بعد فشل جلسة التفاوض أمس وانسحاب وفد اتحاد الشغل: ملف التفويت في المؤسسات العمومية.. المعركة الأولى بين الاتحاد والحكومة

• الاتحاد يتمسك بالتنصيص على المحافظة على الصبغة العمومية للمؤسسات والحكومة ترفض التعديل

يبدو أن المنشآت والمؤسسات العمومية ستكون المعركة الأولى بين الاتحاد العام التونسي للشغل وحكومة الياس الفخفاخ، معركة خاضتها المنظمة الشغيلة مع حكومة يوسف الشاهد ووصلت الى حدّ إقرار تنفيذ إضراب عام تمّ إلغاؤه بعد إمضاء اتفاق 22 أكتوبر 2018 حول عمومية المؤسّسات العمومية، معركة يبدو أن الاتحاد سيجدد خوضها بعد فشل جلسة التفاوض أمس بين الحكومة والاتحاد حول مشروع قانون يتعلق بحوكمة المساهمات والمنشآت والمؤسسات العمومية المودع لدى مجلس نواب الشعب والذي كانت قد سحبته حكومة الفخفاخ من أجل القيام ببعض التعديلات، جلسة انسحب منها الوفد النقابي بسبب تواصل الخلاف بين الجانبين.

وقد انعقدت صباح أمس جلسة عمل بين وفد حكومي ووفد الاتحاد العام التونسي للشغل الذي ضمّ كل من صلاح الدين السالمي وسمير الشفي وحفيظ حفيظ وعبد الكريم جراد بإشراف رئيس الديوان بعد تعذر حضور الوزير المكلف بالحوكمة والوظيفة العمومية حول مشروع قانون يتعلق بحوكمة المساهمات والمنشآت والمؤسسات العمومية المودع لدى مجلس نواب الشعب، وبعد النقاش المطول، عبر الوفد النقابي عن معارضته للصيغة الواردة بمشروع القانون المقدم من طرف الحكومة الذي يشرع للتفويت الكلي أو الجزئي في المنشآت العمومية واعتبر الوفد النقابي أن ذلك يمثل تراجعا عن الاتفاقيات السابقة وخاصة اتفاق 22 أكتوبر 2018 ومخالفا لتصريحات رئيس الحكومة ووزير الدولة المكلف بالوظيفة العمومية والحوكمة ومقاومة الفساد، وفق ما أعلنه اتحاد الشغل في صفحته الرسمية على «الفايسبوك».

نقطة الخلاف مع حكومة الشاهد تتكرر مع حكومة الفخفاخ
وفق تصريح الأمين العام المساعد للاتحاد سمير الشفي لـ«المغرب» فإن جلسة التفاوض المنعقدة أمس قد فشلت في علاقة بمسألة تحديد موقف رسمي ونهائي للحكومة حول مضمون مشروع قانون حوكمة المساهمات والمنشات والمؤسسات العمومية بما يتماشى مع الاتفاق الحاصل في هذا الشأن بين الحكومة والاتحاد بخصوص ديمومة المؤسسات العمومية والمحافظة على صبغتها العمومية وإصلاحها وحوكمتها وإعادة تطويرها بما يمكنها من القيام بدورها الاقتصادي والاجتماعي، مشيرا إلى أن الطرف الحكومي أصر على عدم التنصيص في مشروع القانون على عبارة ضرورة المحافظة على الصبغة العمومية لتلك المؤسسات وهي النقطة الرئيسية لخلاف الاتحاد مع الحكومة السابقة والتي أدت إلى تنفيذ برقية الإضراب العام في القطاع العام للدفاع عن الصبغة العمومية للمؤسسات والدواوين وقد انتهى المطاف إلى إمضاء الاتفاق التاريخي يوم 22 أكتوبر 2018 والذي تمّ تضمينه بالتزام الحكومة بعدم التفويت الكلي أو الجزئي بالنسبة لمساهماتها العمومية في هذه المنشات والدواوين.

