الهيئة الدستورية المستقلة، في المقابل صادقت لجنة الحقوق والحريّات بالبرلمان يوم أمس بأغلبية أعضائها، على مبادرة مشروع قانون لتنقيح المرسوم عدد 116 لسنة 2011، التى قدّمتها كتلة ائتلاف الكرامة في شهر ماي 2020.
طرح ائتلاف الكرامة مبادرة تشريعية لتنقيح بعض فصول المرسوم عدد 116 الصادر في 02 نوفمبر 2011 وكانت لذلك خلفيات سياسية اثارت بقوة مسالة القانون الاساسي المتعلق بهيئة الاتصال السمعي والبصري وتعطله بالرغم من انتهاء مهام الهيئة الحالية منذ اكثر من سنة، ومع مصادقة مجلس الوزراء على مشروع قانون أساسي يتعلق بحرية الاتصال السمعي البصري من اجل تنظيم القطاع وصلاحيات الهيئة الدستورية المستقلة اعتبرت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري ذلك خطوة ايجابية حيث يرى رئيس «الهايكا» النوري اللجمي في تصريح لـ«المغرب» انه لم يعد هناك مبرر لمبادرة ائتلاف الكرامة التى تكرس مواصلة «المؤقت» وان مشروع القانون المصادق عليه من قبل الحكومة تصبح له الاولية وهو مشروع متكامل يختلف عن مشروع ائتلاف الكرامة الذي يهتم بفصول معينة.
في السياق ذاته اعتبر اللجمي ان التسريع في المصادقة على هذا القانون بالرغم من الظروف التى تمر بها البلاد واهتمام الحكومة بمجابهة جائحة كورونا جاءت هذه المصادقة في الوقت المناسب امام سعى بعض الاطراف الى تمرير مبادرات لا تخدم القطاع السمعي البصري، وبالتالى يمكن اليوم الاستغناء عنها خاصة وان مشروع القانون الجديد متفق حوله ، ويهدف الى تنظيم القطاع ، ويحمل العديد من النقاط الاضافية والتي منها خصوصية الهيئة وتركيبتها وكل ما يهم المشهد السمعي والبصري، والاجراءات وتصنيف المخالفات يتدارك الهنات التى رافقت المرسوم 116.... وأضاف ان هذا القانون فرصة لكل من انتقد مواصلة اعضاء الهيئة لعملهم الى غاية اليوم من اجل السعي الى ارساء هيئة وفق ما ينص عليه الدستور في اقرب الاجال وانهاء مهام الهيئة الحالية طبق القانون.
الا ان الهيئة فوجئت امس بمصادقة لجنة الحقوق والحريّات بالبرلمان، بأغلبية أعضائها على مبادرة مشروع قانون لتنقيح المرسوم عدد 116 لسنة 2011، لائتلاف الكرامة وقد صوتت كل من حركة النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة لفائدة تعديل المرسوم 116، في حين احتفظ نواب الكتلة الديمقراطية بأصواتهم مقابل تصويت نواب الحزب الدستوري الحر ضد التعديل.
وهو ما اعتبره اللجمي من المفارقات، وذلك يوما بعد اعلان الحكومة عن مشروع القانون، علما وان الحكومة تشارك فيها النهضة التي استغرب مصادقتها على مبادرة ائتلاف الكرامة المرفوضة مستغربا من سرعة التنسيق، قائلا «هذا في الحقيقة نوع من الانقلاب على القانون والدستور الذي ينص على ارساء هيئة مستقلة دائمة على خلفية قانون اساسي «مضيفا ان المصادقة على هذه المبادرة ليس له اي معنى غير ضرب المسار الديمقراطي الذي اصبح في خطر «وان تونس لا تسحق هذا بعد مرور 10 سنوات على الثورة».
وللتذكير فقد كان للهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري لقاء مع ممثلين عن «الكتلة الوطنية» بمجلس نواب الشعب وهم كلّ من رئيس الكتلة «حاتم المليكي» وعضو لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية عن الكتلة «مريم اللغماني»، وقد تناول اللقاء وضعية القطاع السمعي البصري والإشكاليات المطروحة بما في ذلك النقاشات صلب لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية بخصوص المبادرة التشريعية التي قدمتها كتلة ائتلاف الكرامة .
وعبّرت الكتلة الوطنية خلال هذا اللقاء عن دعمها للهيئة في إطار القيام بمهامها بعيدا عن كل الضغوطات السياسية وضدّ أي مبادرة من شأنها أن تمس من حيادها ومن استقلاليتها ومن المبادئ التي كرسها الدستور التونسي. كما وجّهت الدعوة لكل الأطراف ومكونات المجتمع المدني لدعم الهيئة لما يكتسيه القطاع السمعي البصري من أهمية في المحافظة على مكتسبات المسار الديمقراطي في تونس.
