استمرار المجلس في عمله، وهذا لب الامر. في ظل صراع ظاهر وملجّم بين السلط على من يقود البلاد في وضعها الراهن.
يوم أمس شدد رئيس مجلس النواب راشد الغنوشي على ضرورة تكامل اجهزة الدولة ووحدتها لتجاوز الوضع الازمة اراهنة التي تعيشها تونس كباقي دول العالم على خلفية انتشار عدوى فيروس الكوفيد19، تشديد اقترن بتقديم جدول اعمال الجلسة العامة، وهو متكون من نقطتين ، المناقشة والمصادقة على قرض رقاعي والثانية تفويض الحكومة على معنى الفقرة الثانية من الفصل 70 للدستور.
نقطتين عجلا المجلس عن إتمامهما، على عكس ما بشر به رئيسه في كلمته الافتتاحية التي قال فيها ان المجلس ولاول مرة في تاريخه سيتمكن من تحقيق جلساته عن بعد، لكن هذا لم يكتب له ليكتفي المجلس في جلسة امس بمناقشة والتصويت على مشروع قانون بعنوان الاحالة لفائدة الدولة للقرض الرقاعي المصرى من قبل البنك المركزي التونسي بالسوق المالية العالمية ، وموضوعها الاتفاقيات المبرمة بين البنك المركزي التونسي وجمع من مؤسسات مالية اجنبية.
نقطة استهلكت الكثير من وقت المجلس والبلاد معه، وهو ما ادركه نواب ينتسبون لكتل دافعت عن بقاء المجلس في المشهد وتمسكت بان العمل عن بعد مهم وانه سابقة يجب توفير شروط نجاحها ليستمر عمل البرلمان بصفته سلطة وممثلا للشعب.
دفاع لم يغب عنه التنويه بـ»التكنولوجيا» رغم الاقرار بوجود اخلال دفع الى اعادة التصويت على قانون القرض الرقاعي اكثر من مرة، تكنولوجيا طالب البعض بتوفير الوقت للمجلس ليحسن استخدامها، لتقدم امثلة ونماذج هدفها تثمين التجربة والقول ان تعثرها ظرفي ولا ينقص من اهميتها ومن اهمية استمرار اشغال المجلس وجلساته العامة.
دفاع قادته حركة النهضة وائتلاف الكرامة، والتحق بهم بشكل محتشم قلب تونس والدستوري الحر، جميعهم استعملوا عبارات تخفف من وقع اهدار الوقت والاعتذار لوزير المالية عن بقاءه مرتهن لانتهاء التصويت طوال امس، ولكنهم بالأساس وظفوا معاجمهم للإشارة الى اهمية استمرار اشغال البرلمان بصفته سلطة رقابية وباستمرار انعقاد جلساته العامة.
هذا ما دافعت عنه بعض كتل البرلمان امس، بقاءها في المشهد وإمساكها لجزء من خيوط اللعبة السياسية والقرار في البلاد اثناء ادارة ازمة فيروس كوفيد19/ الكورونا المستجد. بقاء تتمسك به وان كشفت جلسة امس عثراته وما قد ينجر عنه من اضاعة للوقت، دون داع فعلي، غير صراع بات مكشوف على من يمسك بمقاليد البلاد ويقودها.
صراع انطلق منذ ديسمبر الفارط بين رئيس الجمهورية ومجلس النواب ممثلا في رئيسه راشد الغنوشي وكتلة حركته، التي بات جليا انها تحرص على ضمان تموقع هام لرئيسها في المشهد التونسي العام، لا بصفته رئيس لبرلمان تنحصر مهامه في التشريع والرقابة بل بصفته كلاعب اول ورئيسي في نظام مجلسي ، يمسك فيه البرلمان بمقاليد الحكم والتشريع.
تصور دفع النهضة وشركائها - ائتلاف الكرامة ولقب تونس – الى طرح مبادرة تنظيم عمل المجلس اثناء الازمة واعتماد الية العمل عن بعد كخيار يضمن استمرار المجلس، استمرارية بحث عن ضمانها عبر تعديل مشروع القانون المقترح من الحكومة لتفعيل الفقرة الثانية من الفصل 70، قبل ان يقع التدارك لاحقا اثر جدل مع الحكومة.
تدارك بمقتضاه يفوض المجلس للحكومة اصدار مراسيم تأخذ صبغة قوانين لمدة شهرين، ولأنه تراجع من منظور كتله بخطوة لصالح الحكومة وسيتجه ليفوضها فقد بات اكثر تمسك ببقاءه في المشهد وان بنتائج كما في جلسة امس.