مشاورات تشكيل الحكومة بعد لقاءات الأمس: تفاعل إيجابي مع خيار المشيشي في انتظار الإعلان عن التركيبة

مع دخول مشاورات تشكيل الحكومة أسبوعها الثالث، واصل رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي جولته الثانية من اللقاءات مع مختلف الكتل البرلمانية

بعد إعلانه عن خيار تشكيل حكومة كفاءات مستقلة، والتقى خلال الـ48 ساعة الأخيرة مع 9 كتل، النهضة والكتلة الديمقراطية وقلب تونس وائتلاف الكرامة (التقى بهم أول أمس) والحزب الدستوري الحر وكتلة الإصلاح والكتلة الوطنية وكتلة تحيا تونس وكتلة المستقبل (اللقاء تم أمس)، ولا زالت الخلافات في وجهات النظر بين مختلف الكتل تلقي بضلالها على المشاورات بين من يرفض تشكيل حكومة مستقلة وبين من تفاعل إيجابيا مع توجه رئيس الحكومة المكلف، الرؤية مازالت غير واضحة حول هندسة حكومة المشيشي ولعل الساعات القادمة أو الأيام القادمة ستكون كفيلة بتوضيح الصورة.

كل الكتل التي التقى بها المشيشي قدمت تصوراتها ورؤيتها للحكومة المقبلة ومقترحاتها ولكن الكلمة الفيصل تعود لرئيس الحكومة المكلف بالتنسيق مع رئيس الجمهورية قيس سعيد، لقاءات الأمس كانت مغايرة للقاءات أول أمس في علاقة بمواقف الكتل من اختيار تشكيل حكومة كفاءات، حيث رحبت أغلب الكتل التي التقى معها أمس بالفكرة على غرار الحزب الدستوري الحر الذي شارك لأول مرة في مشاورات تشكيل الحكومة وهو الحزب الذي طالما دعا إلى تكوين حكومة دون النهضة، فهذا الحزب سارع بعد إعلان المشيشي عن خياره إلى تقديم مقترحاته ورؤيته للحكومة المقبلة واقترح تكوين أقطاب وزارية.

تكوين أقطاب وزارية
خلال لقائها مع المكلف بتشكيل الحكومة أمس، أكدت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي في تصريح إعلامي لها أن الحزب تفاعل ايجابيا مع خيار رئيس الحكومة المكلف بتكوين حكومة مستقلة تماما وقد قدم رؤيته وموقفه في مختلف المجالات وأول نقطة ركز عليها الحزب في اللقاء هي أنه لا يمكن إصلاح حال البلاد إلا بتوفر الإرادة السياسية لإعلاء منطق ومفهوم دولة القانون والمؤسسات بالقطع مع الإسلام السياسي وفتح ملفات الأمن القومي الحارقة والملفات التي تهم قضايا الاغتيالات والتسفير..، وأضافت أنه تمّ الحديث عن مقترحات الحزب حول هيكلة الحكومة عبر التوجه نحو خيار تكوين أقطاب وزارية بما من شأنه أن يضفي النجاعة ويقلص من البيروقراطية وتعطي أملا للمواطن التونسي بأن هناك رغبة لفتح الملفات الحارقة والكبيرة . وعلى المستوى الاقتصادي كما دعت موسي إلى فتح ملف المؤسسات العمومية بالاشتراك مع المنظمات الوطنية ووقف نزيف المديونية بإرجاع نسق الإنتاج في القطاعات الحيوية وحفظ الأمن القومي، حاثة على توفير المناخ الملائم للاستثمار بتفعيل الدبلوماسية الاقتصادية. واعتبرت أن من أولويات الحكومة المقبلة تقديم مشروع قانون مالية تكميلي أو تصحيحي لاستكمال سنة 2020.

وأكدت موسي على أنها رغم تفاعلها إيجابيا مع قرار المشيشي بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة، فإنها لن تزكيها في صورة تضمنها لأية شخصية لها علاقة من قريب أو من بعيد بحركة الإخوان في إشارة إلى حركة النهضة، قائلة «الكتلة لن تمنح الثقة للحكومة إذا تضمنت وزراء وصفتهم «بالغواصات المرتبطة من قريب أو من بعيد بتنظيم الإخوان» ، مشددة على أن الحزب ذكر بمقترحاته بخصوص تنقيح القانون الانتخابي وقانون الجماعات المحلية ومرسومي الأحزاب والجمعيات وتغيير الدستور.

علاقة شراكة مع الأحزاب دون إقصاء
اللقاء الثاني ليوم أمس كان مع كتلة الإصلاح، وقد أكد رئيس الكتلة حسونة الناصفي في تصريح إعلامي أن الكتلة ترحب بالتمشي الذي اختاره المشيشي بالنظر إلى التجاذبات القائمة في الفترة الأخيرة وغياب أغلبية واضحة داخل البرلمان بإمكانها أن تشكل بمفردها حكومة قادرة على الاستمرار وتحمل المسؤولية وبذلك فإن الخيار الأفضل أن تكون حكومة كفاءات مستقلة عن الأحزاب وأولوية النقاش يجب أن تكون حول البرامج بعيدا عن التجاذبات والمحاصصة، لاسيما وأن المشيشي أكد له أن علاقته بالأحزاب ستكون علاقة شراكة مع كافة الفرقاء السياسيين دون إقصاء، واعتبر أن تمشي المشيشي هو تمشي الضرورة وعلى عكس ما صرحت به بعض الأحزاب ليس هناك شيطنة للأحزاب. وأضاف أن مسألة منح الثقة للحكومة مرتبط بالاتفاق على البرنامج السياسي والشخصيات التي سيتم تكليفها بحقائب وزارية بين كافة الأطراف.

