اجتماع المكتب التنفيذي للاتحاد وخيارات الحكومة : التهـــدئـــة

يبدو ان المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل الذي انعقد يوم امس في صفاقس اختار ان « يهدئ» تجاه الحكومة رغم تحذيره في بيانه الختامي من المساس بالأجور،

تهدئة يكشفها سمير الشفي الذي يشدد على ان الاتحاد يحبذ ان تعالج الملفات بينه وبين الحكومة بالحوار مع اشارته الى تفهم الوضع الصعب للمالية العمومية.
خلال الساعات الـ48 السابقة لانعقاد المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل تصاعد غبار «الحرب» بين منظمة الشغالين وحكومة الياس الفخفاخ على خلفية الخيارات التقشفية للحكومة والتي طالت الاجور التي اعلن رئيس الحكومة عن تجميد زياداتها.
وهذا القرار يضاف إلى غيره من القرارات التي اعلنت عنها الحكومة خلال الاسابيع الفارط عبر سلسة من المراسيم، كانت ابرز نقاط جدول اعمال المكتب التنفيذي الذي انعقد امس بصفاقس في ظل غضب وتلويح بالرد اعلن عنه في تصريحات وخطابات قادة الاتحاد على غرار الامين العام نور الدين الطبوبي او حفيظ حفيظ.

في ظل هذه الاجواء انقعد المكتب التنفيذي للاتحاد ليصدر عنه بيان رغم ما تضمنه من تلميحات صريحة لرفض بعض الخيارات الحكومية والمطالبة بالذهاب الى مراجعة الديون وجدولتها الا أنه تراجع عن نهج التصعيد اذ ينص البيان في فقرته الاولى على استغراب الاتحاد من تهديد رئيس الحكومة للموظّفين والأعوان العموميين والمتقاعدين بالتخفيض من أجورهم وهو ما اعتبره تحميل «الخلل الحاصل في الميزانية» على كاهل الاجراء. هذا مقابل «التغاضي» عن مقاومة التهرب الجبائي وعن حث «الجهات المالية المتنفّذة» للقيام بواجبها الوطني في الإنقاذ والإمعان في رفض خيار مراجعة سداد الديون.
استغراب مس كل شي ليمهد للاعلان عن الموقف الرسمي للمنظمة وهو «الرفض المطلق للمساس بأجور العمّال والموظّفين»، هذا النصف الاول اما النصف الثاني فهو «التأكيد على وجوب التزام الحكومة بتعهّداتها .... ومنها القسط الثالث من الزيادة العامّة في الوظيفة العمومية» .
بعد الاستغراب والرفض تأتي الدعوة للحوار اذ يشدد البيان في فقرته الثالثة على ان المكتب التنفيذي يدعو الحكومة إلى التفاوض الجدّي من أجل إنهاء الملفّات العالقة والعمل على فضّ العديد من المشاكل القطاعية والجهوية.
موقف يشرحه سمير الشفي في تصريح لـ«المغرب» بالاشارة الى ان ما تضمنه البيان تعبير عن «موقف ثابت للاتحاد في علاقة بالسياسات الحكومية المتعاقبة منذ 2011»، وهي سياسات يقول بانها «أثقلت كاهل الاجراء والموظفين» سياسات ادت الى تفقير التونسيين، حيث يشير الى ان الجائحة كشفت ان حوالي 4 ملايين تونسي باتوا عند «خط الفقر».

سياسات يشير الشفي الى انها مستمرة مع حكومة الفخفاخ والى ان الاتحا يرفضها ويرفض استمرارها رغم اقراراه بوجود ازمة في التوازنات المالية ويرى ان «السياسات المرتعشة» لن تعالجها، بل إن الإجراءات الجريئة والشجاعة تحقق تغيير المنوال التنموي في تونس الذي بات تحت هيمنة «القطاع التجاري».
بعد شرح لأسباب شحّ الموارد المالية للدولة قدم الشفي نصيحته للحكومة لتعبئة موارها وذلك بالذهاب الى «جيوب الحيتان الكبيرة التي استثرت على حساب المجموعة الوطنية» اضافة الى جدولة الديون الخارجية» عوضا عن خيار تحميل الاجراء اعباء التوازنات المالية.
خيار قال الشفي ان الاتحاد تفاجأ به وصدم منه خاصة إذا تعلق الامر بتلميح الفخفاح الى ان الدولة قد «تصل لمرحلة الخصم من الاجور وإلغاء المنح». تلميح اعتبره الاتحاد تهديدا بمس حقا مكتسبا في اطار البحث عن الحلول السهلة التي يحذر الشفي من انها قد تنقل الازمة الاقتصادية والمالية الى مربع ازمة اجتماعية تاتي على الاخضر واليابس.

