ومطالبته البعض له بالاستقالة، لكن رئيس الجمهورية -خلال لقائه أمس مع رئيس الحكومة والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل- وجه جملة من الرسائل ابرزها لحركة النهضة وللفخفاخ مع التأكيد على دلالة وجود اتحاد الشغل.
التقى رئيس الجمهورية قيس سعيد امس بقصر قرطاج مع رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، بحضور الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي، وتمحور اللقاء حول جملة من المسائل أهمها الوضع الحكومي والحلول الدستورية المطروحة.
وجدّد رئيس الجمهورية في هذا اللقاء تمسكه الكامل بالدستور مؤكدا على أنه لن يقبل بأي مشاورات تهم تشكيل حكومة جديدة ما دامت الحكومة الحالية قائمة وكاملة الصلاحيات. وذكّر بأن المشاورات لا يمكن أن تحصل إلا إذا قدم رئيس الحكومة استقالته أو سحبت منه الأغلبية المطلقة بمجلس نواب الشعب الثقة، وأضاف في هذا السياق أن النظام السياسي ينظمه الدستور ولا مجال تحت أي ظرف من الظروف لحصول تجاوز له أو بروز نظام سياسي مواز له.
هذا اللقاء وفق تصريحات رئيس الجمهورية كان إثر ما وصفه «بالمغالطات» التى صدرت عن جهات تريد مغالطة الراي العام في اشارة الى تصريحات قيادات حركة النهضة بان مشاورات جارية بخصوص الحكومة مشددا على ان ذلك من قبيل الافتراء وانه لا اساس له من الصحة ... وانه لن يحيد «قيد انملة» عما التزم به.. من تطبيق الدستور.
وتلك هي الرسالة الاولى والتي اراد قيس سعيد توجيهها لحركة النهضة والى رئيسها -ورئيس البرلمان راشد الغنوشي - والتي ارادت بها ان ترمي الكرة في ملعب رئيس الجمهورية، فكان رده حشر النهضة في زاوية الالتزام بالدستور إذا كانت لها الرغبة في تغيير الحكومة فالسبيل الوحيد هو الدستور من خلال سحب الثقة من حكومة الفخفاخ أي ايجاد 109
صوتا وايجاد البديل في نفس الوقت وذلك عمليا لن تقدر النهضة على تحقيقه والا لما سلكت هذا الطريق وهو ما يعيه سعيد جيدا وان مجازفه النهضة بذلك قد يكلفها الكثير، النقطة الثانية في رسالة سعيد للغنوشي وللنهضة هي ان رئيس الجمهورية هو المتحكم في هذه اللعبة وليست النهضة لان اغلب الخيارات ستعود اليه وبالتالى لا مجال للمناورات.
الرسالة الثانية وفق تقديرنا موجهة الى رئيس الحكومة الياس الفخفاخ عند الحديث «ان الرئاسة لن تقوم باي مشاورات الا اذا قدم رئيس الحكومة استقالته او سحبت منه الثقة « وهنا لم يشدد رئيس الجمهورية على دعمه ومساندته المطلقة لرئيس الحكومة بل اصبح الحديث عن تقديم الاستقالة... وفتح الباب امام مختلف الاحتمالات، وفي ذلك -أيضا- رسالة الى الفخفاخ بان حكومته لم تعد لديها الاغلبية المطلوبة والضرورية بعد انسحاب حركة النهضة، فالحكومة ستمرر مشاريع قوانين للمصادقة عليها من قبل البرلمان وستحتاج في بعضها الى اصوات الثلث وفي بعضها الاخر الى الاغلبية المطلقة...
اما الرسالة الثالثة التي يمكن فهمها من خلال اللقاء هي حضور الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي وما لذلك الحضور من دلالات ، اولها اهمية المنظمة الشغيلة في المشهد السياسي اليوم، وموقع هذه المنظمة لدى رئيس الجمهورية الذي سبق وان استقبل كل اعضاء المكتب التنفيذي ويعد ذلك سابقة، موقع اتحاد الشغل من هذا الصراع والظاهر بانه ضد تمشي ومقترحات حركة النهضة ومساندة توجه قيس سعيد ، اعتبار اتحاد الشغل شريك الان خلال هذه الازمة وفي المستقبل ايضا، وهنا نذكر بموقف الاتحاد عندما اكد الطبوبي اثر لقاء مع رئيس الحكومة في الاسبوع الماضي ان البلاد في حالة انتظار وترقب وان الوضعية تقتضي ، اما دعم الحكومة وتكاتف جميع الاطراف حتى تواصل الحكومة عهدتها او اعادة الامانة الى اصحابها في اطار دستورى وفي احترام تام لدولة القانون والمؤسسات.
الصورة التى بثت امس من قصر قرطاج لا توحي فقط بحشر حركة النهضة في الزاوية الدستورية وفي لفت انتباه الفخفاخ الى ان حكومته لم يعد لديها الحزام السياسي الضروري ، والى كسب احد اهم الاطراف الاجتماعية الى جانبه بل ايضا الى ان المشاورات والحديث عن مستقبل هذه الحكومة قد انطلق فعليا .