التي بات جليا انها شرعت في الخروج من «قلب العاصفة» – في انتظار نتائج التحقيقات – نطرا للمؤشرات المتعددة الصادرة سواء عن رئاسة الجمهورية او عن الحكومة وأحزابها المكونة لها.
في حواره اول امس الخميس مع موقع نواة لم يطل الياس الفخفاخ الحديث عن ملف شبهة تضارب المصالح، فالرجل تعامل مع لامر على انه «جدل» صحي ولكن لا يجب ان يوظف بطريقة خاطئة وقال انه لازال ملتزما بتعهده الاستقالة ان ثبتت الشبهة اما بحكم قضائي او بتحقيقات ادارية وبرلمانية.
هنا اغلق الرجل الملف، او هذا ما اراده، مشددا على انه جاء لمنصب رئيس الحكومة ليبقى فيه طوال العهدة الدستورية، أي خمس سنوات فالبلاد وفق قوله لم تعد تحتمل عدم الاستقرار وان فرضيات « قرطاج2» و»ترويكا 2» لم تعد ممكنة ولن تحدث كما يقول.
هذه الاشارات الصريحة الى ان حكومة الفخفاخ تعتمد على «الهجوم» كخطة اساسية للدفاع عن نفسها ضد كل ما يسلط عليها من ضغط المعارضة واحزاب في الائتلاف الحاكم كان سابقا للكشف عن شبهة تضارب المصالح، وتضاعف نسقه مع بروز الملف، خاصة من قبل حركة النهضة التي قالت ان دعمها للحكومة سيستمر ولكنه سيكون مشروطا بنتائج التحقيقات، اضافة الى احيائها لدعوتها القديمة بتوسيع الائتلاف الحاكم كخيار وحيد لتوفير الاستقرار السياسي.
تلميحات تقبلتها الحكومة التي تقول اسماء السحيري المتحدثة باسمها ان كل افرادها متضامنون مع رئيسها ضد الحملة التي يتعرض لها، وان الاخير – أي الفخفاخ لم يطرح مسألة استقالته من منصبه وان الامر مستبعد الان .
ويبدو ان هذه الاستراتيجية لاحتواء الازمة لم تكن دون مباركة من رئاسة الجمهورية – التي يتدثر الفخفاخ بها ويعتبرها احد ركائز شرعيته – بل انها لم تكن لترسم دون ضمان انه سيكون داعما له وان عبر التدرج للحكومة ولرئيسها.
فقيس سعيد الذي لم يصدر بعد موقفا رسميا من ما اثير بشان الشبهة، حرص على ان تحمل جل كلماته التي اسمعها لمن استقبلهم، وهم بالاساس الامين العام لاتحاد الشغل وراشد الغنوشي، تلميحات صريحة بدعمه للفخفاخ واعتبار ان مايحدث محاولة «للتفجير» من الداخل.
تفجير اعلن الرئيس انه لن يسمح به، وهذا ما اعطى الضوء الاخضر للفخفاخ لينطلق في تنزيل استراتيجية الاحتواء ومن ثمة الخروج من الأزمة خلال الايام الفارطة وخاصة امس، اذ التقى بالرئيس قيس سعيد وبرئيس مجلس النواب راشد الغنوشي في لقاء ثلاثي اشرف عليه صاحب قرطاج وحدد مبتغاه والهدف منه (انظر مقال دنيا حفصة في ذات العدد) .
لقاء تمحور بالأساس حول ضرورة مغادرة قلب الازمة والاتجاه الى الانفراج في العلاقة بين الفاعلين الاساسين في المشهد، وهم لا يقتصرون على ثلاثي الحكم بل تتضمن قائمتهم احزاب الحكم والكتل البرلمانية الداعمة للحكومة.
هؤلاء التقى بهم الفخفاخ امس ساعات قليلة بعد لقائه برئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، واللقاء وفق بلاغ الحكومة تمحور بشأن مزيد تعزيز التعاون والتضامن بين مكونات الائتلاف الحاكم مع تشديد الفخفاخ على توحيد الجهود وتنسيق المواقف بين كل اطراف الحزام السياسي المكون من الاحزاب السياسية والكتل البرلمانية الداعمة للحكومة .
تطورات حملتها لقاءات وتصريحات تؤكد بشكل صريح ان الفخفاخ استعاد توازنه وانتقل الى مرحلة ما بعد الازمة، وهذا يعنى بشكل غير مباشر ان الياس الفخفاخ اعتبر أنه والحكومة قد نجوا من الازمة التي كادت تعصف بهم، على الاقل في الوقت الراهن- وانه انطلق في فرض زمنه السياسي لكسر زمن الازمة، أي انه انتقل من لعب الدفاع عن نفسه الى الامساك بنسق الفعل السياسي ذلك أنه هو من يحدد الاولويات ويرتبها، بعد ان ضمن ان موقف متناغما مع الرئاسة، التي يبدو انها لن تتخلى عنه في القريب العاجل وستكون «مظلة» يحتمى بها كلما اشتدت الخطوب عليه، وان كان بشكل مخفي لا يجر المؤسسة الى الازمة بدورها ويضعها في حرج او موضع تساؤل.
السؤال اليوم لم يعد يتعلق بمصير حكومة الفخفاخ بل عن الخيارات التي سيتخذها لاحتواء الازمة، فقد حسم الامر وحدد رئيس الحكومة خياره وهو البقاء في المشهد والتمسك بمواقفه القديمة، خاصة المتعلقة برفض توسيع الحزام السياسي الذي تتمسك به النهضة.
السؤال أي خيارات ستتجه إليها النهضة خاصة وانها تستشعر فقدانها للتحكم في الزمن السياسي امام الرئيس من قبل واليوم امام الفخفاخ، وهذا سيجعلها مجرد لاعب ثانوي في المشهد الذي تريد ان تهيمن عليه وتحركه.
حكومة الفخفاخ والأزمة السياسية: بداية الخروج ....
- بقلم حسان العيادي
- 10:30 04/07/2020
- 1944 عدد المشاهدات
تمحور كل شيء امس حول الازمة السياسية التي تشهدها البلاد على خلفية شبهة تضارب المصالح وتداعياتها على مصير حكومة الفخفاخ ،