خلط أوراق حركة النهضة والتي باتت اليوم إمام خيارات محدودة، الانسحاب من الحكومة أي استباق قرار رئيس الحكومة أو الدفع نحو سحب الثقة من الحكومة وعليها في هذه الحالة وقبل اتخاذ هذه الخطوة ضمان الـ109 أصوات لسحب الثقة، ويبدو أن الحسابات التي رسمتها الحركة قبل البيان وتصريح رئيس الدولة باتت تفرض عليها التعديل والبحث عن مخرج للخروج بأخف الأضرار، مما جعلها مساء أمس تسارع بعقد مجلسها للشورى والذي بقي منذ الأحد الفارط في حالة انعقاد مستمر.
وكان كل طرف ينتظر ما سيقرره الطرف الآخر لعكس الهجوم، فرئيس الحكومة ينتظر ما سيقرره مجلس الشورى لحركة النهضة للمضي قدما في مشاوراته والتي انطلق فيها أمس مع ممثلين عن المنظمات الوطنية، وحركة النهضة تنتظر بدورها نتائج مشاورات الفخفاخ وتدخلات رئيس الجمهورية والأهم من كل ذلك آخر تطورات عريضة سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي والتي كانت قد تقدمت بها أربع كتل برلمانية وهي الكتلة الديمقراطية وكتلة الإصلاح الوطني وكتلة تحيا تونس والكتلة الوطنية، فالحركة قبل دخولها معركة جديدة أي المعركة الدستورية، ستدرس كل الجوانب لتفادي مزيد الخسارة، فهي تدرك جيدا أن الهجوم المعاكس والمتسرع قد يفقدها كل شيء وبالتالي فإن أي قرار ستتخذه سيكون بمثابة الورقة الضاغطة لها.
«بيان متسرع لرئيس الحكومة»
بعد التطورات الأخيرة والهجوم المعاكس عليها، تبحث قيادات النهضة عن مخرج لتهدئة الأوضاع وتفادي مزيد توتير الأوضاع واعتبرت أن تصريحات رئيس الجمهورية على قرار مجلس الشورى الأحد الفارط رد فعل أولي وبالنسبة لبيان رئيس الحكومة وقراره إجراء تحوير وزاري فقد وصفته بالبيان المتسرع، فالحركة حرصت بالرغم من الخلافات القائمة على المحافظة على مكونات الائتلاف الحكومي باعتبار أن التركيبة قد أفرزتها الانتخابات وهي ترفض إتباع سياسة الهروب من تحمل المسؤولية أي دعوة وزرائها في الحكومة إلى الانسحاب ولكن في صورة غلق كل السبل أمامها واستنفاذ كل الحلول فإنها ستقوم بذلك اضطرارا لا اختيارا، ولكن قبل الذهاب إلى هذا الحلّ فإنها قد تتجه إلى مزيد إعطاء فسحة للأطراف المقابلة لمزيد التشاور للوصول إلى حلّ يأخذ بعين الاعتبار المصلحة الوطنية قبل أي حسابات حزبية.
النهضة ومعركة الـ109 أصوات
لا زالت حركة النهضة تتسلح بالهدوء والابتعاد عن ردود الفعل المتشنجة حسب تصريحات عدد من قياداتها وقد رجح عدد منهم حول اجتماع مجلس الشورى أمس والذي تواصل إلى ساعات متأخرة عدم الخروج بأي قرار مع ترك المشاورات مفتوحة والانتظار ولكن في صورة التأكيد على ضرورة اتخاذ القرار فسيكون إما الانسحاب من الحكومة والانتظار، أي انتظار نتائج عريضة سحب الثقة من الغنوشي من رئاسة البرلمان أو الانسحاب والدفع نحو سحب الثقة من الحكومة والقبول بالدخول في معركة تجميع الـ109 أصوات رغم أن الحركة تعي أن هذه المعركة معركة «خاسرة» بالنسبة لها لأن اصطفاف ائتلاف الكرامة وقلب تونس إلى جانبها لا يضمن لها المصادقة على سحب الثقة من حكومة الفخفاخ.
نقاش عميق ورصين
الفخفاخ انطلق في مشاوراته حول التحوير الوزاري والذي قد يشمل عددا من وزراء حركة النهضة وحسب بعض المصادر المطلعة فإن رئيس الحكومة مازال لم يتشاور بعد مع الوزراء المعنيين بالاستقالة وينتظر قرار مجلس الشورى، ولكن بالنسبة لحركة النهضة فإنه في صورة اتخاذ قرار الانسحاب فإن الوزراء مطالبون بالالتزام بقرارات مؤسسات الحركة، وحسب تصريح إعلامي لأحد قياداتها سمير ديلو فإن وزراء حركة النهضة في الحكومة ليسو منتصبين للحساب الخاص وإن تواجدهم فيها ليس مكافأة على نشاط حزبي ، نافيا أن تكون الحركة سائرة نحو سحب ثقتها من حكومة إلياس الفخفاخ،وقد وصف الوضع العام بالبلاد بالوضع الصعب الذي يتطلب نقاشا عميقا ورصينا. وتعليقا على البيان الحكومي، قال ديلو «حسب تقديري فإن البيان كان فيه شيء من التسرّع .. والفخفاخ على علم بوجود تحقيق في شبهات تضارب مصالح تخصه وهو على علم كذلك بوجود موقف لحزب سياسي مشارك في ائتلافه الحكومي يتحدث عن تركيبة حكومية جديدة»، مشيرا إلى وجوب الابتعاد، في المرحلة الحالية، عن ردود الأفعال والنقاش بشكل رصين وهادئ، لما ينفع البلاد». ويذكر أن مجلس شورى النهضة المنعقد الأحد الماضي في دورته 41، قرر تكليف رئيس الحركة، راشد الغنوشي، بإجراء مشاورات مع رئيس الجمهورية والأحزاب والمنظمات الوطنية، للاتفاق على مشهد حكومي بديل لحكومة إلياس الفخفاخ الحالية. في المقابل، شدّد رئيس الجمهورية، قيس سعيّد على أنه لن يدخل في تشاور مع أيّ كان حول تغيير رئيس الحكومة، ما لم يقدم الأخير استقالته، وما لم تقدّم ضده لائحة لوم بالبرلمان.
بعد محاصرتها من كل الجهات..غلق باب «التشاور» والتحوير الوزاري: النهضة بين التراجع التكتيكي والتقدم الحذر
- بقلم دنيا حفصة
- 09:11 15/07/2020
- 984 عدد المشاهدات
أعاد البيان الحكومي وقرار رئيس الحكومة الياس الفخفاخ بإجراء تحوير حكومي وغلق رئيس الجمهورية قيس سعيد لباب التفاوض السياسي حول الحكومة البديلة،