الإشكال لتجنب الذهاب الى الخيار الاخير وهو الحجر الصحي الشامل.
يوم امس استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيد بقصر قرطاج رئيس مجلس نواب الشعب السيد راشد الغنوشي ورئيس الحكومة السيد إلياس الفخفاخ ، لقاء اشار بلاغ الرئاسة الى انه خصص لبحث آخر المستجدات المتعلقة بفيروس كورونا والنظر في نجاعة الإجراءات التي تم اتخاذها ومدى التزام المواطنين بها. كما تم التطرق إلى كيفية تشديد الحرص على منع العدوى ومزيد التوقي من انتشار هذا الفيروس الخطير.
هذا اللقاء الذي قيم فيه الماسكون بمؤسسات الحكم اجراءاتهم الوقائية ومدى التزام التونسيين بها جاء بعد 24 ساعة من دخول قرار حظر التجول حيز التنفيذ الاربعاء الفارط، لكننا شهدنا تجمعات بشرية كبيرة في وسائل النقل العمومية او امام المحلات التجارية . تجمعات لمواطنين تضع هدف الاجراءات محل تساؤل، وتسلط ضغطا على المؤسسات الرسمية.
وزارة الداخلية اكدت امس عن عدم التساهل مع مخترقي قرار حظر التجول او الحجر الصحي، وزارة النقل شددت على ان الاكتظاظ في بعض الوسائل سببه سلوكيات وليس نقصا في الاسطول، وقررت ان تزيد من اسطولها خاصة الرحلات السابقة لدخول حظر الجولان، أي من الساعة الثانية الى الساعة السادسة مساء.
قرارات يبدو ان هدفها معالجة بعض الاشكاليات التي تبرز على امل ان يعالج الامر برمته دون الذهاب الى خيارات ابعد، هذه الخيارات قالت د حنان تيويري عضو اللجنة القارة لمتابعة انتشار فيروس كورونا الجديد- انها مطروحة ولكن اللجنة قدمت توصيات بالتدرج في القرارات.
تدرج قالت التيويري رئيسة قسم الأمراض السارية في مستشفى الرابطة انه يستجيب لطبيعة المرحلة، فتونس مازالت في بداية المرحلة الثانية من انتشار الوباء ولا يجب التسرع في اتخاذ الخطوات، ولكن يجب ان يستجيب المواطن للنصائح والتصويات.
نصائح قالت ان الاستجابة لها مع تنفيذ باقي الاجراءات قد يكون كفيلا بتقليص حالات الانتشار، اذ تراهن اللجة والوزارة على وعي المواطنين وادركهم لخطر الفيروس وتامل ان ينضبطوا للنصائح والاجراءات الوقائية.
امل تقول انه قد يقى من الذهاب الى خيار الحجر الصحي الشامل، قرار مضمن في استراتيجية الوقاية من الأوبئة التي انطلقت الوزارة في تفعليها، ولكنه سيفعل إذا بلغت البلاد مرحلة حساسة من تفشي الوباء. اي ان الجهات الرسمية واللجنة بالاساس باعتبار أنها التي تقدم الاستشارات، ستتابع نسق انتشار الفيروس ووفقه ستقرر الذهاب الى الحجر الصحي الشامل من عدمه. وما لم تبلغ هذه المرحلة ستظل الاجراءات الراهنة مع المراهنة على الانضباط لها، هي الخيارات المتاحة حاليا للجهات الرسمية.
هذه الاستراتيجية التي رسمت منذ جانفي الفارط يبدو انها تعول كثيرا على وعي التونسيين رغم الاشارات الواضحة الى وجود اشكالية عدم الانضباط والاستخفاف بالخطر، لكن الاحداث والسلوكيات اليومية التونسيين تضرب هذه الخيارات في مقتل وتتسبب في فشلها.
فالهدف من خيار تقليص ساعات العمل وغلق الحدود وحجر الجولان وغيره من الاجراءات الاخرى هو تقليص تواجد تجمعات بشرية للحد من خطر انتقال العدوى، ولكن هذا الهدف لم يحقق مما يستوجب اعادة النظر.