منظمة الأعراف: تجنب تحمّل مفرد لفاتورة فيروس «الكورونا» المستجد

يبدو ان كلمات رئيس الحكومة الياس الفخفاخ التي المح فيها الى ان الدولة قد تتجه لإجراءات من جانب واحد

ان امتنعت المؤسسات الاقتصادية الكبرى عن دعم مجهود مجابهة انتشار الفيروس كورونا المستجد / كوفيد19 قد اثارت حفيظة الاعراف الذين لم يستسيغوا التلميح وردوا بشكل صريح.

يوم أمس نشر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بيان حرص على ان يكون واضحا منذ العنوان ، وهو «الالتزام بمواصلة الدفاع عن القطاع الخاص ورفض قاطع لأي مساس بمبادئ الملكية الخاصة»، بيان رد به الاعراف عن اكثر من طرف، الاول الحكومة والثاني باقي شركاءه الاجتماعيين.
فالأعراف وهم يؤكدون ان منظمتهم ستواصل الدفاع عن القطاع الخاص، شددوا على ان دفاعهم سيكون بكل قوة، دفاع مرده ان القطاع الخاص يشغل أكثر من مليوني تونسي ، ويساهم في الاستثمار والتصدير والتنمية ويعمل على تحقيق الأمن الوطني، سواء لأنه يوفر الاكتفاء الذاتي في مجال التغذية والأدوية والصحة والنظافة، وهي قطاعات قال انها تمثل أسسا هامة للسيادة الوطنية خاصة في مثل هذه الظروف الطارئة.

هذه النقطة التي اثارها الاعراف في بيانهم – ذي 7 نقاط – مهد بها ليعلن انه يرفض «أي محاولة للمساس بمبادئ الملكية الخاصة وبحرية المبادرة بأي شكل من الأشكال «، رفض اعرب عنه بعد اشارته في اول البيان عن ارتياحه للمواقف التي عبرت عنها الحكومة مؤخرا والتي أكدت أهمية القطاع الخاص والرأسمال الوطني ودورهما الإيجابي. ارتياح تزامن مع الاشارة الى ان الاعراف متمسكون بالوحدة الوطنية، وعلى أن تونس بكل مكوناتها مطالبة بأن تكون متضامنة وموحدة لمواجهة هذه الأوضاع.

إشترك في النسخة الرقمية للمغرب

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

بيان احتفظ بأهم نقاطه للآخر وهي الدفاع عن المؤسسات الاقتصادية ورسم خطوط لن يقبل الاعراف ان يقع تجاوزها، وهي ان لا يتحملون بمفردهم التكلفة الاقتصادية لتداعيات فيروس الكورونا المستجد، وأنهم لن يقبلوا بتلويح الحكومة الى فرض اجراءات من جانب واحد ان رفضت مؤسسات اقتصادية خاصة الكبرى المساهمة في دعم جهود الحد من انتشار الفيروس، والإجراءات التي اتخذت من اجل ذلك.

تلميح صدر عن الفخفاخ في خطابه نهاية الاسبوع الفارط، وتلقفته المنظمة منذ ساعاته الاولى لتعلن انها لن تقبل بان تحمل هي تكلفة كل الخيارات السياسية الصائبة او الخاطئة، على اعتبار انها- المؤسسات الاقتصادية انهكت خلال السنوات الفارطة ولم يعد باستطاعتها ان تتحمل أي تكلفة. اعلان يبدو ان الاعراف ارادوا من خلاله تحديد مجال نفوذ ، دفع الحكومة الى تخفيف بعض الاعباء عنهم ، والاهم رفع السقف لجر الجميع الى الاصلاحات الكبرى في وقت لاحق.

اذ ان الاشادة بالقطاع الخاص والتأكيد على ان الدفاع عنه سيكون قوي، ليست إلا اعلانا عن ضرورة حماية المؤسسات الاقتصادية من الاندثار وهذا دور المجموعة الوطنية برمتها، ليس الاعراف والمستثمرين فقط ، وثانيها وهو متصل بالاول، دفع الحكومة واحراج الاتحاد ، للوصول الى توافق بشأن الانفاق العمومي وأولوياته.
فالاعراف وببيانهم المخصص للدفاع عن المؤسسات وعن الملكية الخاصة، هم يضعون خطوط حمر لا لمسألة التاميم، فهم يدركون انها خيار غير مطروح بالنسبة للحكومة وان كان احد احزابها يدفع في اتجاه ذلك، بل رفع سقف للحد من حجم التنازل لاحقا.

تنازل يدرك الاعراف انهم مقبلون عليه، وان الاجراءات الحكومية المعلنة من اجل دعم المؤسسات الاقتصادية المتضررة من الاجراءات الوقائية وان كانت توفر ضمانات لهم الا انها ستضعهم امام حتمية تحمل قسم هام من تكلفة مجابهة الجائحة، سواء في الوقت الراهن او لاحقا.

فما بعد زمن هذه الاجراءات ، يشغل بدرجة هامة الاعراف ومنظمتهم ، اذ يدركون ان المبلغ الذي رصدته الدولة في حزمة انقاذها وما ستتجه اليه لاحق لسد العجز في الموازنة التي صيغت على اسس وفرضيات لم تضع في الحسبان هذه الجائحة والخسائر التي ستتكبدها خزبنة الدولة ونقص مواردها الجبائية، مما يدفعها الى خيارات محدودة، من ببينها الرفع في الضرائب.

خيار تعويض العجر وتوفير اعتمادات للموازنة عبر الجبائة، يراه الاعراف كخطر محتمل لن يقبلوا بحلوله لذلك اختاروا منذ الان رسم حدود الممكن بالنسبة لهم، حدود لن تقبل بفرض ضرائب جديدة، وهو ما تعبر عنه بتشديدها على ان القطاع الخاص تحمل تكلفة السنوات العشرة الفارطة بمفرده.
تلميح واشارات صريحة سبقت البيان وكانت على لسان سمير مجول رئيس المنظمة، الذي اشتكى من كلفة القطاع العام والوظيفة العمومية على الدولة التي تحمها لاحقا عليهم، أي انه بشكل غير مباشر يدفع الحكومة الى اعادة النظر في كيفية معالجة اختلال الموازنة بالعودة الى مجالات تصرفها المباشر، كتلة الاجور والمؤسسات العمومية.
تلميح يراد من خلاله ان تكون فاتورة تجاوز الوضع ممولة بالاساس من الاصلاحات الكبرى، ومنها ملف الخصخصة والتحكم في كتلة الاجور، الذهاب الى التداين كحل بديل.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115