ان يطلق جملة من الرسائل الصريحة والمبطنة كلها تلتقي لتشير الى ان النهضة ليست في وضع ضعف حتى يفرض عليها ما لا تقبله.
«عيدنا عيدان» هكذا وصف رئيس حركة النهضة راشد الغوشي مناسبة عيد الاضحى وهو يهنئ حشدا من قادة الحركة ضم وجوه الصف الاول واعضاءها السابقين في حكومة الفخفاخ، قبل ان يعلل لماذا العيد عيدان، والسبب هو عدم نجاح الاستئصاليين في عزل رئيس البرلمان ويعني نفسه.
استئصاليين من التجمع( التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل) قال عنهم الغنوشي انهم قادوا مساعي عزله من رئاسة البرلمان وجروا احزابا وكتلا اخرى خلفهم ليرفعوا «ترهات» لتبرير عملية عزل رئيس البرلمان التي قال انها من حق النواب ولا احد يناقشهم فيها باعتبار ان من «حق من ولى ان يعزل».
وقد انتقد الغنوشي ما اعتبره تهما باطلة من بينها ان الرئيس، اي راشد الغنوشي لم يحسن ادارة البرلمان وهو ما فنده الرجل مستعينا بجمعيات ومنظمات لم يذكر اسماءها قدمت تقارير تفيد بان عمل المجلس في دورته الحالية مقارنة بالمجلس السابق افضل وان انتاجيته ارفع بـ30 % عن البرلمان السابق.
ثم فتح قوسا للحديث عما اصدره المجلس من قوانين وكيف أنه قام بعمله على افضل وجه رغم الخلافات والوضع الداخلي فيه وقال ان الخلافات فيه تدار بالكلام ولئن بلغ الكلام درجة من الحدة وقلة الذوق لكنه افضل من ان تدار الخلافات بالعنف والقتل كما يحدث في تجارب اخرى تجربة قال الغنوشي ان بعض دول الخليج استهدفتها كما استهدفت التجربة التونسية، تجربة قال انها صمدت رغم المؤامرات التي تعرضت لها على عكس البقية، مما جعل الديمقراطية التونسية «مستمرة» رغم الداء والاعداء والمؤامرات التي خسرت في تونس لان شعبها «اختار الديمقراطية عن بينة» بينة قال انها متوفرة لدى الشعب إذا تعلق الامر بتحديد مشاكله والتي هي اقتصادية بالاساس وليست حركة النهضة كما يسعى بعض الاستئصالين الى ترويجه والعمل على تحقيقه سواء بإسقاط رئيس البرلمان او بالدفع الى تشكيل حكومة دون النهضة.
حكومة قال انه من غير المقبول ان يقع اقصاء الحزب الاول والثاني منها، بل اعتبر انه «لا ديمقراطية باقصاء الحزب الاول والثاني» مشيرا الى ان التفكير في اقصاء النهضة وقلب تونس «خطير».
والخطر كلمة تكررت في خطاب راشد الغنوشي امس خاصة إذا ما تعلق الامر بمشاورات تشكيل الحكومة التي يقودها هشام المشيشي، وقال الغنوشي انهم، اي حركة النهضة، يدعمونه ويتشاورن معه لهذا فهم ياملون ان يعى ان البلاد في حاجة الى التوافق لا الى الاقصاء الذي يمثله الدستوري الحر.
اضافة الى حاجتها الى حماية الديمقراطية التي يكون فيها الحكم للاحزاب لا للكفاءات، وعليه فان المشيشي مطالب بالتشاور مع الاحزاب التي منحها الناخب التونسي الشرعية، وهي اول رسالة صريحة من الغنوشي للمشيشي تضمنت عنصرين اساسيين، الاول اعلان النهضة رفضها لحكومة لا تضم احزابا وهي منهم والثاني تحذير مبطن من محاولة فك الاربتاط بين النهضة وقلب تونس. فالغنوشي وفي كلمته شدد على انه من غير المقبول ان يقع اقصاء حزبه وحزب قلب تونس، الذي قال انهم يختلفون معه ولكنهما يتقاطعان في ضرورة الاستقرار البرلماني والسياسي.
هذا الدفاع عن قلب تونس وعن مشاركته في الحكم باعتباره الحزب الثاني، وان كانت بطريقة مواربة، هو في الاساس دفاع عن حركة النهضة التي تعمل على قطع اي محاولة محتملة لعزلها وفك التقارب بينها وبين قلب تونس.
دفاع عن النهضة وعن حكم الاحزاب في الديمقراطية انتقل لتوجيه نقد مبطن لرئاسة الجمهورية، واول النقد ان النهضة لن تسمح «بالردة والعودة الى مركزة السلطة» قبل ان يضيف الغنوشي ان تونس لها رئيس واحد وهو رمز الدولة ووحدتها ولكنه ليس صاحب السلطة بمفرده.
فالسلطة وبعد الثورة وزعت على على المحلي والجهوي والبرلمان والحكومة والرئاسة، وهي رسالة متصلة بالاولى بما يعنى ان المشيشي وان احتمي خلف رئيس الجمهورية فانه يحتمي خلف احد المشاركين في السلطة لا خلف صاحبها الاوحد وعليه ان يبحث لنفسه عن حماية اخرى المجلس، ممثلا في حزبه الاول والثاني.