المنشور عدد 16 (المذكرة التوجيهية لإعداد قانون الميزانية 2021 ): الاتحاد يحذر من «الحرب»

لم تمر المذكرة التوجيهية لإعداد الميزانية المنشور عدد 16 لسنة 2020، دون ان يعلن الاتحاد العام التونسي للشغل عن موقف

واضح منها رافضا للتوجهات العامة التي أعلنتها الحكومة في منشورها، معتبرا ان هذه التوجهات العامة تهدد الامن الاجتماعي في تونس.

في نهاية الاسبوع الفارط أصدر رئيس الحكومة الياس الفخفاخ المنشور عدد 16 المؤرخ بتاريخ 14 ماي 2020 والمتعلق بالتوجهات الكبرى للموازنة القادمة، حدد فيها ما يمكن اعتباره اطارا عاما لما سيكون عليه قانون مالية 2021 واهدافه التي يبدو ان أهمها تحقيق التوازن في المالية العمومية والضغط على كتلة الاوجور.
يوضّح إطارها العام ويحدّد أهدافها.

بينما كان الجميع ينتظر من حكومة السيد الياس الفخفاخ إجراءات تحفيزية لعموم موظفي الدولة على تفانيهم وتضحياتهم خلال فترة الحجر الصحي الشامل وتوفير كلّ المرافق للمواطن ولإنجاح خطّة التصدّي لوباء الكورونا، صدمنا بهذا المنشور.
خيارات قال عنها منعم عميرة، الامين العام المساعد لاتحاد الشغل انها تكشف السياسات الحكومية التي تصب في مزيد إثقال كاهل المواطن والموظّف العمومي بصفة خاصة، بالاعباء المالية للدولة وتحميله مسؤولية تبعات الأزمة الوبائية على اقتصاد البلاد وعلى التوازنات العامة.

خيار يقول عنه عميرة، يشدد قادة الاتحاد على ان ما يصدر عنه يمثل موقفهم الرسمي بانها تكرس التوجهات اللاّ شعبية لحكومة الفخفاخ وتكشف حقيقة اختياراتها الاقتصادية والاجتماعية، وهذا التلميح يهدف الى نزع الصبغة الاجتماعية التي اصطبغت بها الحكومة في خطابات اعضائها وبالأساس رئيسها الياس الفخفاخ منذ مشاورات تشكيلها في فيفري الفارط.
نزع الطابع الاجتماعي للحكومة يبرّره الاتحاد بتوجهها للخيارات والحلول السهلة لتحقيق توازناتها المالية، والقصد تنمية مواردها الذاتية وتعبئة المستحقات المالية للإيفاء بالتزاماتها. مع اتباع سياسة تقشف برزت في التحكم في كتلة الاجور التي تبحث الحكومة وفق التوجهات الكبرى علي تجميدها قبل الانطلاق في تقليص نسبتها من مجموع الموازنة العامة ولكن بالأساس بالمقارنة مع الناتج القومي الخام.

توجهات كبرى اعتبرها الاتحاد بمثابة الإجراءات الالتفافية على مكاسب الموظفين والعملة العموميين، خاصة إذا ما تعلق الامر بدعوة الحكومة في مذكرتها الى العمل على التحكم في كتلة الأجور التي تعتبرها بلغت مستويات قياسية ، تبحث في مرحلة اولى على التحكم في ارتفاعها لتتمكن لاحقا من النزول بها الى ما تعتبره نسب معقولة ، وهذا ما يرفضه

الاتحاد ويعتبره تنفيذا لتوصيات صندوق النقد الدولي، الذي قدم توصية في 2016 بالتخفيض في كتلة الاجور لتكون في حدود 12 نقطة من الناتج الداخلي الخام.
تحكم في كتلة الاجور توصي به الحكومة عبر سياسة تقوم على وقف الانتداب في الوظيفة العمومية باستثناء بعض القطاعات ، وهو ما يعتبره الاتحاد ممهدا لنتائج كارثية، اذ ان الدولة ستسحب عروضها من سوق الشغل وهذا وفق الاتحاد سينعكس بشكل كبير

على ملف التشغيل اذ ستتقلص عروض الشغل مما يعني ارتفاع نسبة البطالة، المرشحة بدورها لتسجيل ارتفاع على خلفية تداعيات الازمة الوبائية التي اجتاحت العالم.
ومع التوصية بوقف الانتداب اوصت الحكومة في منشورها بعدم تعويض الشغورات ومن ضمنها الناتجة عن خروج الموظفيين والعملة إلى التقاعد، وتعويض الاحتياجات بإعادة التوظيف وإعادة توزيع الأعوان ، اضافة الى إرجاء إنجاز برامج جديدة للتكوين بهدف الانتداب الى سنة 2022 .

