة الديمقراطية، ستكونان في الجهة المقابلة للمشيشي وحكومته.
أي ان الرجل سيجد نفسه دون حزام حزبي برلماني يضمن له الحد الادنى من الدعم ليستقر في القصبة ويحكم ويقوم بالانجاز كما تعهد بذلك بل سيكون في وضع اصعب من سابقه فهو معزول في البرلمان وإذا نال ثقته لن ينال شيئا آخر، وهذا يعنى انه سيجر هو واعضاء حكومته الى البرلمان متى سنحت الفرصة لمحاصرته اكثر وتقييد حركته.
تقييد سببه الاول والاخير ان المشيشي من وجهة نظر البرلمان واحزابه هو احد ادوات الصراع بينهم وبين قصر قرطاج ورئيسه قيس سعيد، الذي وان لم ينجح البرلمان في محاصرته وتحقيق نقاط على حسابه فسيبحث عن تعويض ذلك باسر رئيس الحكومة لمشيئته بعد نيل الثقة طالما انه فشل في تحقيق ذلك في المشاورات.
البرلمان برمته هذه المرة قد يكون في المعارضة، وهي هنا معارضات، لحكومة المشيشي وللسلطة التنفيذية برئسيها، وسنشهد لغطا وصراعات في الفترة القادمة لن ينتصر فيها احد للمشيشي الا رئيس الجمهورية وحلفاؤه، أي ان المشيشي وان كان نبذه البرلمان فان قصر قرطاج قد يمنحه بعض من الحماية .
حماية قد تكون هي المظلة التي تقي المشيشي صراعات مع المنظمات الوطنية على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل وهذا قد يسمح للرجل بفك عزلته في الساحة ولكن إذا تعذر عليه ذلك فسيكون «محاصرا» في القصبة غير قادر على الحكم.