مهدي بن غربية القيادي بتحيا تونس وعضو مجلس نواب الشعب: الحل أن يدير الرئيس حوارا وطنيا وأن تتجرّد الأحزاب من حساباتها

• من يريد استثمار الأزمة سينتهى إلى أن يحكم الخراب

يبدو ان قرار مجلس نواب الشعب رفض عرض لائحة الدستوري الحر القاضية بتصنيف الاخوان تنظيما ارهبيا لن تقف تداعياته عند التصريحات الصاخبة بل قد يكون احد عناصر تغدية الازمة السياسية التي ينبه عضو مكتب المجلس والقيادي بحزب تحيا تونس المهدي بن غربية إلى انها قد تسرع في بلوغ البلاد الى الهاوية، اذ -وفق بن غربية- فإن الوضع السياسي الراهن الذي تعيشه البلاد صعب ومتازم وعلى رئيس الدولة ان يتدخل لإيجاد مخرج لتجنب شتاء «مدمر»

• انقسم المجلس الى فريقين على خلفية مناقشة لائحة الدستوري الحر بصفتك عضو مكتب المجلس كيف تشرح ما حدث؟
اولا لي قناعة تتمثل في احترام القانون. حتى وان أسيء استعمال القانون، مثل ذلك اللوائح التي نص عليها النظام الداخلي للمجلس من منطلق ان لكل كتلة الحق في ان تقترح موضوعا خارج العمل التشريعي والرقابي للبرلمان لكن للأسف اصبح ذلك اداة للتجاذب والبحث عن تحقيق اهداف على حساب البلاد.

• هذا لا يشرح كيف غذى مكتب المجلس ازمته الداخلية؟
الديمقراطية احترام القوانين واحترام الاجراءات، وإذا اكتشف خلل او سوء استعمال يقع تعديل القانون وليس التعسف عليه، لذلك اقول ان لائحة الدستوري الحر ما كان يجب ان تعرض على التصويت بغرض تمريرها للجلسة العامة ففي ذلك مخالفة للقانون، حتى وان كان راي ان اللائحة غير ذات جدوى للتونسيين ولا تجيب عن مشاغلنا ومشاكلنا وشخصيا صوت بنعم لعرض اللائحة على جلسة عامة احتراما للقانون وان كنت سأصوت ضدها في الجلسة العامة. هذا ما ينص عليه القانون والديمقراطية هي احترام النص القانوني والتعسف عليه وان كان لغاية نبيلة خطأ قانوني يسيء للديمقراطية.

إشترك في النسخة الرقمية للمغرب

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د


هنا اود ان اذكر ان هذا مشابه تماما لموضوع مسالة رئيس البرلمان إذ أن ذلك لم يكن موضوعا يطرح للتصويت لعدم وجود سند قانوني له وانا شخصيا حينما تمسك الكل بعرض مسألة رئيس المجلس على التصويت صوت ضدها لان الامر غير قانوني.

• ومن تعسف على القانون في مكتب المجلس؟
الاطراف التي صوتت ضد عرض اللائحة على الجلسة العامة.

• وهل كنت تفضل ان يقع تمرير اللائحة لجلسة عامة مع ما قد يرافقها من جدل وتجاذب؟
رفض عرض اللائحة غير قانوني كما انه تقييم سياسي خاطئ لان الغرض الفعلي من الائحة حقق بالرفض ، فغرضها هو المزايدة وتسجيل نقاط سياسية وحشر تونس في مسألة لا تعنيها ولو مرت اللائحة كان النقاش سيبين هذا كله قبل ان يقع اسقاطها فالعقل السليم لا اظنه سيكون مع تمرير لائحة لتصنيف الاخوان كمنظمة ارهابية فهذا امر لا يعنينا وليس في صالح تونس. وربما لو مرت للنقاش العام لكان ذلك سيوفر مناسبة لابراز الموقف الثابت لتونس بأنها لن تنجر لصراعات لا تعنيها وانها لن تنجر للتخندق مع هذا الطرف او ذاك.
لكن للأسف عدم تمرير اللائحة اضر بالطرف الذي تستهدفه - وهنا اقول انه استهداف دون وجه حق - فسياسيا حققت الجهة المبادرة باللائحة اهدافها.

