احتجاج ضدّ الحكومة أو حزب أو جماعة بل أعاد الاتحاد عقارب زمنه لسنوات الألفين حينما كان يجمع الجميع خلفه في مسيرات مساندة القضية الفلسطينية وهو ما تمّ يوم أمس في إطار احتجاجه على صفقة القرن.
مسيرة احتجاجيّة وطنية نظمها الاتحاد العام التونسي للشغل انطلقت من بطحاء محمد علي في اتجاه شارع الحبيب بورقيبة، مسيرة شارك فيها عديد الحساسيات المدنية والقطاعية رفضًا لما يُسمى «صفقة القرن»، ورفع المحتجون في المسيرة لافتات رافضة ومستنكرة للصفقة الأمريكية، شعارات عديدة رددها المشاركون في هذه المسيرة لكن كلها تتلخص في « فلسطين ليست للبيع والقدس هي العاصمة الأبدية للفلسطينيين» ورفض صفقة القرن».
شعارات عديدة
«فلسطين عربية..لا للصفقة الأمريكية»...»فلسطين لا تهان»..»مقاومة مقاومة لا صلح لا مساومة»..»تسقط صفقة القرن».. «الشعب يريد تجريم التطبيع».. أبرز الشعارات التي رددها المشاركون في المسيرة التي نظمها اتحاد الشغل وشارك فيها إلى جانب عدد من القيادات النقابية أغلب الهياكل والمنظمات ومكونات المجتمع المدني من رابطة حقوق الإنسان وعمادة المهندسين التونسيين والهيئة الوطنية لدعم المقاومة العربية ومناهضة التطبيع والصهيونية والشبكة التونسية للتصدي لمنظومة التطبيع والهيئة الوطنية للمحامين وسفير دولة فلسطين هائل الفاهوم وحزب العمال والتيار الديمقراطي وحركة الشعب وحركة الوطنيين الديمقراطيين والحزب الجمهوري وحركة النهضة وممثلون عن الجمعيات المدنية إضافة إلى شخصيات مستقلة وذلك للتنديد بصفقة القرن الأمريكية الصهيونية.
«فلسطين ليست للبيع..»
نور الدين الطبوبي الأمين العام لاتحاد الشغل قال في كلمة ألقاها بشارع الحبيب بورقيبة « رجال وشباب تونس وكل المنظمات الوطنية وكل مكونات المجتمع المدني والمكونات السياسية ألتقي معكم في هذه المسيرة هبة الرجل الواحد من أجل القدس، فلسطين عربية.. القدس لنا وليست لغيرنا.. هذا درس من الشعب التونسي وكل الخائنين من القادة العرب نقول لهم فلسطين ليست للبيع..فلسطين ستبقى فلسطين». وأضاف أن توافد العديد من المواطنين من كل المشارب الفكرية في تونس للمشاركة في المسيرة دليل على معارضتها لـ«صفقة العار». هذا وطالب الطبوبي بتجريم كل من يثبت تعامله مع الكيان الصهيوني وإدانة كل الخطوات التي تعمل على التقرب من إسرائيل في العالم العربي .
تدويل القضية الفلسطينية
رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان جمال المسلم ندد بدوره بصفقة القرن التي قدمها رئيس أمريكا ترامب والتي تهدف إلى قبر القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في القدس كعاصمة لهم، مشيرا إلى أن القوى الوطنية الديمقراطية في تونس والعالم طالما ناضلت من أجل إيجاد حل منصف لفلسطين وقد أمضت الرابطة على بيان مشترك بين عدة منظمات وممثلين عن القضية الفلسطينية وسيتم العمل على تدويل القضية الفلسطينية رفقة عدد من المحامين والاتحاد العام التونسي للشغل واستعمال الآليات الدولية لإعادة طرح هذه القضية ولاسيما في علاقة بصفقة القرن.
حقّ غير قابل للسقوط
لاقت صفقة القرن تنديدا واسعا من قبل منظمات وطنية وأحزاب سياسية وقد تتالت البيانات المنددة والرافضة لذلك، حيث أكدت وزارة الشؤون الخارجية في بيان لها أن تونس تُتابع بقلق بالغ ما تمّ الإعلان عنه بخصوص مبادرة الإدارة الأمريكية لتسوية القضية الفلسطينية، وشددت على أنه من منطلق إيمانها بعدالة القضية الفلسطينية، بأنّ إحلال السّلام العادل والشّامل والدائم في منطقة الشرق الأوسط يمرّ وجوبا عبر الاعتراف الكامل بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف والتجزئة في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس الشريف . وجددت التأكيد على ضرورة عدم المساس بالوضع القانوني والتاريخي لمدينة القدس وفقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. وأعربت تونس عن وقوفها الدائم إلى جانب الشعب الفلسطيني الأبيّ من أجل استعادة حقوقه المشروعة ودعمها لكل المبادرات الرامية إلى استئناف مسار السلام على أساس قرارات الشرعية الدولية وعلى أساس حقّ الشعب الفلسطيني في أرضه، وهو حقّ غير قابل للسقوط بمرور الزمن.
بيانات تنديد
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان نددت «بصفقة القرن» واعتبرتها في بيان سابق لها تأكيدا جديدا على انحياز الولايات المتحدة التّام للكيان الصهيوني ، مشيرة إلى أن خطورة المبادرة في غرضها الأساسي وهو تصفية القضية الفلسطينية والقضاء على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني المنصوص عليها في الشرعية الدولية، حيث تهدف هذه الخطة العنصرية إلى محاصرة القدس وإلغاء حق العودة والسماح لدولة الاحتلال بتوسيع نفوذها في كامل فلسطين التاريخية وعزل سكانها عن بعضهم البعض بالحواجز الأمنية وبناء المستوطنات والجدار الفاصل. وذكرت بضرورة الالتزام بقواعد القانون الدولي العام والاتفاقات والمعاهدات والمواثيق الدولية، وبأنّ فرض الواقع بقوّة السلاح لا يُلغي الحقوق الثابتة للشعوب في التحرّر. ودعت الرابطة المنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية إلى التعبير عن رفضها للمبادرة والضغط على الولايات المتحدة لتتراجع عن سياستها العدوانية تجاه الفلسطينيين.
العديد من الأحزاب أصدرت بيانات عبرت فيها عن رفضها وإدانتها لقرارات الرئيس الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل السفارة الأمريكية إليها، داعية كل القوى للتعبير عن رفضها القطعي لهذه الصفقة وتنسيق الجهود لدعم حقوق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. هذا وأكد سفير فلسطين في تونس هايل الفاهوم الذي كان من بين المشاركين في مسيرة أمس في تصريح إعلامي له أن صفقة القرن تقف وراءها اللوبيات الانغلوساكسونية التي تريد تركيز قواعد لها في المنطقة العربية لاستعباد البشرية، مبينا أن التصدي لهذه الصفقة هو واجب يشمل جميع الشعوب العربية وليس الشعب الفلسطيني فقط.
هذا ودعا عميد المحامين، إبراهيم بودربالة، الأحزاب السياسية إلى تحمل مسؤولياتها واقتراح تشريع يجرم التطبيع، مشدد على أن التطبيع لا يعد فقط جريمة وإنما هو خيانة.