على خلفية العملية الإرهابية بمنطقة البحيرة 2: استنفار أمني..حالة تأهب قصوى..تنديد وطني ودولي ودعوات لتوحيد الصفوف وتجاوز الخلافات

حالة من الاستنفار القصوى شهدتها أمس منطقة البحيرة 2 وبالتحديد أمام السفارة الأمريكية، وحصل انتشار امني مكثف بمختلف الأماكن المحيطة بها

والحساسة اثر العملية الإرهابية التي عاشت على وقعها البلاد أمس في هذه الجهة نفذها عنصران إرهابيان أقدما على تفجير نفسيهما بالقرب من دورية أمنية بالمكان، وأسفرت العملية حسب آخر المعطيات المحينة من قبل وزارة الداخلية عن استشهاد عون أمن وهو الملازم أوّل توفيق محمّد الميساوي وإصابة أربعة أمنيبين آخرين ومدني وكانت كافّة الوحدات الأمنيّة في حالة تأهّب قصوى لمجابهة أيّة مخاطر محتملة. هذا وتمّ تعزيز تواجد الوحدات الأمنية بصفة مكثفة بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة والشوارع المتفرعة عنه، والتي تم غلقها في إجراء احترازي.


باتت حكومة الياس الفخفاخ في أسبوعها الأول من تسلمها المهام في مواجهة تحديات كبيرة، فبعد فيروس الكورونا، هاهي اليوم أمام تحد كبير وهو مكافحة الإرهاب لاسيما وأن التنظيمات الإرهابية عادة ما تعتمد على عنصر «المباغتة» لتنفيذ مخططاتها الإرهابية والرد على كل عملية أمنية استباقية ناجحة، العملية الإرهابية بالبحيرة 2 جاءت قبل يوم من إحياء الذكرى الرابعة لملحمة بن قردان الموافقة لـ7 مارس والتي تمّ خلالها القضاء على نحو 50 إرهابيا والتي أسفرت عن وقوع 22 شهيدا بين أمنيين وعسكريين ومدنيين.
التفجير لم يستهدف السفارة الأمريكية
العملية الإرهابية استهدفت دورية أمنية متمركزة أمام محيط السفارة الأمريكية بمنطقة البحيرة 2 بالضاحية الشمالية للعاصمة، على الساعة الحادية عشرة من صباح أمس، لتسارع على إثرها مباشرة القوات الأمنية من مختلف التشكيلات بتطويق المكان وتولت الشرطة الفنية جمع أشلاء الإرهابيين اللذين قضيا خلال تنفيذهما للعملية، ووفق تأكيد وزير الداخلية هشام المشيشي خلال ندوة صحفية فإن شخصين كانا على متن دراجة نارية، استهدفا بتفجير واحد دورية للأمن العمومي، نافيا بذلك ما راج من أخبار حول استهداف سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بتونس.