• هذه اللائحة تطورت تداعياتها لتصبح «ازمة حكم» بتلويح النهضة انها منزعجة من اطراف شريكة لها في الحكومة وهي في طور اعادة النظر في مشاركتها؟
اولا علينا ان لا نغفل عن ان الائتلاف الحكومي الراهن قام على جملة من المصالح والاكراهات ، فحركة النهضة التي فازت بالانتخابات كانت لها فرصة لم تحسن استغلالها فمررنا الى حكومة الرئيس وكونت حكومة جمعت مكونات متضادة ولكنها تمثل قاعدة للحكم، صحيح انه التضامن الحكومي لم يكن دائما متوفرا وارتكبت أخطاء من جل الاطراف ، لكن اود ان اشير الى ان اطرافا داخل النهضة لم تقبل منذ البداية ان تكون هذه الحكومة بمثل هذه التركيبة، قد يكون من حقها ان ترغب او تنزعج لكن عليها ان لا تنسى انها حينما كانت لها صلاحية تشكيل الحكومة اهدرت الوقت ، فربما كان من الافضل والأجدى للبلاد لو طبقت النهضة ما تدعو اليه اليوم ، اي ان تسعى لتشكيل حكومة وحدة وطنية.
لكن الحركة ذهبت الى خيار مختلف كان غير موفق واليوم تدعو اليه بعد أن فات اوانه وعليها اليوم ان تتقبل الواقع الذي لا تزال رافضة له، وهو انها طرف اغلبي نعم ولكنها عضو في حكومة الرئيس تشارك فيها اطراف اخرى.

• هذه خلفية الموقف لكن الحركة تبرر مطالبها بما يصدر عن شركاء الحكم من مواقف ترى أنه تستهدفها لذلك فهي تطالب بالتوسيع؟
من وجهة نظري مشاكل تونس اليوم والقادمة تتطلب اكبر قدر من الوحدة والتآزر الوطني ولكن هذا لا يكون بالإكراه.

• انت تلمح الى ان النهضة تريد ان تبتزكم كشركاء حكم وتبتز الحكومة لتحقيق ما اهدرته سابقا؟
اعتقد ان رغبة النهضة في تغيير الحكومة –هذا مسعى مشروع لأي طرف سياسي - جعلها تدفع دائما وتضغط نحو خيار التوسعة وتحرص عليه، وأظن ان هناك اطراف في النهضة لها من الحكمة والعقلانية ما يجعلها تدرك ان البلاد اليوم في وضع صعب وأننا مقبلون على مرحلة صعبة جدا قد تتفاقم فيها الازمة الاقتصادية والاجتماعية في ظل مشهد سياسي فقد الفاعلون فيه الثقة. اي ان الذهاب الى عدم الاستقرار السياسي قد تكون له تداعيات وأخطار اضافية على الوضع العام بالبلاد. وهنا اريد ان اتوجه لاطراف قامت بكل شيء لتغيير حكومة الجملي وعدم مرورها على امل واعتقادا ان الحكومة القادمة ستكون افضل لها ولكن الواقع كان مغايرا لما اعتقدته وهذا قد يحدث مجددا لها، اي ان تغيير حكومة الحالية لا يعنى بالنسبة لأشد منتقديها ورافضيها ان الحكومة القادمة ستكون افضل لهم.

• انت تشير الى قلب تونس؟
قلب تونس والنهضة أيضا اذ ان رغبتهما في ان يحقق لهما تغيير الحكومة وضعية افضل قد تودي في النهاية الى افساد وضعيهما وأوضاع البلاد ، فمن يعتقد ان الياس الفخفاخ خيار سيء قد يكون الخيار القادم اسوء منه.

• اذ كان الجميع يدرك لخطورة الوضع وعدم الحسم كليا في ان الرئيس عنصر تجميع ام جزء من الأزمة لماذا التمسك بتأزم المشهد وأي مخرج منه؟
رأي الخاص ، ان كل طرف سياسي وفي قناعته لا توجد ارادة الدفع الى الازمة او بلوغ الهاوية وإسقاط حكومة والذهاب الى المجهول في ظل عدم وضوح من سيعوض الفخفاخ ومن سيقترح هذا المعوض وهل سننجح في اختيار شخصية محل توافق لتشكيل الحكومة وان فشلت الحكومة في نيل الثقة هل ستمر الى انتخابات مبكرة وكيف سندير مناخها خاصة وان المرحلة القادمة ستكون الاخطر على تونس، فنحن مهددون بان نشهد خريفا صعبا قد يكون اشد من شتاء 78 خاصة في شهري اكتوبر ونوفمبر القادمين اذ انهما قد يكونا اخطر فترة تمر بها تونس نظرا للازمة الاقتصادية والاجتماعية التي لن تقتصر على تونس بل على كل العالم.