تشريع للتفويت الجزئي أو الكلي في مشروع القانون
وأضاف سمير الشفي أن الاتحاد لم ير أثرا لهذا الالتزام الحكومي في مشروع القانون بل يوجد تشريع للنفويت الجزئي أو الكلي في بعض المؤسسات، ليشدد على أن الخلاف كان مبدئيا منذ النقطة الأولى ولم يجد الوفد النقابي تجاوبا من الجانب المقابل في علاقة بترجمة هذا الاتفاق والالتزام الحكومي المعلن سواء من الحكومة السابقة أو الحالية في هذا النص والدليل على ذلك رفضهم تعديل الفقرة، وبين أن الحكومة مصرة على تجاوز اتفاق 22 أكتوبر وترك الباب مفتوحا للحكومة في إمكانية الخوصصة الجزئية أو الكلية لبعض المؤسسات والمنشات العمومية، بالرغم من أن هذه الحكومة رفعت شعارات اجتماعية كما أن بعض الأطراف المكونة للفريق الحكومي أصرت على ضرورة المحافظة على المنشات العمومية وتطويرها وإعادة تأهيلها كمسألة مبدئية وقد تمّ تضمين ذلك في وثيقة التعاقد الحكومي وقد استغرب الوفد النقابي بل وتفاجأ من الموقف الحكومي ليقرر الانسحاب من جلسة التفاوض وعدم مناقشة بقية الفصول الأخرى.

الاتحاد يدافع عن اتفاق 22 أكتوبر 2018
لقد تم إيداع مشروع قانون يتعلق بحوكمة المساهمات والمنشآت والمؤسسات العمومية منذ حكومة الشاهد وقد قررت حكومة الفخفاخ سحبه من البرلمان لإعادة النظر فيه باعتبار أن مشروع القانون قد أعدته وأرسلته الحكومة السابقة والتي بدورها مررته إلى البرلمان بمضمون مغاير للالتزامات التي أمضتها مع اتحاد الشغل وفي غياب التشاور والتشارك وإبداء الرأي فيه وقد عبر الاتحاد خلال الاستماع له صلب أحد اللجان في المجلس عن اعتراضه على ما جاء في مضمون المشروع، حسب قول سمير الشفي، واعتبر أن هذا المشروع يتعارض مع مصلحة البلاد والاتحاد يدافع عن اتفاق 22 أكتوبر في إطار المصلحة الوطنية للبلاد بأن تكون لها مؤسسات عمومية قادرة وناجعة وفاعلة حتى تكون للحكومة في نهاية المطاف القدرة على تعديل السوق وفي كل القطاعات النقل والتعليم والصحة وغيرها من المسائل ...

للاتحاد مقاربات متكاملة للإصلاح
واعتبر الشفي أن الحكومة التي لا تمتلك بعض المؤسسات الاقتصادية في مختلف المجالات تبقى مجردة من كل الأسلحة وفي واجهة المضاربات والاحتكارات من قبل اللوبيات، مشددا على أن موقف الاتحاد واضح وثابت في الدفاع عن المرفق العمومي والمنشات العمومية ولا يمكن أن يقبل بأي شكل من الأشكال التفويت في ممتلكات الشعب مهما كانت المبررات والضغوطات خاصة وأن الاتحاد لم يكن دغمائيا مع مسألة المنشات العمومية ولديه مقاربات متكاملة في علاقة بإصلاح هذه المؤسسات وحوكمتها الداخلية والخارجية من خلال إعادة الهيكلة الاقتصادية والاجتماعية وهذا الموضوع هو حساس جدا بالنسبة لاتحاد الشغل وهو منفتح لكل الإجراءات ذات الصبغة الإصلاحية على قاعدة المحافظة على ديمومة المؤسسات وعموميتها ونجاعتها الاقتصادية والاجتماعية والمجتمعية ولكن إذا كان الطرف المقابل سيتمسك بمبدإ التفويت فإن الاتحاد وأمينه العام نور الدين الطبوبي شدد في أكثر من مناسبة على أن تونس ليست للبيع والمؤسسات العمومية ليست عقارا أو ضيعة يتصرف فيها أي إن كان وفق رغبات أي جهة من الجهات.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115