مشاورات تشكيل الحكومة.. لقاءات أخرى للمشيشي مع خبراء اقتصاديين: البحث عن تعزيز صورة «حكومة الإنجاز الاقتصادي والاجتماعي»

في انتظار توضيح الرؤية والكشف عن هيكلة الحكومة المرتقبة في الأيام القليلة القادمة ووسط تتالي الدعوات للتسريع بتشكيل الحكومة من منطلق

أن البلاد لا تحتمل مزيدا من عدم الاستقرار، يواصل رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي لقاءاته ومشاوراته مع مختلف الأطراف والفاعلين في الساحة، لقاءات ومشاورات امتدت تقريبا على 3 أسابيع ولم يقدم المشيشي إلى غاية كتابة هذه الأسطر الهيكلة الجديدة لحكومته ولا برنامج عملها، فرئيس الحكومة المكلف الذي استغرق أكثر من نصف المهلة الدستورية الممنوحة له يدرك جيدا أن الوقت يشكل عاملا ضاغطا على المشاورات ناهيك عن الضغوطات المسلطة عليه من كل حدب وصوب لاسيما من الأحزاب الرافضة لتشكيل حكومة كفاءات مستقلة.
حكومة «انجاز اقتصادي واجتماعي» هو العنوان الذي اختاره هشام المشيشي لحكومته والتي سترتكز أولوياتها وفق ما أعلن عنها في النقطة الإعلامية في بداية الأسبوع الجاري بإيقاف نزيف المالية العمومية من خلال عقلنة النفقات والرفع من الموارد الذاتية للدولة والمحافظة على مكاسب القطاع العام والمؤسسات العمومية وتطوير نظم الحوكمة إلى جانب تعزيز مناخ الاستثمار واسترجاع الثقة بين الدولة والمستثمرين والحد من تدهور القدرة الشرائية للمواطن وتفعيل كافة آليات الضغط على الأسعار وتدعيم الإحاطة بالفئات الهشة وتفعيل آليات التمييز الايجابي بين الجهات مع تكريس علوية القانون وفرض احترامه، واللقاءات التي قام بها أمس مع عدد من الخبراء الاقتصاديين للاستئناس بآرائهم والاطلاع على مقترحاتهم لإنقاذ البلاد والخروج من الأزمة الاقتصادية.

اقترح اللجوء إلى الاقتراض الوطني
الكل يجمع على أن الوضع الاقتصادي صعب جدا وقد تولى الخبراء الاقتصاديون الذين التقى معهم أمس هشام المشيشي تقديم مقترحاتهم ورؤيتهم وتوصياتهم لتجاوز الوضع الصعب، حيث أوصى الخبير الاقتصادي رضا السعيدي خلال اللقاء بتنويع الشراكات الاقتصادية من خلال إقامة شراكات جديدة سواء في القارة الأوروبية أو خارجها (آسيا وإفريقيا ...). وأكد في تصريح إعلامي له ضرورة تعبئة الموارد في إطار العلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف وإجراء مفاوضات مع المانحين الدوليين، ليشدد على أن تنشيط الدبلوماسية بشكل عام والدبلوماسية الاقتصادية، خصوصا، من أجل تعبئة الموارد واستغلال الفرص الممكنة في هذا الخصوص. واقترح اللجوء إلى الاقتراض الوطني أو الاقتراض من الجالية التونسية مع منحها الحوافز اللازمة لتشجيعها على المساهمة في هذا المجهود الوطني. واعتبر أن كل هذا لن يكون ممكنا إلا في إطار تنسيق قوي بين السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية، للخروج من هذه «الوضعية المضطربة».

إعادة تنشيط القطاعات الإستراتيجية
كما أوصى السعيدي بإعادة تنشيط القطاعات الإستراتيجية على غرار الفلاحة والتكنولوجيات الحديثة والأشغال العامّة إلى جانب محاربة الهشاشة الاقتصادية والفقر، مقترحا إنشاء صندوق لهذا الغرض ويكون مفتوحا لجميع المساهمات، مشددا على ضرورة أن تكون ملفات الأسعار ومسالك التوزيع ومكافحة التهريب على رأس أولويات الحكومة القادمة. وبالنسبة للسعيدي فإن إعادة بناء الثقة يمر حتما عبر إقامة حوار يكون مفتوحا على الجميع.

