القانون المتعلق بأحكام استثنائية للانتداب في القطاع العمومي: مجلس النواب وفن القفز على الواقع

منذ بداية هذه العهدة البرلمانية وسعى باستمرار المجلس لبسط نفوذه وانتزاع صلاحيات تنفيذية، رغم الازمات التي نجمت عن ذلك.

طموح يبدو انه سيجرنا الى ازمة جديدة بعد دخول المجلس في ملف التشغيل والانتداب بالوظيفة العمومية عبر مقترح قانون صادق عليه امس في لجنة الشباب.

خلال الساعات الفارطة اعلن رئيس لجنة الشباب والشؤون الثقافية والتربية والبحث العلمي عن المصادقة على مقترح قانون استثنائي للانتداب بالوظيفة العمومية من 6 فصول ينص على الانتداب المباشر في الوظيفة العمومية للمعطلين عن العمل ممن تجاوزت فترة بطالتهم 10 سنوات .
قانون انطلق مساره كمقترح لتعديل القانون عدد 4 لسنة 2012 والذي الغي العمل به في 2013 وفق نص القانون نفسه يتعلق بإجراءات استثنائية للانتداب في الوظيفة العمومية لمن طالت بطالبتهم او لأحد افراد اسر شهداء وجرحى الثورة او المتمتعين بالعفو التشريعي العام.

مقترح قانون تمت امس المصادقة عليه في اللجنة برمته بعد مناقشته فصلا فصلا والاستماع الى المتداخلين في الملف ويراهن اصحابه وهم أعضاء لجنة الشباب والشؤون الثقافية على ان يوفر مواطن شغل لعدد قدره رئيس اللجنة بلقاسم حسن بين 60 الف و150 الف سيقع انتدابهم على امتداد اربع سنوات ينطلق احتسابها منذ صدور القانون في الرائد الرسمي أي بمعدل بين 15 الف و 37.5 الف في السنة اذ تمت المصادقة عليه في جلسة عامة.

رئيس اللجنة الذي وصف المصادقة على مشروع القانون بالحدث التاريخي غاب عنه ان المشروع الذي تمت المصادقة عليه امس في اللجنة سبق أن صادق المجلس التأسيسي على مثيل له ودخل حيز التنفيذ سنة 2012، وان الفرق بين القانونين هو الغاء امتياز شهداء الثورة وجرحاها او المتمتعين بالعفو التشريعي العام، ما تبقى من اجراءات ومنها الغاء المناظرات هو نفسه.

هذا القانون الذي سيسوق على انه انتصار للثورة والمعطلين من قبل المجلس الباحث عن تحقيق انتظاراتهم ومشاغلهم ، ليس سوى «زلة» اخرى للمجلس وجرا الى ازمة جديدة ستنزلق اليها البلاد التي باتت رهينة لصراعات التمدد وافتكاك الصلاحيات بين المجلس والسلطة التنفيذية.

مراهنة على التموقع في الساحة السياسية وكسب نقاط ذلك ما شغل اللجنة اثناء مناقشتها للقانون وجعلها تتجاهل الفصل 63 من الدستور الذي ينص صراحة « مقترحات القوانين ومقترحات التعديل المقدمة من قبل النواب لا تكون مقبولة إذا كان إقرارها يخل بالتوازنات المالية للدولة التي تم ضبطها في قوانين المالية».

تجاهل لم يكن فقط لنص الدستور بل الى التوجهات الاصلاحية المعلن عنها من قبل كل الحكومات المتعاقبة على تونس منذ 2013 خاصة المتعلقة بسياسة التشغيل والتشجيع على المبادرة الفردية وحقيقة ارتفاع كتلة الاجور ونسبتها من الناتج القومي الخام وغيرها من المؤشرات التي تنبئ بان البلاد امام حتمية مراجعة سياستها التنموية والتشغيلية.
لكن المجلس ولتجنب ضغط المحتجين ولكسبهم قرر ان يتجاهل كل الحقائق على الارض وان يكتفي بلعب دور المساند للمطالب المشروعة للعاطلين عن العمل وان كان ذلك يعنى تهيئة المناخ لصدام بين الحكومة والمجتجين باعتبار انها هي من ترفض تمكينهم من حقهم وليس المجلس.