وشدد على أن هذا التفجير الإرهابي أدى إلى استشهاد ملازم أول من وحدات التدخل يدعى توفيق محمد الميساوي، وإصابة 4 أمنيين آخرين ومواطنة تونسية. وبين أن حالة المصابين مستقرة ولا تنبئ بأية خطورة، واصفا العملية الإرهابية بـ «الجبانة واليائسة» إزاء النجاحات التي حققتها المؤسسة الأمنية والعسكرية في مقاومة الإرهاب. هذا ورفض الوزير تقديم أية معطيات إضافية لسرية التحقيقات وتواصل الأبحاث.
دراجة نارية مفخخة
وفق تصريح الناطق الرسمي باسم القطب القضائي للإرهاب سفيان السليطي فإن الإرهابيين منفذي العملية استعملا كمية كبيرة من المتفجرات وثم الدراجة النارية التي كانا على متنها كانت بدورها مفخخة. وذكر أن الوحدة الوطنية للأبحاث في جرائم الإرهاب بالإدارة العامة للأمن الوطني بالقرجاني تعهدت بملابسات العملية بإذن من النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب.
الوقوف صفا واحدا
مع كل عملية إرهابية، تتالت البيانات المنددة بمثل هذه العمليات من قبل الرئاسات الثلاث والأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية، حيث دعا رئيس الحكومة الياس الفخفاخ في بيان صادر عن رئاسة الحكومة كافة التونسيين إلى توحيد الصفوف حول الوطن ورفض كلّ أشكال العنف وكلّ ما يمكن أن يهدد البلاد وديمقراطيتها. وقدم التعازي لعائلة الشهيد الملازم الأول توفيق محمد الميساوي متمنيا الشفاء العاجل للمصابين. كما حيا القوات الأمنية الوطنية على شجاعتها وجاهزيتها ووقوفها كسدّ منيع أمام الإرهاب في كل مكان. كما أدانت رئاسة مجلس نواب الشعب بشدة العملية الإرهابية التي جدت أمس واستهدفت قوات الأمن الوطني ووصفتها بـ «الجريمة النكراء». وأشادت في المقابل، في بيان لها بصمود القوات الأمنيّة والعسكريّة في مجابهة آفة الإرهاب، داعية أبناء الشعب إلى الوقوف صفا واحدا إلى جانبها ومؤازرتها للقضاء على ما بقي من فلول الإرهابيّين. كما دعت القوى الوطنية إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات إعلاء للمصلحة الوطنية. واعتبر البرلمان أنّه لا مستقبل للإرهاب في تونس، لاسيما وأنها تحيي اليوم ذكرى ملحمة بن قردان الخالدة، وفق ذات البيان.
مشروع قانون زجر الاعتداء على الأمنيين
حركة النهضة نددت بدورها بالعملية الإرهابية التي قالت إنها تهدد سلامة المواطنين والأمنيين واستقرار البلاد، ودعت في بيان لها إلى التعجيل بالنظر ثم المصادقة على مشروع قانون زجر الاعتداء على الأمنيين، كما دعت كل مؤسسات الدولة إلى بذل المزيد من الجهد لمحاربة الإرهاب والقضاء على هذه الآفة التي تهدد مسار الديمقراطية مثمنة كافة جهود قوات الأمن والحرس والجيش الوطني في محاربة الإرهاب وحفظ مصالح الدولة والمواطنين. من جهته دعا حزب قلب تونس في بيان له جميع مكونات المشهد السياسي والمنظمات الوطنية والمجتمع المدني إلى الالتفاف حول جميع مؤسسات الدولة من رئاسة الجمهورية ومجلس نواب الشعب والحكومة ، مشددا على ضرورة تغليب المصلحة الوطنية والابتعاد عن التجاذبات في هذا الظرف العصيب. كما دعا كافّة القوى التقدّميّة أحزابا ومجتمعا مدنيّا إلى توحيد الجهود والطاقات للدّفاع عن مكتسبات الوطن القائمة على الحريّة والديمقراطية والعدالة الاجتماعيّة وتعزيزها.
توفير الإمكانيات
حركة تحيا تونس بدورها عبرت عن إدانتها الشديدة للعملية الإرهابية ورفضها لكل تمثّلات الإرهاب فكرا وممارسة. ودعت الحركة في بيان لها كل المواطنين والمواطنات، والأحزاب الوطنيّة والمنظّمات و مكوّنات المجتمع المدني إلى وحدة وطنيّة صمّاء مسؤولة لدعم أجهزة الأمن والجيش الوطني في حربها على الإرهاب، داعية السلطات القضائيّة إلى تطبيق القانون على كل من يسعى لإعادة تونس إلى مربّع العنف. نفس الشيء بالنسبة لحزب التيار الديمقراطي فقد دعا في بيان له كافة مكوّنات المجتمع إلى الوحدة الوطنيّة من أجل مقاومة الإرهاب والعمل على الحدّ من تداعيات الأعمال الإرهابية على المستويات الأمنية والاقتصادية والسياسية، مثمنا المجهودات التي تقوم بها قوات الأمن في مواجهة الإرهاب وتضحياتها من أجل مناعة الوطن، مطالبا الحكومة بمزيد بذل الجهد ومزيد توفير الإمكانات الضروريّة للمؤسسة الأمنية والعسكرية حتّى تلعب دورها في مجابهة الخطر الإرهابي.
تطبيق قانون مكافحة الإرهاب بصرامة