المشيشي في الاتجاه الصحيح
كما شدد على أن رئيس الحكومة المكلف يسير في اتجاه صحيح، وبين أن سيناريو عدم منح الثقة للحكومة وسيناريو إعادة الانتخابات أمر مطروح دستوريا لكن لا أحد يدعو إليه اليوم بشكل واضح، وأشار إلى أن المشيشي بدأ في التفكير في هيكلة حكومته وأنه لمس منه توجها نحو إعادة النظر في هيكلة بعض الوزارات، والكتلة تتبنى فكرة الأقطاب الوزارية لنجاعتها، وأوضح أن إعادة هيكلة الحكومة تستغرق وقتا مع التركيز على الأولويات والتي هي بالأساس أولويات اقتصادية.

الاتجاه نحو منح الثقة
الكتلة الوطنية بدورها تساند خيار المشيشي في تكوين حكومة كفاءات مستقلة وتتجه نحو منحها الثقة، حيث أكد رئيس الكتلة حاتم المليكي في تصريح إعلامي أن الكتلة متجهة نحو منح الثقة للحكومة المرتقبة، مرجحا اتخاذها هذا القرار في اجتماع قبل جلسة منح الثقة، مشيرا إلى أنه تمّ التأكيد في اللقاء على التسريع في مسار تشكيل الحكومة باعتبار أن البلاد مقبلة على مسائل حارقة وحساسة تهم المجالين الاقتصادي والاجتماعي على غرار العودة المدرسية وانطلاق الموسم الفلاحي والمفاوضات مع المؤسسات المالية بالإضافة إلى إمكانية عودة وباء كورونا للانتشار. وأوضح أن مسار تشكيل الحكومة في مراحله الأخيرة لاسيما بعد تأكيد المشيشي على خيار حكومة كفاءات مستقلة، وقد طالبته الكتلة بوجود تقييم دوري لعمل الحكومة ومراجعة هيكلة وزارة الداخلية والمجلة الجزائية والعقوبات السجنية والإيقاف التحفظي بالإضافة إلى العمل على إعادة الاستثمار والتمييز الايجابي. ودعا المليكي الأطراف السياسية إلى التعقل والابتعاد عن منطق الابتزاز والمساومة والانخراط في منطق البناء الديمقراطي الصحيح، وشدد على أن الجميع متفقون على أن الكلفة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للانتخابات المبكرة مكلفة وأيضا عدم الاستقرار السياسي وتغيير الحكومة، فالانتخابات ليست لعبة.

حكومة كفاءات بعيدة عن اللوبيات
اللقاء الرابع كان مع وفد من كتلة تحيا تونس والذي وصف اللقاء بالمهم جدا، وبين رئيس الحزب يوسف الشاهد أن دعمه للحكومة ليس مرتبطا بالمشاركة فيها وليس بالضرورة أن يكون لدى الحزب فيها حقائب وزارية وعلى الأحزاب أن تقدم تصورا جديدا أين يمكن دعم الحكومة دون المشاركة فيها وتمّ التأكيد خلال اللقاء أن تكون حكومة كفاءات مستقلة وبعيدة عن اللوبيات وقد قدم الحزب برنامجا في شكل وثيقة تضم 5 محاور برنامجا بـ 5 محاور في شكل وثيقة تهم غلاء المعيشة والمقدرة الشرائية و الوضع الاجتماعي المؤسسات العمومية وكل ما يهم المالية العمومية وغيرها، وتأتي هذه الوثيقة كمساهمة من الحزب في الأولويات التي على الحكومة القادمة العمل عليها. وشدد على أن الحزب سيدعم حكومة المشيشي بغض النظر عما إن كانت حزبية أم لا باعتبار صعوبة الوضع الذي تعيشه البلاد وسيعقد مجلس وطني لحزب تحيا تونس بعد تقديم التركيبة الحكومية لاتخاذ القرار في منح الثقة لحكومة المشيشي من عدمه.

سيناريو إعادة الانتخابات...كارثي
هذا وشدد الشاهد على أن القيام بانتخابات مبكرة ليس في مصلحة تونس وسيؤدي إلى سيناريو كارثي وليس من الممكن في كل مرة إعادة الانتخابات ويجب العمل على حلّ المشاكل التي تهم المواطن وإلا فإن التجربة الديمقراطية بتونس ستصبح مهددة، مشيرا إلى أنه لا يجب ترذيل الأحزاب السياسية ويمكن إيجاد توافقات مهما كانت صيغتها ولا يمكن وضع شروط مغلقة وغلق الأبواب والمسؤولية تحتم على الأحزاب خلق تصور جديد منها دعم الحكومة دون المشاركة فيها. كما التقى أيضا المشمشي كتلة المستقبل، وقد شدد رئيسها عصام البرقوقي على أنه من الضروري أن تكون الحكومة مدعومة بحزام سياسي، مشيرا إلى أنهم سيعلنون عن موقفهم النهائي بعد الإعلان عن تركيبة الحكومة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115