مشروع قانون سيسوق كانتصار للمجلس لقضايا الشعب والحقيقة انه لم ينتصر الا لنفسه في معاركة مع باقي السلطة التنفيذية مستخدما حقا مشروع لكل تونسي وهو حق الشغل بطريقة مغالبة وحسابات سياسية أي بتطبيقه الحرفي لمقولة «حق اريد به باطل».

اذن كان من الاحرى للجنة ان تتقدم بمبادرات تشريعية تشجع الشباب على المبادرة الفردية تتضمن امتيازات مالية وجبائية وتبسط الاجراءات الادراية التي تنفر الباعثين من الاستثمار عوضا عن التلاعب بمطالبهم وبالدولة التي يدرك الجميع ان توازناتها المالية مخرمة وتهدد بالاسوء.
وكان من الافضل ان تتقدم اللجنة بمبادرة غير اللجوء الى اعادة احياء القانون عدد 4 لسنة 2012 الذي كشف عجره عن معاجلة ازمة البطالة، والبحث عن لعب دور متقدم في سياسة التشغيل وهي من خارج اختصاصه وصلاحياته.

صيغة مقترح القانون المتعلق بأحكام استثنائية للانتداب في القطاع العمومي والذي صادقت عليه اللجنة :
• الفصل الأول : لا تنطبق صيغة المناظرة الخارجية بالملفات والإختبارات على :
- الانتداب المباشر على دفعات سنوية متتالية للعاطلين عن العمل من أصحاب الشهادات العليا الذين قضوا فترة بطالة لمدة عشر سنوات فأكثر والمسجلين بمكاتب التشغيل.
ويتم ترتيبهم تفاضليا وفق مقياسي سن المتخرج وسنة التخرج .
يخضع العاطلون عن العمل المشار إليهم في هذا الفصل إلى فترة تكوين مناسب .
وتضبط كيفية تطبيق هذا الفصل بمقتضى أمر حكومي .
• الفصل الثاني : لا تنطبق صيغة المناظرة الخارجية بالملفات والإختبارات على :
- الذين بلغوا سن 35 سنة فأكثر ولم تبلغ مدة بطالتهم 10 سنوات فأكثر
• الفصل الثالث : لا تنطبق صيغة المناظرة الخارجية بالملفات والإختبارات على :
- الإنتداب المباشر لفرد من كل عائلة جميع أفرادها عاطلون عن العمل . ويقصد بفرد من كل عائلة الأصول أو الفروع أو الإخوة أو القرين .
تضبط بمقتضى أمر حكومي كيفية تنفيذ هذا الفصل .
• الفصل الرابع : تخصّص نسبة لا تقل عن 5% من الانتدابات السنوية بالوظيفة العمومية تسند لفائدة الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يستجيبون للشروط المنصوص عليها بالقانون عدد 41 لسنة 2016 المؤرخ في 16 ماي 2016 المتعلق بتنقيح القانون التوجيهي عدد 83 لسنة 2005 المؤرخ في 15 أوت 2005 المتعلق بالنهوض بالأشخاص ذوي الإعاقة وحمايتهم ، شريطة أن تكون لهم المؤهلات للقيام بالعمل المطلوب.
• الفصل الخامس : يترتب عن كل تصريح مغالط منع المترشح من المشاركة في المناظرات في القطاع العمومي لمدة ثلاث سنوات ، وفي صورة نجاحه يتم عزله عن وظيفته مع مراعاة الإجراءات المنصوص عليها في التشريع الجاري به العمل.
• الفصل السادس : يستكمل تنفيذ هذا القانون في مدة لا تتجاوز أربع سنوات ويصبح نافذا بداية من المصادقة عليه وختمه ونشره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115