ملف تضارب المصالح والمؤتمر الـ11 للحركة ومسألة بقاء الغنوشي– اذ اختارت الحركة ان تلاعب الفخفاخ وان تمسكه من «ذراع تضارب المصالح» لدفعه إلى الاذعان لتوسيع الائتلاف الحاكم.
كشف عبد الكريم الهاروني رئيس مجلس شورى حركة النهضة امس، ان اشغال الدورة الـ40 للمجلس التي انعقدت يومي السبت والاحد الفارطين، ناقشت جملة من الملفات الوطنية والداخلية وانتهت بعد مناقشات الاعضاء الحاضرين وهم أكثر 130 عضوا الى اقرار جملة من الخيارات السياسية والتنظيمية للحركة.
وأول الخيارات التي تبناها المجلس كانت «التاكيد على اهمية الاستقرار السياسي في البلاد» لمواجهة الاوضاع «الاستثنائية» والعصبة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، وتفاقم الصعوبات نتيجة تداعيات فيروس كوفيد-19. وحرص النهضة على الاستقرار عبرت عنه بالتشديد «على دعم الائتلاف الحكومي في اطار الوثيقة التعاقدية» والابتعاد عن المعارك الثانوية والمناكفات السياسية.
لكن النهضة التي تتمسك بدعم حكومة الفخفاخ وبالدفاع عنها تضع شرطا يتمثل في «توسيع الحزام السياسي» موقف عبر عنه الهاروني صراحة بقوله الحركة متمسكة بتوسيع الحزام السياسي للحكومة وهذا «اصبح شرطا وليس امتيازا وضرورة وليس اختيارا».
والحجة المستخدمة للدفاع عن هذه الدعوة هي أن «الحكومة بوضعها الحالي لا تستطيع مواجهة التحديات»، لذلك فالنهضة ستواصل الدفاع عن حكومة الوحدة الوطنية وعن التضامن داخل الحكومة وفي البرلمان وعن توسيع الحزام السياسي.
وهذا الموقف الداعي للاستقرار السياسي وتوسيع قاعدة ائتلاف الحكم مشروط أيضا بنتائج التحقيقات المتعلقة بملف تضارب المصالح الذي تورط فيه رئيس الحكومة الياس الفخفاخ، اذ ان الحركة ستواصل الدعم وستطالب بتوسيع الحزام الى حين ظهور نتائج التحقيقات في ملفات شبهات الفساد وتضارب المصالح .
موقف جزأته النهضة الى ثلاثة اجزاء مترابطة، الاستقرار والتوسيع او الذهاب الى التصعيد واستعمال ملف تضارب المصالح، ووفق رئيس مجلس الشورى فانه إذا ثبت من التحقيقات وجود تضارب مصالح وفساد فانها ستكون حريصة على انسحاب المتورطين فيه من الحكومة ولكنها لن تنسحب حتى وان كان المتورط رئيس الحكومة نفسه الذي قالت ان ثبوت تورطه قد يؤدي الى سقوط حكومته وتشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة النهضة.
هذا الموقف الذي يحمل دعوة لعقد صفقة بين الحركة والفخفاخ، الذي بات موقفه اصعب بعد المعطيات التي كشفها العميد شوقي طبيب (انظر الى مقال مجدي الورفلي ومقال دنيا حفصة )- تقوم على ان الحركة تضع امامه خيارين إما القبول بتوسيع الائتلاف الحاكم مقابل التخفيف من التداعيات السياسية لملف تضارب المصالح او رفض دعوتها وهذا يعنى انتهاء زمنه في الحكم.
صفقة تعرضها الحركة بشكل مبطن تماما كما كان الاعلان عن فتح الباب لبقاء راشد الغنوشي رئيسا لحركة النهضة بالاشارة الى ان المؤتمر الحادي عشر هو مؤتمر مضموني وانتخابي وانه سيد نفسه، وكلها تلميحات تهدف لفتح باب تنقيح النظام الداخلي للحركة.
فرضية لا ينفيها قادة النهضة الذين يتمسكون بان الحركة تحترم قانونها وان المؤتمر هو سيد نفسه فإذا ارتأى ان يعدل النظام الداخلي بما يسمح بعهدة ثالثة لرئيسها فانه صاحب القرار السيادي.
هذا التلميح يقترن بالإشارات الصريحة الى ان النهضة لازالت في حاجة الى الشيخ المؤسس وان بقاءه فيه مكاسب للحركة كما قال الهاروني في ندوته الصحفية التي انعقدت امس، واعلن فيها ان الشورى سيكون الجهة المشرفة على اعداد المؤتمر المزمع انعقاده في نهاية السنة الحالية.
دورة انتهت وقد رسمت خيارات جديدة للحركة في التعاطي مع الشأن الداخلي التنظيمي الخاص بها وكيفية ادارة الملفات السياسية وتحسين شروط تفاوضها مع الفخفاخ لضمان امساكلها بزمام الامور في المشهد السياسي من جديد بعد ان فقدت كل الخيوط في فيفري الفارط.