«الوضع بات خطيراً، وضع يصعب من خلاله السيطرة على مزيد تفشي فيروس الكورونا في البلاد وسنبلغ مرحلة يتوفى فيها الأشخاص في الشوارع وعلى أعتاب المستشفيات ويضطر فيها الأطباء إلى الاختيار بين المرضى لإنعاشهم وذلك في صورة تواصل عدم التزام المواطنين بالحجر الصحي الشامل»، هكذا لخص وزير الصحة عبد اللطيف المكي الوضع الوبائي في البلاد في ندوة مشتركة مع وزير الداخلية هشام المشيشي برئاسة الحكومة، وشدد الوزير بنبرة متأثرة غلبته الدموع والتي اعتبرها دموع قوة وليس ضعف على أن الالتزام بالحجر الصحي العام هو «قضية أمن قومي بامتياز»، قائلا « نجتهد بروح المحب لشعبه وسنعمل إلى آخر رمق ولكن لا بد أن تكون المسؤولية جماعية في الالتزام بالحجر وعدم السماح لفئة صغيرة بأن تعصف بشعب ومؤسساته».
منحى الإصابات بفيروس كورونا في ارتفاع متواصل بالرغم من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة منها خاصة الحجر الصحي الشامل الذي لم يتم احترامه من قبل عدد كبير من المواطنين، وفق تأكيد وزير الصحة الذي شدد على أنه في حال تواصل الوضع فإن النتائج ستكون خطيرة ولن ينفع الندم حينها ولن نتمكن من إحصاء عدد الموتى لاسيما أمام تعنت بعض الأشخاص من المصابين بالفيروس في الذهاب إلى مراكز الإيواء ورفضهم حتى الإفصاح بأسماء مخالطيهم، داعيا الجميع إلى الالتزام بالحجر الصحي في الأسبوعين القادمين، فهذه الفترة هي مفصلية بالنسبة للبلاد للتحكم في انتشار هذا الوباء، وعدم تسجيل خسائر بشرية أخرى يستدعي الشعور بالمسؤولية الوطنية وعدم تعريض حياة الناس إلى خطر العدوى.
عدوى مجهولة المصدر
خلال الندوة الصحفية كشف وزير الصحة فيروس الكورونا يبقى على الثياب والكمامات حوالي 12 ساعة، ويبقى على الطاولات حوالي 4 أيام و5 أيام على الأوراق، و5 أيام على البلور والمعادن ، ولكن يبقى الفيروس 6 أيام على البلاستيك، مشيرا إلى أن 80% من المصابين الموجودين في الإنعاش يتوفون كما أن حالات الوفاة لم تقتصر على كبار السن فقط وإنما كذلك الشباب والكهول، وأوضح أن الفيروس يعمل على انسداد العروق مما يفسر الوفاة شبه الفجئية لبعض الأشخاص، وبين أن اقتناء دفعة واحدة من المعدات الطبية المخصصة للوقاية يكلف الدولة 100 مليون دينار، كلفة تتجاوز نفقات عدة وزارات. وأشار الوزير إلى أن حالات الإصابة شملت كل الولايات باستثناء ولايتي جندوبة وسليانة، ليشدد على أن هناك مصابين مصدر تلقيهم العدوى مازالت مجهولة، وبين أن المصاب عندما يكون متعاوناً فإنه يسهل عملية التصدي لتفشي العدوى ولكن في صورة حصول العكس فإن مستوى انتقال العدوى سيكون مرتفعا وهو ما تم ملاحظته في حالة أحد المصابين الذي تتسبب في نشر ستة مستويات من العدوى.
إجبارية التوجه إلى المستشفيات ومراكز الإيواء
الوزير أعرب أيضا عن قلقه من تنقل الأشخاص من منطقة إلى أخرى خلسة، وأوضح أن بعض الحالات المصابة نقلت العدوى بعد خروجها من جزيرة جربة، داعيا إلى ضرورة التوجه إلى المستشفيات ومراكز الإيواء تفاديا لانتقال العدوى دون اللجوء لقوة القانون، واعتبر أن إجراء الحجر الصحي الشامل حقق نتائج ايجابية في الأيام الأولى لكن بسبب تراخي المواطنين وعدم الالتزام به ساهم في صعود منحى الإصابات وتكاثر العدوى الأفقية.