حركة مشروع تونس أكدت أن الحرب على الإرهاب هي وطنيّة وإقليميّة وعالميّة ودعت في هذا الإطار لاتخاذ موقف رسمي واضح ضد الدّول التي تساند الإرهاب وتنقل الإرهابيين بما فيهم النظام التركي الذي تهدّد سياسته الخرقاء في ليبيا الأمن الوطني التونسي. كما أشارت إلى أنّ الإرهاب فكر وممارسة، وأنّ التكفير الذي ارتفع صوته أخيرا في البرلمان التونسي هو أحد أدواته الرّئيسيّة، لذلك يتوجّب تطبيق قانون مكافحة الإرهاب بصرامة على كلّ من يروّج أو يدعم الإرهاب قولاً وفعلاً. أما حزب آفاق تونس فقد طالب مجلس نواب الشعب بالتعجيل في النظر والمصادقة على قانون زجر الاعتداء على الأمنيين والتعامل بصرامة مع دعوات التكفير التي صدرت مؤخرا داخل المجلس، محذرا من عودة المد الظلامي وتصاعد خطاب التطرف، داعيا السلطات القضائية إلى تطبيق القانون على كل من يسعى لإعادة تونس إلى مربع العنف.
توقيت العملية
ائتلاف الكرامة دعا إلى الكشف عن مآلات التّحقيق في هذه الجريمة وفي كلّ الجرائم الإرهابيّة السّابقة، كي يعرف الشّعب التّونسيّ ما يحاك ضدّ ثورته واستقراره من مؤامرات وخيانات. وأضاف أن المتأمّل في توقيت هذه العمليّة الجبانة، يلاحظ بكلّ سهولة تقاطعها مرّة أخرى مع الأحداث السياسيّة الكبرى بالبلاد، مثل انعقاد الجلسة الأولى لمجلس الوزراء تحت إشراف رئيس الجمهوريّة، وعودة القوى الوطنيّة الحرّة للضّغط من أجل فتح ملفّ البترول والثروات المنهوبة. ودعا حزب البديل التونسي من جهته إلى تظافر جميع الجهود الوطنية لمعاضدة المؤسسة الأمنية وأعوانها البواسل في حماية الوطن مشددا على ضرورة الإسراع في المصادقة على القانون المتعلق بحماية الأمنيين . كما ثمن عاليا دور المؤسسة الأمنية والعسكرية وحرصهما الدائم على محاربة آفة الإرهاب حفاظا على عزة تونس ومجدها و مكتسبات الدولة المدنية، داعيا القوى السياسية والوطنية إلى تغليب المصلحة العليا للوطن والتوحد من اجل التصدي لهذه الآفة التي تستهدف قوائم الدولة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا.
في نفس السياق، أدان الحزب الجمهوري العملية الانتحارية التي جدّت أمس، معتبرا أن الإرهابيين يتربصون بالدولة ويستهدفون أمن الشعب، مستغلين ضعف وارتباك أداء مؤسسات الدولة المطالبة بالتماسك وعدم التراخي في مواجهة الخطر الأكبر الذي يتهدد أمننا القومي وتجربتنا الديمقراطية. كما شدد على أهمية الوحدة الوطنية والتعاطي المسؤول مع هذه الأحداث لتفويت الفرصة على الإرهابيين وإحباط سعيهم إلى مزيد إرباك أوضاعنا ومحاولة زعزعة الاستقرار وفق نص البيان.
منظمات وطنية تندد
المنظمات الوطنية بدورها أدانت في بيانات لها عملية البحيرة 2 ، حيث شدد كل من الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري وعمادة المهندسين التونسيين على ضرورة التماسك والوحدة الوطنية من اجل الذود عن تونس وحمايتها من الأخطار. وشددت منظمة الأعراف على ضرورة الوقوف صفا واحدا وراء المؤسستين الأمنية والعسكرية في مواجهة « دعاة التقتيل والتخريب وسفاكي الدماء». وعبر اتحاد الفلاحة عن تضامنه الكامل واللامحدود مع المؤسسات الأمنية والعسكرية وتقديره الكبير لما يتحلى به رجالاتها البواسل من وطنية عالية. وأكدت عمادة المهندسين التونسيين على أن الإرهاب ليس له مكان في تونس وهي التي تحيي اليوم السبت الذكرى الرابعة لملحمة بن قردان.. التي وقف فيها الشعب التونسي جنبا إلى جنب مع القوات الأمنية والعسكرية في القضاء على العناصر الإرهابية.
تنديد دولي
عملية البحيرة 2 خلفت أيضا ردود أفعال تنديدية دولية، حيث أدان رئيس البرلمان العربي مشعل بن فهم السلمي، في بيان صادر أمس بشدة العمل الإرهابي الجبان. وأكد السلمي، تضامن البرلمان العربي التام مع تونس ووقوفه معها في حربها على الإرهاب والإرهابيين، ودعمها في كل ما تتخذه من إجراءات للتصدي للجماعات الإرهابية المتطرفة ومخططاتها الخبيثة وأعمالها الجبانة، التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار في تونس. كما عبّر عن تقدير البرلمان العربي، للجهود التي تبذلها قوات الأمن للحفاظ على أمن واستقرار تونس وسلامة مواطنيها، متمنيا الشفاء العاجل للمصابين في هذه العملية الإرهابية.

وزير الخارجية الليبي محمد الطاهر سيالة أعرب في مكالمة هاتفية مع نظيره التونسي عن تضامن ليبيا مع تونس في مواجهة الإرهاب، وجدد سيالة، تعاطف ليبيا ووقوفها الكامل حكومة وشعبا إلى جانب تونس في مواجهة كافة أشكال التطرف والإرهاب، وفق بلاغ صادر عن وزارة الشؤون الخارجية. كما أدان رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي بتونس، باتريس برغاميني بشدة الهجوم الانتحاري، مؤكدا أن الاتحاد الأوروبي سيواصل العمل مع السلطات التونسية، دون كلل، على مكافحة الإرهاب والتطرف. هذا وتقدم السفير الأمريكي في تونس دونالد بلوم بالشكر للسلطات التونسية «على تأمينها الفوري للسفارة الأمريكية وعلى استجابتها السريعة للتحقيق في الوضع. وأكد على التزامه بالصداقة طويلة الأمد مع تونس وتحالفها مع تونس ضد آفة الإرهاب.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115