• دعني اقاطعك لاستفسر عن المؤيدات التي تستند اليها لتقول ان الخطر قادم؟
من اسباب الثورة في تونس الازمة الاقتصادية في 2008، اذ انخفضت نسبة النمو من 6.5 % الى 3 % وهذا الانخفاض كانت له تبعات ، نحن اليوم في تونس نسبة النمر ستنخفض من +2 % الى -6 %اي اننا سنفقد اكثر من 130 الف موطن شغل ستنضاف الى 650 الف عاطل. هناك مئات المؤسسات الاقتصادية ستغلق لدينا صناديق في حالة عجز كلي ولم تعد لدينا مدخرات اضافة الى نسبة تداين بلغت حدها كل هذا يتزامن مع فقدان التونسيين للامل الذي ولد في 2011. هذا كله سيفاقم الغضب لدى التونسيين الذين لم تعد المنظمات والأحزاب قادرة على امتصاص غضبهم نظرا للصراعات التي تشقها ولفقدانها جزءا من مصداقيتها . لهذا انا اعتقد ان الخريف القادم سيكون صعبا وما اخشاه ان يكون خريف متبوعا بشتاء «الدمار والخراب» الذين ان وقعها سيفتحان الباب على الأسوإ وهو اقتتال التونسيين.
هذه الفرضية المرجحة تعيها كل القوى السياسية ولكنها تريد ان تستغل الوضع لتضغط ، وما اقوله في هذا الصدد ان من لا يرغب في اسقاط الحكومة ولكنه يلاعبها للضغط ان يحذر من ان دينامكية الضغط قد تؤدي الى ارتفاع منسوب التوتر وهذا قد يؤدى الى الوقوع في الاخطاء المعجلة بالصدام والصراع اي ان من يعتقد انه يضغط لتحقيق مكسب قد يكون يدفع بنفسه وبالأخر الى الزاوية ولا يترك له خيارا غير المواجهة التي ستفتح باب التخريب و التدمير.

• نعود لسؤال اي مخرج ممكن ومكونات الائتلاف الحاكم متصارعة في ما بينها ؟
حوار صريح بين أطراف الحكم بل ويشمل المعارضة التي لا تعلن عداءها للمنظومة، لنرسم معا خارطة طريق للمرحلة لقادمة، فلا حل اخر ممكن نظرا لنتائج الانتخابات السابقة وما فرضته على المشهد من وقائع ستتكرر ان ذهبنا الى انتخابات تشريعية مبكرة. اذ لا ضمان لنا بان المشهد مختلف لهذا على الجميع ان يقتنع بانه لا بد من وقف سياسة الضغط اللا متناهي فهذا يؤدي الى الانفجار وعلينا ان نتحاور بشأن كيفية ادارة المرحلة القادمة فالاولويات والمطلوب انجازه في هذه المرحلة قد حدد سواء من هذه الحكومة او التي سبقتها .

• كيف تقنع احدا رفض امضاء وثيقة المشاركة في حوار؟
رفض الامضاء يندرج في سياسية الضغط، فقد كان مشروطا بتوسيع قاعدة الحكم. اليوم الثابت ان الجميع سيكونون خاسرين ان استمر الوضع والخاسر الاكبر ستكون البلاد.

• حسنا على فرض القبول بالحوار من هي الجهة التي سترعاه، هل هو الرئيس؟
اعتقد انه الرئيس فدوره الدستوري هو حماية البلاد ووحدتها لذلك فهو الافضل لإدارة الحوار، فهو اللاعب الرئيسي في المشهد السياسي اليوم وهو رئيس كل التونسيين ومن صلب مهامه ضمان الوحدة الوطنية وهو المؤهل للقيام بهذا الدور.
وهذا يستوجب ان تتجرد الاحزاب من بعض الاعتبارات والحسابات وان تذهب الى الحوار مع الحكومة ورئيسها ، وهنا الامر لا يقتصر على احزاب الحكم بل احزاب المعارضة ايضا خاصة تلك التي لا تعلن رفضها المشاركة في المنظومة السياسية.

• لكن الكتل الرافضة للمنظومة، وهي ائتلاف الكرامة والدستوري الحر قد يهددان هذا الحوار ويتسببان في فشله؟
صحيح ان خطاب الاقصاء والشعبوية تصاعدت حدته ولكني اقول «مجنون من يريد ان يستثمر في الازمة القادمة» فمن يريد ان يدير حملة انتخابية سابقة لأوانها عليه أن يدرك انه إذا فاز في الانتخابات القادمة سيحكم «الخراب».
ولا يقف خطر هذا الخطاب عند تشنيج الاوضاع والمناخ السياسي بل انه ادى الى ان يأخذ «القصواويون الشعباويون» الاحزاب رهائن لديهم، فاحزاب الوسط لالسف اخذت رهينة لدى الحزب الدستوري الحر وخطابه المتشنج بينما النهضة اخذت رهينة لائتلاف الكرامة الذي يمثل اقصى اليمين الشعبوي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115