3 مراحل للإنقاذ
كما التقى المشيشي مع الفاضل عبد الكافي لكنه رفض الإدلاء بأي تصريح، في المقابل أكد الخبير الاقتصادي عز الذين سعيدان الذي كان الشخصية الثالثة التي التقى بها المشيشي أمس أن خطة إنقاذ الاقتصاد يجب أن تتم على ثلاث مراحل، وتتمثل المرحلة الأولى في التوافق حول تشخيص عميق للوضع الحالي. واستناداً إلى هذا التشخيص، الذي ينبغي وضعه قريباً، يجب تحديد مخطط تعديل هيكلي، في مرحلة ثانية، يمتد تنفيذه على مدى سنة ونصف إلى سنتين» «ومن المنتظر أن يتيح تنفيذ هذا المخطط استعادة التوازنات المالية والاقتصادية والاجتماعية وتهيئة الاقتصاد للمرحلة الثالثة من خطة الإنقاذ، وهي مرحلة الإصلاحات الكبرى (الإصلاح الجبائي وإصلاح المؤسسات العمومية وإصلاح الصناديق الاجتماعية وإصلاح التعليم...)»، وفق ما أكده سعيدان. وأشار في تصريح إعلامي له إلى» أن المرحلة الثالثة من خطة الإنقاذ تتعلق بتنفيذ هذه الإصلاحات الكبرى وهو ما قد يستغرق حوالي 3 سنوات. ويرى سعيدان «أنه، خلال هذا التمشي، يجب على الدولة الاعتماد بشكل أساسي على مواردها الخاصة باعتبار أن اللجوء إلى الأسواق الدولية أصبح صعبًا للغاية، إن لم يكن مستحيلًا، نظرًا للوضع الذي تعيشه البلاد».

3 مقترحات
الخبير الاقتصادي معز الجودي وصف في تصريح إعلامي له لقاءه بالمشيشي بالمفيد والمهم وقد قدم 3 مقترحات، الأول يتمثل في تكوين لجنة من الخبراء الاقتصاديين للعمل على برنامج إنقاذ وإعادة تنشيط الاقتصاد الوطني لمدة شهرين أو 3 أشهر على غرار ما تمّ في المغرب وفرنسا، لجنة تمثل مختلف الحساسيات والاختصاصات في المجالين الاقتصادي والمالي من المنظمات الوطنية والأحزاب السياسية تعكف على إعداد مقترحات تقدم إلى رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي بعد نيلها الثقة من البرلمان، أما المقترح الثاني فيتمثل في إرجاع الثقة مع الفاعلين الاقتصاديين وإعطاء إشارات ضوئية في هذا الإطار. وبالنسبة للمقترح الثالث فيكمن في محفظة المساهمات العمومية للدولة وتحديد المؤسسات القطاعات الإستراتيجية التي ينبغي المحافظة عليها.

الاهتمام بالمؤسسات الخاصة والعمومية
هذا وأكد الخبير فتحي النوري في تصريح إعلامي له أنه تمّ التطرق إلى 5 محاور أساسية في اللقاء تهم التنمية والمالية العمومية للبلاد والقطاعات الحساسة لاسيما قطاع الطاقة، ليشدد على ضرورة الاهتمام خلال الفترة القادمة بالمؤسسة الخاصة والعمومية ورد الاعتبار لها باعتبارها قادرة على خلق الثروة وتحسين المالية العمومية، مشيرا إلى أن المكلف بتشكيل الحكومة أبدى تفهما وكان مطلعا على كل الملفات. وأعرب عن أمله في مواصلة الحكومة القادمة عملها لثلاث أو أربع سنوات على الأقل حتى تتمكن من تنفيذ برامجها وأهدافها والخروج من الأزمة.
اللقاءات مازالت متواصلة وينتظر أن تكون هناك جولة ثالثة وأخيرة وستشمل فقط الأحزاب السياسية من أجل تقديم هيكلة الحكومة فقط والخطوط العريضة لبرنامج عمل حكومة الانجاز الاقتصادي والاجتماعي، ويشار إلى أن المشيشي التقى أمس أيضا كلا من رئيس النقابة الوطنية للإذاعات الخاصة محمد كمال ربانة ورئيس الغرفة النقابية لأصحاب التلفزات الخاصة لسعد خذر.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115