التتبعات القانونية طبقا لأحكام المجلة الجنائية
من جهته، شدد وزير الداخلية هشام المشيشي على أنه سيتم تطبيق القانون بكلّ صرامة عبر المرور إلى العقوبات الزجرية على كل من يستهتر بإجراءات الحجر الصحي وحظر التجول بما في ذلك الإيقافات والإقامة الجبرية والتتبعات القانونية طبقا لأحكام المجلة الجنائية لحماية ما تم تحقيقه في إطار التحكم في انتشار الوباء. ووصف الوزير الوضع في البلاد بالخطير وبين أن كل شخص يتعمد نقل الفيروس للآخرين سيتم متابعته قضائيا على معنى فصول المجلة الجزائية وستوجه له تهمة الإضرار بالغير، وفي حال انجر عن العدوى وفاة ستوجه له تهمة القتل على وجه الخطأ، قائلا «ستتصدى لمظاهر التدافع والمشاركة في التجمعات... تحكمنا في تطور الوباء ولن يقع اليوم التساهل مع الانفلاتات ولن نخسر صحة التونسيين بسبب استهتار بعض الأفراد’’.
8274 تحليل مخبري
حسب آخر الأرقام التي نشرتها وزارة الصحة أمس فإنه تمّ بتاريخ 06 أفريل الجاري تسجيل 27 حالة إصابة جديدة من مجموع 549 تحليلا مخبريا (المخبر المرجعي بمستشفى شارل نيكول: 273 تحليلا، مخبر معهد باستور تونس: 154 تحليلا، مخبر مستشفى فطومة بورقيبة بالمنستير: 50 تحليلا، مخبر مستشفى فرحات حشاد بسوسة : 54 تحليلا، مخبر مستشفى الحبيب بورقيبة بصفاقس: 18 تحليلا) ليصبح العدد الجملي للمصابين بهذا الفيروس، وذلك بعد التثبت من المعطيات وتحيينها، 623 حالة مؤكدة من بين 8274 تحليلا جمليا، تتوزع على 22 ولاية.
312 إصابة مؤكدة في تونس الكبرى
ارتفع عدد المصابين بفيروس الكورونا بأغلب الولايات، حيث وصل العدد في ولاية تونس إلى 144 مصابا وفي ولاية أريانة إلى 76 حالة وفي ولاية بن عروس إلى 61 حالة و31 حالة في منوبة و11 حالة في ولاية نابل و16 حالة في بنزرت و57 حالة في سوسة و26 حالة في المنستير و11 حالة في المهدية و29 حالة في صفاقس و62 حالة في مدنين و18 حالة في تطاوين و39 حالة في قبلي و9 حالات في قابس، فيما سجلت كل من ولايات زغوان وباجة والقصرين حالتين اثنتين في كل ولاية، أما ولايات الكاف والقيروان وسيدي بوزيد 5 حالات في كل ولاية في حين سجلت ولاية توزر حالة وحيدة.
135 مازالوا تحت الحجر الصحي
أما عدد الوفيات فقد ارتفع إلى 23 حالة وفاة (04 صفاقس، 04 سوسة، 03 أريانة، 01 الكاف، 01 المهدية، 01 تطاوين، 01 بنزرت، 02 تونس، 02 مدنين، 01 منوبة، 01 سيدي بوزيد، 01 نابل، 01 بن عروس). ومن جانب آخر، أكدت الوزارة أنه في إطار المتابعة الحينية للوافدين تم إلى حد هذا التاريخ إخضاع 19261 شخصا للحجر الصحي الذاتي، 19126 منهم أتموا فترة المراقبة الصحية و135 مازالوا تحت الحجر الصحي والمراقبة الصحية اليومية. كما وقع إخضاع حوالي 3000 شخصا من بين المخالطين للحالات المؤكدة للحجر الصحي الذاتي.
التحاليل المخبرية تجرى بالأساس للحالات المشتبهة
هذا، وشددت الوزارة على أن التحاليل المخبرية تجرى بالأساس للحالات المشتبهة والمحتمل إصابتها بالمرض حسب تعريف الحالة المعتمد حاليا. وتسجل أن هذا التطور في الوضع الوبائي ينبئ بمزيد انتشار المرض خلال الأسابيع القادمة طالما أن الإجراءات التي ما فتئت الوزارة تذكر بوجوب الالتزام بها، لم يقع احترامها في عديد المناسبات بكثير من المناطق. كما دعت بكل إلحاح، كافة المواطنين للالتزام الكامل باحترام القانون وكل الإجراءات المتخدة من قبل السلطات في هذا الصدد وخاصة منها إيواء المصابين بالمستشفيات ومراكز الإيواء وذلك لاحتواء المرض والحد من انتشاره.