النهضة والفخفاخ... من النصح بالتوسيع إلى النصح بالاستقالة : دفع الائتلاف الحاكم إلى الزاوية لعتق رقبة الحركة في البرلمان

يبدو ان حركة النهضة لازالت متمسكة باستراتيجيها إذا تعلق الامر بالحكومة بالضغط لتوسيعها وضمان موقع متقدم في الحكم يضمن تخفيف الضغط

عن النهضة في البرلمان، ولكن بات جليا انها في طور اعادة النظر فقد عدلت من «تكتيكها» وهو ما عبرت عنه سواء بتوجيه نصيحة للفخفاخ بأن يستقيل او التلميح الى ان الخروج من الحكومة وارد.
تحسن حركة النهضة توظيف كل ما لديها من امكانيات لتحقيق ما ترسمه من استراتيجيات تضمن لها تحقيق ما تصبو اليه التي تفصل خططها الى «تكتيك» اي تحديد ما الذي تريده وكيف تصل الى ما تريد ؟ هذا ما تبرع فيه النهضة اكثر من بقية الاحزاب التونسية اليوم، وهو ما تسعى الى تجسيده من جديد في علاقة بحكومة الفخفاخ .

فالنهضة وفي استراتيجية ما بعد سقوط حكومة الحبيب الجملي وضعت آجالا زمنية لها لتحقق هدفها المرحلي وهو استعادة موقعها المتقدم في بالحكم قبل نهاية السنة، مما جعلها تتعامل مع حكومة الفخفاخ منذ البداية على انها عقبة، والسبب هو الكلمات الاولى للفخفاخ التي أعلن فيها انه يحتمي بشرعية الرئيس.
هذا القول هو منطلق رسم النهضة لتكتيكات كلها تصب في تحقيق هدفها الاصلي وهو العودة لموقع متقدم في الحكم والقدرة على التحكم في نسقه وهو ما عبرت عنه سواء بالدعوة الى توسيع المشاورات في مرحلة التفاوض ولعجزها عن اجبار الفخفاخ على ذلك خيرت التريث وانتظار الفرصة.
وقد انتظرت النهضة ان تنتهى ازمة الكورونا لتطالب بفرصتها باحتشام خاصة بعد دور حركة الشعب في جلسة مناقشة لائحة الدستوري الحر المتعلقة بالسياسية الخارجية، ولكنها وجدت في شبهة تضارب المصالح الفرصة الامثل للضغط اكثر على الفخفاخ ومطالبته بتوسيع الائتلاف الحاكم لضم حليفها في البرلمان قلب تونس بالاساس وإذا كان النجاح الكلي مصيرها ستلحق ائتلاف الكرامة.

النهضة لم تدافع عن هذيتن الطرفين حبا فيهما بل على اعتبارها خطوات تكتيكية لتحقيق الاستراتيجية وهي العودة لتصدر مشهد الحكم، وهذا ما عبر عنه الناطق الرسسمي باسمها بشكل مبطن حينما تحدث عن اسباب غضب النهضة وعن رغبتها في ان تراجع الائتلاف الحاكم.
فعماد الخميري وهو يشرح كيف ان اي ائتلاف حكومي او اي حكومة عليها ان تستوعب نتائج الانتخابات الاخيرة وان تنزل بالتوزنات السياسية على ارض الواقع مما يجعلنها تدرك انه لا يمكن ان تقوم حكومة او ائتلاف حكومي دون النهضة وعليه لا يمكن ان تقبل النهضة بان تكون مجرد شريك.
لم يكن هذا كافيا إذ اعتبر الخميري ان النهضة مكون سياسي قوي في الحكومة لكنها لا تعامل حسب رغبتها فهي متبرمة من اقتصار مشاركتها في الحكم على منح قيادات لها مناصب وزارية دون ان يكون للحركة وجود فعال ومؤثر في الحكم اي ان يقع الاقرار لها بانها «تحكم» وما يترتب عن هذا من تغيير في المشهد والتعيينات والخيارات الخ.

هذا ما كشفه الخميري دون ان يعى وهو يتحدث عن ان حركته لن تتحمل مسؤولية تفكك الائتلاف الحكومي بل يتحمل ذلك التيار وحركة الشعب كما ان النهضة لا تتحمل فشل الحكومة وتعثرها وعليه فأنها تضع كل الاحتمالات على الطاولة ومنها احتمال انسحابها من حكومة الفخفاخ.
انسحاب قال عنه عبد الكريم الهاروني رئيس مجلس شورى النهضة انه غير محتمل حينما قدم مخرجات الدورة 40 لمجلس الشورى، وهو ووفق الاهداف الاستراتيجية للنهضة لن يقع، لكن ما سيقع هو التلويح به والضغط اكثر من ذلك الانتقال في النصح من نص لتوسيع الائتلاف الحاكم الى النصح بالاستقالة اذ طالب رئيس مجلس شورى النهضة عبد الكريم الهاروني رئيس الحكومة الياس الفخفاخ بأن يستقيل، وقال انه ينصحه بذلك وهذا رأي شخصي لا يلزم الحركة وفق قوله الذي غفل فيه عن انه يمثل مؤسسة مركزية في الحركة ستعقد نهاية الاسبوع الحالي دورتها الـ41 للحسم في ملف الحكومة حسم سيعتمد على ملف شبهة تضارب المصالح، التي لوحت النهضة به منذ اكثر من 10 ايام على انها ستسعمله كورقة ضغط لتدفع الفخفاخ الى ما تريده، وهو ان يقبل بتوسيع الائتلاف الحاكم لاستيعاب قلب تونس، لضمان عدم انقلاب الاخير على الحركة في البرلمان مما يجعلها محاصرة بالاعداء، اذ ان ابتعاد قلب تونس عن النهضة يعنى خسارة الحركة لاغلبية 109، وهو ما قد تراه النهضة «قتلا» لها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115