موقف النهضة من حكومة المكلف: البحث عن أخف الأضرار

تنطلق حركة النهضة في تقديم موقفها من حكومة المشيشي المعلن عنها من ثوابت عبرت عنها في كلمات قادتها، هذه الحكومة دون برنامج

ولا أولويات كما انها ليست حكومة كفاءات مستقلة، لكن الكواليس صلب الحركة تكشف عن أن لدى النهضة معضلة تتمثل في البحث عن موقف يضمن خروجها باخف الاضرار سواء أمرّت الحكومة أم سقطت.
تقدم حركة النهضة حكومة المكلف هشام المشيشي، على انها حكومة واسعة تضم 28 عضوا، وهي ليست حكومة مستقلين نظرا لضمها لشخصيات غير مستقلة وهي حكومة لا تضم كفاءات ايضا وفق قول قيادات بالحركة من بينهم خليل البرعومي ونور الدين البحيري.

موقف الحركة الذي عبر عنه امس بعد كشف المكلف هشام المشيشي عن تركيبة حكومته الجديدة المنتظر ان تعرض على جلسة منح الثقة في الايام القادمة، لم يكن بعيدا عما عبر عنه رئيسها راشد الغنوشي من موقف قوامه ان النهضة ترفض حكومة الكفاءات لرفضها حكومة من خارج الاحزاب.
لكن هذا الرفض ليس زمخشريا، فوفق الغنوشي الحركة وعبر كتلتها في البرلمان قد تتخذ النهضة موقفا لينا تجاه المشيشي وحكومته، أي ان تصوت لصالحها دون ان تتورط في دعمها سياسيا، هذا كان موقف اولي شهد تعديلات بعد قرار التيار الديمقرطي عدم منح الحكومة ثقته، كذلك اثر تقديم التركيبة الحكومية.
تركيبة تنتقدها النهضة على لسان جل قادتها على غرار محمد القوماني الذي شدد على ان حكومة المشيشي هي الاضعف من ناحية الكفاءة كما انها ليست مستقلة وهذا يجعل حركته في حلّ من دعمها السياسي والقرار الاخير سيتخذه مجلس شورى الحركة.
مجلس شورى منقسم لشقين، لا يمكن الحسم في من له اليد العليا فيهما، اذ ان جزءا من شورى الحركة له تصور يقوم على تجنب صناعة الخصوم والاعداء خاصة إذا كان الامر متعلقا برئيس الجمهورية، وهو يدفع الى ان يقع منح الثقة للمشيشي لحاجة البلاد لذلك ولتجنب فرضيات سيئة من بينها الانتخابات التشريعية المبكرة التي يرى الشق المنادي بمنح الثقة ان الحركة وغيرها من الاحزاب غير جاهزين لها كما ان هذه الانتخابت ستكون مغامرة كبرى على البلاد.

موقف داعم يتناقض مع موقف شق ثان في النهضة وشوراها وهو الداعي الى رفض التصويت بنعم لحكومة المشيشي، وهو رفض لم ينتظر الاعلان عن التركيبة بل منطلقه قطع الطريق على ان يستحوذ رئيس الجمهورية على جناحي السلطة التنفيذية عبر «وزير اول» هو المشيشي من وجهة نظرهم.
هذا الشق سيجد في تركيبة الحكومة حججا لدعم مخاوف من توسع صلاحيات الرئيس وسيدافع عن رفض الحكومة واصابة اكثر من عصفور بحجر واحد، غير ان هذا الموقف ليس أغلبيا، اذ ان رئيس الحركة والمجموعة المقربة منه لهما موقف بين المنزلتين فلا هم اعربوا مثل غيرهم عن الدعم او الرفض، بل اقتصروا على ابداء التحفظات واعتبار ان الحكومة الجديدة لن تكون كافية لانقاذ البلاد من ازمتها لافتقارها للبرنامج والدعم السياسي لكن الامر ليس بهذه البساطة لان سقوطها قد يجر البلاد نحو أزمة اخرى، والحركة ليست على استعداد للمغامرة.
تناقض المواقف بين قادة النهضة يكشف عن عمق الخلاف في تقييم المشهد السياسي وهو ما قد يعقد من مسالة حسم الخيار من حكومة تعتبرها النهضة مضرة بها سواء مرت او سقطت وهي الان تبحث عن اخف الاضرار.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115