والبحث عن تحسين شروط التفاوض، فالجميع امام واقع فرضه المشيشي جاعلا مصيره ومصيرهم مشتركا، إذا نجا نجوا وان سقط سيلتحقون به ، معادلة استوعبها الجميع ومنهم النهضة ، المنتظر ان يعلن مجلس شوارها في بداية الاسبوع عن اعتزامه التصويت للحكومة.
يوم امس كشفت التطورات في المشهد السياسي وخاصة في علاقة بمسار المفاوضات المتعلقة بتشكيل الحكومة عن تطورين، الاول اقرار حزب قلب تونس ان الحكومة يجب ان تمر لينضم الى احزاب وكتل سبق واعلنت عن عزمها التصويت لحكومة المشيشي، والثاني اجتماع على عجل لحركة النهضة برئاسة «شيخها» راشد الغنوشي لمناقشة موقفها من الحكومة قبل انعقاد مجلس الشورى في بداية الاسبوع.
حدثان مترابطان، يكشفان عن ادراك الحزبين ان «زمن المناورات» انتهى وأنهما امام حتمية الاختيار اذ ان المشيشي وبأسلوبه في ادارة التفاوض حال دون ان يكون لمواقف الاحزاب ورغباتها اي تأثير مباشر وصريح على حكومته او تصورها، وانه حرص على ان لا يبرز الامر لرفع الحرج عليهم والحيلولة دون دفع الكتل البرلمانية والأحزاب في الزاوية.
الصدام المكتوم بين الاحزاب والمشيشي، انتهى الى التسليم بالأمر الواقع، وهو ما عبر عنه قلب تونس حليف حركة النهضة الرئيسي مما قد يكون مؤشرا على ان النهضة بدورها تتبنى هذا الخيار، فقلب تونس وخاصة في الفترة الاخيرة كانت كل مواقفه منسجمة ومتناغمة مع مواقف النهضة وهذا نتاج التنسيق المشترك بينها، ولا يبدو ان موقفه الجديد من الحكومة اتخذ دون تشاور او تنسيق عام بين الحزبين لتوحيد التصور والموقف دون اغفال ان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي التقى امس بهشام المشيشي، واثر اللقاء دعا الى اجتماع للجنة التفاوض لمناقشة المعطيات الاخيرة التي باتت في حوزته اثر اللقاء بالمشيشي، ونقلها الى اعضاء اللجنة المفاوضة في انتظار ان يقع تقديمها في تقرير الى مجلس شورى النهضة المزمع انعقاده في بداية الاسبوع القادم.
هذه المرة مجلس شورى سيحسم في خيار حركة النهضة تجاه حكومة المشيشي، فبعد ان ترك الامور معلقة في انتظار الاطلاع على تركيبة حكومة المشيشي بعد ان اعيته المطالبة بحكومة وحدة وطنية حزبية، ولا يبدو ان خياره سيكون رفض الحكومة، فالنهضة وشوراها وان تعالت اصوات من داخلها تنادي بالرفض والذهاب لانتخابات تشريعية مبكرة، فان توجهاتها الكبرى تخضع لمعادلة يتداخل فيها كل شيء منها حسابات الربح والخسارة، والتموقع واختيار المعركة والاولويات والمخاوف الخ.
كل هذه العناصر تبين ان النهضة ليست في اريحية تسمح لها برفض الحكومة، اذ ان العناصر كلها تجتمع ضد هذا الخيار حتى وان رغبت فيه الاغلبية في الحركة، فالنهضة تدرك انا ستخسر الكثير إذا غامرت باسقاط حكومة المشيشي، واول الخسائر ستكون تحمل المسؤولية السياسية عن التداعيات المحتملة لاستمرار الفراغ في احد اجنحة السلطة التنفيذية في ظل سياق متأزم غير مسبوق.
فالحركة وبعيدا عن باقي الحسابات المتعلقة بسلامة رئيسها وموقعه او المسافة الفاصلية بينها وبين الحكم، تدرك اليوم انها غير قادرة على ان تتحمل مسؤولية عدم وجود حكومة في البلاد والحال انها تعاني من تفشي لوباء كورونا بشكل افقي ، فان غامرت النهضة بان تؤجل معالجة الملفات الاقتصادية العالقة وان ترفض مرور الحكومة لا يمكنها ان تغامر برفضها والبلاد في حالة تفشي للوباء.
هذا ما قد يجبر النهضة بالاساس على القبول بحكومة تعتبرها «خطرا» عليها على عدة اصعدة ولكنه لن يجبرها ذلك على الاستمرار في دعمها او ان تتركها لتنهى سنتها الاولى، فما سيتقرره النهضة بداية الاسبوع ليس هل أنها ستمنح الحكومة الثقة ام لا بل كيف ستتعامل معها في الاشهر القليلة القادمة ومتى ستعيد خلط الاوراق.
حركة النهضة وحكومة المشيشي : القبول بـ«الأمر الواقع» إلى حين تغير المعطيات
- بقلم حسان العيادي
- 09:05 24/08/2020
- 1488 عدد المشاهدات
مع الاقتراب من نهاية الآجال الدستورية الممنوحة لهشام المشيشي المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، اتضحت الصورة بانتهاء «زمن المناورات»