ولتجنب هذا يطالب الاتحاد الحكومة ان تلتزم بالتعهدات السابقة والاتفاقيات، باعتبار استمرارية الدولة وان تغيرت الحكومات والافراد وهذا يفرض على الفخفاخ وحكومته الوفاء بالتزاماتها لتجنب هز الثقة وإفقاد المفاوضات الاجتماعية لجدواها، وهذا إذا حصل سينتقل البلاد الى طور «قانون الغاب» وفق الشفي الذي يشدد على حرص الاتحاد على توفر الحد الأدنى للثقة والحافظ عليه.

حرص يتمسك به الاتحاد الذي يعلن القيادي فيه انه منظمة ستبلغ مواقفها كما فعلت في السابق عبر الحوار، اذ ان للاتحاد تقاليد في ادارة الحوار الاجتماعي وهو يراهن عليه بلوغ التوافق اذ يقول القيادي انهم لا يعتقدون ان الفخفاخ «يرغب في ادارة حوار عبر الفضائيات».
اعتقاد المنظمة يكشف انها ترغب في تجنب التصعيد الخطابي والبحث عن منطقة وسطى بينها وبين الحكومة التي قال الشفي ان الاتحاد «حريص كل الحرص على نجاح الحكومة لان في نجاحها نجاح تونس» وهذا لا يتحقق الا بمعالجة امهات القضايا كما يقول وأولها الملف الاجتماعي. ملف يقول الاتحاد انه يرغب في معالجة عبر الحوار، والحوار يرغب في ان يكون بعيد عن المزايدات وعن كل ما من شأنه ان يؤثر على جدية التفاوض.
البحث عن التهدئة هو ما كشفه البيان الصادر امس واكدته تصريحات قادة الاتحاد التي تجنبوا فيها التلويح بالتصعيد او الذهاب الى «الصدام» مع الحكومة وهذا يبدو انه مقترن بقراءة المنظمة للمشهد السياسي وتعقيداته التي قد تكون فرضت على الاتحاد المقبل على مؤتمر ان يوجل الصدام مع الحكومة مخافة ان يجره ذلك لصدام مع رئاسة الجمهورية .

الاتحاد يرفض التجييش ويرفض منع التظاهر
ابدى اتحاد الشغل رفضه لـ«تصاعد موجة التجييش والتحريض والاعتداءات والتضيق على الحريات ومحاصرة التحركات الاحتجاجية» ليجدّد المكتب التنفيذي تأكيده على تمسّكه بحق التونسيات والتونسيين في التظاهر السلمي والاحتجاج القانوني. واعلان ادانته لما وصفه بـ«الأسلوب القمعي المعتمد في مجابهة التحرّكات الاجتماعية» وفي الختام دعا الى «النأي بالمؤسّسة الأمنية عن النزاعات الاجتماعية والخلافات السياسية» دون ان يغفل عن التحذير «من تزايد الانتهاكات وما قد تخفيه من إضمار لانتهاج سياسات قمعية قد تعيد بلادنا إلى مربّع الاستبداد أو تدفعها إلى الفوضى وردود الفعل العنيفة».
التمسك بقانون الاقتصاد الاجتماعي والتضامني
اعلن اتحد الشغل في بيان مكتبه التنفيذي الصادر امس انه يتمسّك بضرورة المصادقة على قانون الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، مذكرا بان الاتحاد كان من أول المبادرين إلى مشروع قانون في هذا الصدد نظرا لأهمّيته في معاضدة القطاعين العام والخاص للخروج من الأزمة الاقتصادية ولقدرته على تقليص نسب البطالة. كما طالب المكتب التنفيذي في بيان له ان تؤخذ ملاحظات وفده « بعين الاعتبار».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115