الطبوبي في كلمته بمناسبة ذكرى الثورة: «وضع سياسي متعفن..السيادة الوطنية خط أحمر.. تونس أكبر من أردوغان ويجب تكوين حكومة إنقاذ»

أمام تجمع كبير من النقابيين والشغالين، وبمناسبة الذكرى التاسعة لثورة الحرية والكرامة، رسائل عديدة وجهها الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل

نور الدين الطبوبي في كلمته في بطحاء محمد علي، واصفا المشهد السياسي بالمتردي والمتعفن والذي أغرق التونسيين في قضايا هامشيّة وحشرهم في دوّامة الصراع والتسابق المحموم على الكراسي سواء باسم « التوريث الديمقراطي» أو بعنوان « التدافع والتمكين»، كلمة لم تخل كالعادة من الانتقادات والدعوات إلى تكليف شخصية مقتدرة جامعة تحظى بإجماع وتعمل على الإسراع بتشكيل حكومة إنقاذ يوضع لها برنامج قصير المدى موسوم بالنجاعة وسرعة الإنجاز، ليشدد على أن السيادة الوطنية خط أحمر ولا ولاء إلا لتونس، وهي أكبر من الرئيس التركي أردوغان وأكبر من أي محاور.

تحدث الطبوبي في كلمته أيضا عن الشروط التي يجب أن تتوفر في الحكومة المقبلة منها أن تكون محدودة العدد وتضمّ كفاءات سياسية وشخصيات وطنية مشهود لها بالخبرة العالية والقدرة على المبادرة وتتحلّى بالنزاهة ونظافة اليد، لتتفرّغ إلى خدمة التونسيات والتونسيين، وبالنسبة للبرنامج فإنه يجب أن يحدّد الأولويات المستعجلة وأن يكون بروح اجتماعية واضحة ويعالج مشاكل الجهات والشباب والفئات الاجتماعية المختلفة.

9 سنوات مرت والانتظارات لا تزال تراوح مكانها
«دولة ضعيفة ومُستضعفة لا هيبَة لها.. أحزاب سياسية سائدة في البلاد منذ 2011 إلى اليوم تفتقر أغلبها إلى برامج وَرُؤى اقتصادية واجتماعية واضحة، يقودُها منطق الغنيمة.. مشهد برلماني مشتت سادته علاقات النّفاقِ والانتهازية، ونهج السياحة الحزبية وتقلّب المواقف... وضع اقتصادي ومالي، يَصِفُهُ أهل الاختصاص بمختلف مشاربهم بالكارثيّ.. مضاربون وفاسدون ولوبيات وعائلات معدودة متنفِّذة.. وضع أمني هشّ ترتعُ فيه عصابات الإجرام وتصولُ فيه المافيات وتتربّصُ به فلول الإرهاب في كلّ حين..» هذه حقيقة كل المؤشرات بعد تسع سنوات من الثورة التي تحدث عنها نور الدين الطبوبي في كلمته أمام الشغالين والنقابيين نتيجة فشل الحكومات المتعاقبة وتعفن المشهد السياسي الذي أمعن حسب قوله في تقسيم التونسيات والتونسيين بسبب غياب الرؤية الجامعة، ليشدد على أن 9 سنوات مرت والانتظارات لا تزال تراوح مكانها والشعارات هي الشعارات مع فارق أنّ الفقير ازداد فقرا والغنيّ ازداد غنى، في بلد سَلَّمت أمرها للمهرّبين والمضاربين والمسؤولين الفاسدين، وتَرَاجُعِ سلطان القانون وغياب الحوكمة حسب تعبيره.

التعجيل بتشكيل الحكومة
الطبوبي تحدث أيضا عن فشل التكليف الأخير لتشكيل الحكومة نتيجة سوء الاختيار وغياب الوضوح وعقلية التمكين، مشيرا إلى أن البلاد ما تَزال تعيش المأساة تِلْوَ المأساة والمشاريع التنموية الموجّهة للجهات في حالة شللٍ دائم وملفّات إصلاح حارقة مؤجّلة ورغم هذا وذاك ما زال تشكيل الحكومة تتنازَعُه رغبة التسريع وإرادة المُماطلة وترتهنه حسابات الربح والخسارة. وشدد على أن منْ منحتهم الانتخابات التشريعية والرئاسية أمانةَ إدارة شؤون البلاد أن يتحمّلوا مسؤوليّاتهم ويتركوا جانبا مهاتراتهم وتجاذباتهم العقيمة ويعجّلوا بتشكيل الحكومة الجديدة. ونبه إلى أن الاتحاد العام التونسي للشغل نفد صبره وانه اتخذ مسافة من جميع الأحزاب والسياسيين وان الأهم بالنسبة إليه هو إنقاذ البلاد وحملها إلى شاطئ الأمان.