وأكّد رئيس الكتلة حاتم المليكي وفق ما نشرته «الهايكا» أنّ دعم الهيئة يعود إلى قرائن واضحة وجدية في شبهات وإخلالات تحوم حول تمرير هذا المقترح المتعلّق أساسا بجهة المبادرة، خاصة وأنّ مشاركة نواب من ائتلاف الكرامة كمحامين في قضايا ضدّ الهيئة يفقدهم حقهم الدستوري في التقدّم بمبادرة تشريعية في هذا المجال.
كما أكّد رئيس الكتلة على أن هذه الإخلالات تشمل أيضا جهة النظر في هذه المبادرة المتمثلة في لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية خاصة وأن تركيبة اللجنة الحالية لا تسمح بالنظر في مبادرة تتعلّق بمجال الاتصال السمعي البصري لوجود شبهات تضارب مصالح مرتبط بتمرير المبادرة التي تقدّمت بها كتلة ائتلاف الكرامة لأنها تشكل تهديدا حقيقيا لاستقلالية الهيئة ولحريّة الإعلام في تونس وكل المكتسبات الضامنة له.
منظمة البوصلة
رصد اخلالات خلال جلسة المصادقة على تنقيح المرسوم عدد 116
صادقت أمس لجنة الحقوق والحريات على مقترح القانون المنقح للمرسوم عدد 116 المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري والمقدم من قبل نواب ائتلاف الكرامة. ومن خلال متابعة منظمة البوصلة لمسار المشروع داخل اللجنة، ولئن تثمن السرعة غير المعهودة التي ميزت النظر فيه، إلا أنها تلفت الانتباه إلى الاخلالات التي تم رصدها:
أولا: وجود شبهة تضارب مصالح لدى جهة المبادرة (كتلة ائتلاف الكرامة) وأعضاء مكتب لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية المتعهدة بالنظر; حيث أنه وفي نفس الوقت الذي تنتمي فيه رئيسية اللجنة الى كتلة قلب تونس ونائب الرئيس ومقرر اللجنة إلى كتلة ائتلاف الكرامة، ينص مقترح القانون على حذف شرط الترخيص لإحداث القنوات الفضائية والإذاعية، وهو ما من شأنه أن يمكن بعض الأطراف المنتمية للكتل المذكورة وبعض الأطراف الموالية لها من تسوية وضعية قنواتها وإذاعاتها غير القانونية.
ثانيا: خرق النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب بمنع النائبة مريم اللغماني المنتمية للكتلة الوطنية من المشاركة في أعمال اللجنة وممارستها لدورها التشريعي على اعتبار ضرورة تعويضها بنائبة عن كتلة قلب تونس على إثر معاينة شغورات في اللجنة. في حين أن النائبة انضمت الى لجنة الحقوق والحريات على اثر تكوين الكتلة الوطنية ولم تكن تنتمي الى اللجنة باسم كتلة قلب تونس، من شأنه أن يعزز وجود شبهة تضارب المصالح وإرادة الكتل (ائتلاف الكرامة وقلب تونس) للسيطرة على الأغلبية داخل اللجنة لفائدة تمرير مقترح القانون بالقوّة.
ثالثا: في نفس الوقت نادت العديد من الأطراف المستمع إليها صلب اللجنة و على رأسها نقابة الصحفيين التونسيين والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري بالتراجع على مقترح القانون نظرا لوجود شبهات تضارب المصالح الواضحة، إلى جانب دعوتها إلى فتح ملف الهيئة الدستورية - وليست الحالية - للاتصال السمعي البصري بشكل أعمق وشامل، من خلال النظر في مشروع قانونها الذي صادق أمس المجلس الوزاري عليه. غير أن اللجنة سارعت في تخصيص اجتماع (اجتماعين فقط !) للنظر في فصول مقترح القانون والتصويت عليه أمس بـ 11 صوت مع ( النهضة، ائتلاف الكرامة وقلب تونس) 03 أصوات ضد (الكتلة الديمقراطية، كتلة الحزب الدستوري الحر) ومحتفظ وحيد (كتلة الإصلاح). مع الإشارة في نفس الإطار أنه لم يتم الإعلان مسبقا عن موعد اجتماع اللجنة المخصص للمصادقة على مقترح القانون على الموقع الرسمي لمجلس نواب الشعب، مما يعد خرقا للنظام الداخلي وضربا لشفافية أعمال اللجنة على الرغم من أهمية وحساسية الموضوع.