أزمة الكورونا وبين امتصاص غضب المحتجين، سواء أكانت قطاعات أو جهات، ويبدو أن شهر جوان الجاري كان ساخنا جدا، وبات التصعيد بتنفيذ إضراب عام هو الحلّ الأخير للمحتجين وذلك من أجل الضغط على الحكومة للاستجابة إلى مطالبهم القديمة المتجددة بين تفعيل الاتفاقيات السابقة واحترام محاضر الجلسات وبين تسوية الوضعيات وسحب الفصل 2 من القانون العام للوظيفة العمومية والمطالبة بالتنمية والتشغيل، فبعد يوم من الإضراب العام الذي نفذه أعوان قطاع الصحة، نفذت كل من معتمدية النفيضة من ولاية سوسة وحاجب العيون من ولاية القيروان إضرابا عاما يوم أمس.
تم تنفيذ سلسلة من الاحتجاجات والإضرابات القطاعية والجهوية خلال الشهر الجاري مع إقرار خطوات تصعيدية جديدة خاصة في قطاع الصحة، حيث لوحت الجامعة العامة للصحة بعد تنفيذها للإضراب العام يوم 18 جوان الجاري بالدخول في اعتصامات بمقرات إدارات المستشفيات بداية من يوم الاثنين 22 جوان الجاري مع مواصلة تأمين علاج المرضى في انتظار انعقاد الهيئة الإدارية لإقرار الخطوات التصعيدية القادمة، تحركات احتجاجية عديدة ستعيش على وقعها البلاد بالرغم من أن عدة إضرابات قد تمّ تعليقها على غرار إضراب أعوان المخابز الذي كان مقررا أيام 23 و24 و25 جوان الجاري وتأجيل إضراب أعوان وإطارات وزارة التجارة إلى 30 جويلية المقبل بعد أن كان مبرمجا يوم 30 جوان الجاري.
الإضراب نتيجة لتعطل المفاوضات
مازال الوضع الاجتماعي في المكناسي متوترا على خلفية اعتصام أعوان منجم الفسفاط وفشل الجلسة التي عقدت يوم أمس بمقر وزارة الطاقة والمناجم التي تمحورت حول وضعية منجم الفسفاط بالمكناسي وعملته وأيضا في تطاوين بسبب التحركات التصعيدية التي أقرتها تنسيقية اعتصام الكامور لتضاف إلى القائمة معتمدية النفيضة من ولاية سوسة وحاجب العيون في ولاية القيروان وتنفيذهما يوم أمس إضرابا عاما، ويأتي الإضراب العام الذي تمّ تنفيذه في النفيضة احتجاجا على الطرد التعسفي وضرب العمل النقابي بالشركة التونسية للورق المقوى، وكذلك تنديدا بالطرد التعسفي وعدم تطبيق اتفاقية المؤسسة وضرب العمل النقابي داخل شركة «تاف تونس» المستغلة لمطار النفيضة الحمامات الدولي إلى جانب عدم تمكين العمال بمعمل الطابع وبالمدبغة العصرية من أجورهم، فضلا عن عدم تفعيل الاتفاقيات المبرمة مع إدارة المركب الفلاحي والصناعي بالنفيضة، وفق تصريح إعلامي للكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بسوسة، قاسم الزمني الذي شدد على أن معتمدية النفيضة، دخلت في إضراب عام احتجاجا على تدهور الأوضاع الاجتماعية والمهنية بعدد من المؤسسات، وعلى خلفية تعطل المفاوضات في عدد من القطاعات.
«إضراب شرعي وقانوني»
وصف الأمين العام المساعد بالإتحاد العام التونسي للشغل، حفيظ حفيظ، الإضراب العام بمعتمدية النفيضة بـ «الإضراب الشرعي والقانوني «، مشيرا إلى أن المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل، يساند مساندة مطلقة المطالب المشروعة التي يرفعها النقابيون بالنفيضة، ليشدد خلال إشرافه على تجمع على أن هذا الإضراب العام جاء بعد استنفاذ جميع الأساليب الحوارية وبعد فشل الجلسة الصلحية التي انعقدت، أول أمس تحت إشراف المعتمد الأول وبحضور المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بسوسة والاتحاد المحلي والكتاب العامين للنقابات الأساسية لعدد من المؤسسات بالنفيضة.
تفعيل القرارات المعلنة منذ سنة 2017
نفذت في ولاية القيروان -وبالتحديد- حاجب العيون يوم أمس إضرابا عاما ومسيرة سلمية للمطالبة بتفعيل القرارات الحكومية لفائدة الجهة والحق في التنمية والتشغيل تحت شعار « حاجبي ومن حقي نعيش «، دعا إليه الاتحاد الجهوي للشغل الأسبوع المنقضي، لمطالبة الحكومة بتفعيل قراراتها المعلنة منذ سنة 2017 لفائدة الجهة ومن بينها إحداث محكمة ناحية، وتحويل المستشفى المحلي إلى مستشفى جهوي، وإحداث مركز للتكوين المهني وبالحق في التنمية والتشغيل، وحسب تصريح إعلامي للكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل السيد السبوعي فإن الاتحاد يدعم أهالي حاجب العيون في حقهم المشروع في تحقيق التنمية العادلة وتوفير مواطن شغل لأبناء المنطقة، وأضاف أن معتمدية حاجب العيون تعاني منذ سنوات من التهميش الممنهج والتفقير وإفراغها من المؤسسات ومن المشاريع ومن مواطن الشغل، ودعا إلى تفعيل القرارات الحكومية. ويذكر أن معتمدية حاجب العيون تعيش منذ فترة على وقع حراك شعبي بعد حادثة «القوارص».
اعتصام عمال منجم الفسفاط بالمكناسي
ويشار أيضا إلى أن المكناسي شهدت حالة احتقان منذ أيام بسبب تدخل قوات الأمن لفض اعتصام عمال منجم الفسفاط بالمكناسي كانوا قد دخلوا فيه منذ يوم 4 ماي المنقضي، للمطالبة بتفعيل عمل منجم الفسفاط وإدماج 164 عاملا صلب شركة فسفاط قفصة، كما قاموا بسلسلة من الاحتجاجات للمطالبة بتسوية وضعياتهم المهنية بعد أن انتهت عقود عملهم يوم 30 افريل 2020. وبالنسبة إلى توتر الأوضاع في ولاية تطاوين فيعود على خلفية الخطوات التصعيدية التي أقرتها تنسيقية الكامور.
يبدو أن البلاد باتت على صفيح ساخن بين التلويح بالتصعيد في التحركات الاحتجاجية وبين تتالي الدعوات لعدم فتح الحدود يوم 27 جوان على خلفية تصاعد المخاوف من عودة انتشار فيروس الكورونا بعد ارتفاع عدد الحالات الوافدة المسجلة، وباتت الحكومة اليوم في مواجهة حقيقية مع عدة مطالب ودعوات ناهيك عن الأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها البلاد زادت في تعميقها أزمة الكورونا.