و«الحرب» وفق سون تزو فن يستوجب الكثير من التخطيط والاستعداد والاهم معرفة الخصم بدقة، وللاسف هذا غير متوفر في حرب الحكومة على جائحة كورونا الى حد اليوم، فالبكاد بلغ عدد التحاليل المخبرية 10 آلاف مما يحول دون معرفة دقيقة للحالة الوبائية في تونس.
منذ حوالي الشهر اطل رئيس الحكومة الياس الفخفاخ ليعلن عن حزمة من الاجراءات الباحثة عن احتواء انتشار عدوى فيروس الكوفيد 19/ كورونا المستجد، انطلقت بغلق الحدود والاغلاق الجزئي لتصل الى الحجر الصحي الشامل وحظر الجولان الذين بلغا اسبوعهما الثالث، وكلفا الدولة حوالي 2،7 مليار دينار خصصت لخطة الانقاذ والدعم.
إجراءات تضمنت اجراء اختبارات علي عينة من 10 الاف شخص اعلن عنها الفخفاخ غادة اعلانه عن حزمة الانقاذ، واعتبر ان هذه العينة ستمكن من معرفة الحالة الوبائية في البلاد، لكن تتالت الايام وما كشفته وزارة الصحة من معطيات تتعلق بحجم التحاليل المخبرية استمر بذات النسق البطئ، ليكون المعدل العام في حدود 310 تحليلا في اليوم، بمجموع بلغ حوالي 10 الاف.
رقم بالكاد يقدم صورة فعلية عن الحالة الوبائية في تونس ولا يساعد على معرفة دقيقة عن منحى انتشار الفيروس في تونس او تحديد المناطق الاكثر تعرضا للاصابة، اي المناطق الممكن اعتبارها « بؤر وبائية ». وهذا يمثل تحدي خطير رغم المنطق الذي قدمته السلط الصحية والمدافع عن ان تكون التحاليل المخبرية موجهة اي تستهدف المشتبه بهم المحتمليين للتعرض للعدوى، وهذا يقلص المجال الى محيط من تاكدت اصابته بالفيروس.
إشترك في النسخة الرقمية للمغرب
منطق قد يكون له مسوغاته الصائبة - منحى النتشار ومحاولة تقصيه، نقص التجهيزات الخاصة باجراء التحاليل - ولكنه بات غير ذي جدوى منذ اعلان وزارة الصحة عن تسجيل حالات وفاة لاشخاص لم تظهر عليهم اعراض المرض بفيروس كورونا المستجد/ كوفيدــ19، وان هؤلاء الاشخاص لم يكونوا من بين المشمولين بالتحاليل التي اجريت والتي اقتصرت على تقصي اثار انتشار العدوى بتتبع من تاكدت اصابتهم.
هذا الاقرار بان مسار التقصي بات عاجزا عن اقتفاء اثر انتشار الفيروس قد يهدر الجهود المبذولة للحد من انتشاره ، وهو ما تنبه منه عدة دراسات تطرقت الى فرضيات انتشار العدوى بفيروس كوفيد 19 في تونس، والتي تستند الى علم الاحصاء الذي يتبأ بان حقيقة انتشار الوباء في تونس تبلغ ارقام مرتفعة عما تعلن عنه السلط الصحية.
تنبأ يكشف ان تونس مهدد بات تشهد ما عرفته دول تتقاسم معها خصائص تتعلق بالكثافة الديمغرافية وعدد السكان، وهذه الدول تشمل كل من بلجيكيا والسويد والبرتغال واليونان، اذ كل منها تتشارك مع تونس في ان عدد سكانها بين 11 مليون و10 ملوين، وان اختلفت تفاصيل اخرى.
السويد التي تمتاز عن تونس وباقي الدول المماثلة في عدد الساكان، بتميز شعبها بالعزلة الاجتماعية والتباعد سجلت اصابة 9 685 شخص بمعدل937،25 اصابة عن كل مليون ساكن، اليونان سجلت 2011 مصاب بمعدل 187،51 مصاب كل 1 مليون ، البرتغال سجلت 15 472 حالة مؤكدة بمعدل 1 505,55 مصاب لكل مليون ساكن، جمهورية تشيكيا سجلت 5 589 حالة مؤكدة بمعدل 522,63 مصاب عن كل مليون ساكن. وهذه الدول تشترك مع تونس في اتخاذها لاجراءات الحجر الصحي الشامل او الجزئي.
هذه الارقام المرتفعة كشفتها عينة من التحاليل المخبرية القادرة على تقديم صورة دقيقة عن صورة انتشار الوباء في الدول المشمولة، ويقابلها ضعف عدد التحاليل في تونس التي سجلت 671 حالة مؤكدة من بين 10087 تحليل ما يمثل 6،65 بالمائة من التحاليل الاجابية. وهذا يقدم 54،9 حالة عن مليون ساكن، رقم منخفظ تتقاسمه تونس مع كل بولفيا التي سجلت 264 حالة مؤكدة بمعدل 23,02 مصاب عن كل مليون ساكن. وهذا التقاسم مرده قلة التحاليل المخبرية القادرة عن كشف الصورة الفعلية للحالة الوبائية.
معضلة يبدو انها ستستمر الى غاية حلول 400 الف جهاز تحليل سريع التي اشار اليها اليها الفخفاخ في حواره الذي بث منذ اكثر من اسبوع، اجهزة قال انها ستخصص لتحديد الحالة الوبائية الدقيقة في تونس التي سجلت امس 28 اصابة جديدة من اصل 571 تحليل لا يمكنها ان تقدم الوقاع الفعلي للحالة الوبائية في تونس مع ما سجل من تجاوزات تعلقت باجراءات الحجر الصحي العام او الحجر الذاتي لمن ثبتت اصابتهم بالعدوى. غياب الصورة الدقيقة هو الخطر الفعلي الذي يهدد تونس، خاصة ان استمر الامر الي1 غاية بداية الخروج .