خيار وقف الانتداب وما يعنيه من تفاقم مشكلة البطالة بالنسبة للاتحاد ليس العنصر الوحيد الذي يبرر موقفه الرافض لهذه الخيارات الكبرى، بل ان التوصية بوقف الانتداب تعني ضمنيا غلقا لجملة من الملفات المفتوحة بين الحكومة والاتحاد ومنها ملف عمّال الحضائر.

ملف توصلت فيه الحكومات السابقة والاتحاد الى جملة من الاتفاقات والتعهدات، يبدو انها ستكون محل تجاذب بين حكومة الفخفاخ والمنظمة الشغلية التي تعتبر عدم لاشارة الى ادراج ملف عمال الحضائر وباقي اليات التشغيل الهشة معناه في باب النفاقات المقترحة ان الحكومة ستتراجع عن كافة الاتفاقيات السابقة.

خشية تتعزز لدى الاتحاد خاصة وان المنشور تضمن توصية من الحكومة الى يكافة الوزارات بعدم إمضاء أيّ اتّفاق أو اتّخاذ أيّ إجراء أو إمضاء محاضر جلسات مع الطرف النقابي دون العودة إلى رئاسة الحكومة ووزارة المالية، اجراء تهدف من خلاله الحكومة الى تجنب أي اتفاق اولي مع النقابات تكون له تداعيات مالية، وفي ذلك تقييد لمختلف الإدارات اثناء المفاوضات الاجتماعية مما يعني افراغ آلية المفاوضة من جدواها.

توصية لوح الاتحاد بان تداعياتها ستكون» فتح الباب على مصراعيه لمختلف أشكال الاحتجاجات والتحرّكات خارج الأطر المتعارف عليها في التفاوض».

خيار اخر يعتبره الاتحاد بمثابة التضييق عليه واستهدافه، اذ ان المفاوضات القطاعية لن تكون ذات معنى طالما ان رئاسة الحكومة ستكون ممسكة بالملفات بشكل او باخر، وهذا يعنى تعسير المهمة التفاوضية للاتحاد وشحنا للخلافات الداخلية صلبه، خاصة وان المفاوضات القطاعية تمثل ابرز عناصر الاستقطاب والتجاذب الداخلي في المنظمة اللمقبلة على رهانات داخلية.

رهانات ستتعقد بحزمة توصيات الحكومة التي تشمل ايضا إرجاء ترقيات سنة 2020 إلى سنة 2021 وكذلك ترقيات سنة 2021 إلى السنة الموالية، وهذا يعنى بالنسبة « سنة بيضاء في الترقيات» أي الغاء كلّ الاتفاقات السابقة ، التي تشمل ايضا منح الانتاج التي طالب منشور الحكومة بترشيدها وربطها فعليّا بالأداء دون أن تتجاوز نسب مححدة من الاجر الصافي.

اجراء يربط الاتحاد بينه وبين التوصية لترسيم نسبة 50% من الاعتمادات المرسمة بميزانية 2020 المتعلّقة بمنحة الساعات الإضافية في الميزانية المقترحة لسنة 2021. لتعتبر منظمة الشغالين ان هذين الخيارين يعكسان توجه حكومة الفخفاخ للالتفاف على كل الاتفاقيات السابقة.
وابرز اتفاقية هي المتعلقة بزيادات الوطفية العمومية التي اعتبر الاتحاد انه لم يقع الاشارة اليها في المنشور عدد 16 كما لم يتعرض لأقساط الزيادات أكتوبر 2018 وفيفري 2019 المتّفق بشأنها مع حكومة الشاهد على ان تدرج في ميزانية 2021 .

منشور 16 او المذكرة التوجهية بات ينظر اليه من قبل الاتحاد على انه اعلان عن انقلاب من طرف الحكومة على كل التعهدات السابقة، وهذا يعتبره الاتحاد ضربا «لمصداقية التفاوض» مما يعنى انه سيكون اكثر شدة في التعاطي مع حكومة الفخفاخ التي يتهمها باستغلال ازمة «كورونا» لتمرير خيارات غير شعبية تستهدف الطبقة الوسطى.
استهداف يلوح الاتحاد بانه سيكون له بالمرصاد وسيتصدى له عبر الياته النضالية طالما ان الحكومة من وجهة نظره اعلنت «الحرب « على الاتحاد والطبقة الوسطى لارضاء صندوق النقد الدولي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115