الاتحاد .. حاضِنُ الثورة
لم يغفل الطبوبي عن التذكير بالدور الذي قام به الاتحاد خلال الثورة، قائلا إن «الاتحاد هو حاضِنُ الثورة ومؤطِّرُها الأساسي، والدافع لها... الاتحاد هو خيمة التونسيين، وهو الطّرف الرئيسي الذي كان له الدور الحاسم في الإجهاز على النظام بِسِلْسِلَةِ الإضرابات القطاعيّة والجهويّة التي شَنَّها تباعًا»، مذكرا بالتحرّكات الاحتجاجية الأولى التي احتضنتها دُوْرُ الاتحادات الجهويّة والمحلية، خاصّة في كلّ من سيدي بوزيد والقصرين، والتي كانت مُنطلقًا للتحرّكات، وَمَلاذا لجميع المُنتفضين المدافعين عن حَقِّهم في الشغل وفي الكرامة وفي العدالة الاجتماعية. كما ذكر بأنّ هياكل الاتحاد كانت السَّباقة لتَبَنِّي التحرّكات وَمَنْحِهَا زَخَمًا مَثَّلَ تَحَوُّلاً نوعيّا ارتقى بها من تحركات احتجاجية شبابية إلى لحظة حاسمة أنهت النظام السابق وفتحت صفحة جديدة من تاريخ تونس الحديث.

وقفات مراجعة
5 وقفات مراجعة تحدث عنها الطبوبي في كلمته خلال عشرية الثورة بين مراجعة مسؤولة تعيد الاعتبار لسلطان القانون للكشف عن اللّثام عن قتلة الشهيدين شكري بلعيد ومحمّد البراهمي وعن المورّطين في تسفير شبابنا إلى بؤر التوتّر، وقفة ثانية لمراجعة السلوك السياسي، وقفة ثالثة لمراجعة القانون الانتخابي الذي أثبت قُصورَه على تنظيم الحياة السياسية وأفسد قواعد الحكم والتعامل، وقفة رابعة لمراجعة المنوال التنموي الذي ما انفكّ يَرتهِن اقتصادنا واستحقاقاتنا الاجتماعية والبيئية، وقفة خامسة لمراجعة المنظومات التعليمية والصحية والجبائية والحمائية والإدارية والمالية.

تعديل البوصلة
هذا وشدد الطبوبي على انه في حال تواصل ما وصفه «بالمهاترات» فان الثورة الجديدة قادمة من أجل تعديل البوصلة وإصلاح ما أفسده السياسيون طوال تسع سنوات، قائلا « نُخبَنا السياسية، لا تدفعونا إلى فقدان الثقة نهائيًا في عودة الرشد إليكم فدقّة الظرف ومصلحة الوطن لا تحتمل مزيد الاستهتار. إنّها لفرصة أخيرة لنؤكّد جدارة الاستثناء الذي كرّمنا العالم من أجله بمنحنا جائزة نوبل للسلام تقديرا لِتَمَيُّزِ تجربتنا الانتقالية الرائدة..».

رفض التورط في الأحلاف الدولية المشبوهة
الطبوبي لم يغفل أيضا عن الحديث عن الوضع في البلد الشقيق الجزائر الذي حسب قوله يعيش أطوارا متقدمة على درب الإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي وهنأه بنجاح الانتخابات الرئاسية، إلى جانب الوضع في ليبيا التي تعيش منذ ما يزيد عن سبع سنوات على وقع حرب أهلية، وأدان التدخلات الأجنبية في الشأن الليبي ودعوات الحرب التي أصبحت بعض الدول تدقُّ طُبولها من وراء البحار خدمة لمصالحها على حساب الشعب الليبي في تحدٍّ سافرٍ للأعراف والقوانين الدولية. كما عبر عن رفضه أن تتورط بلادنا في الأحلاف الدولية المشبوهة مهما كان غطاؤها، وأهاب بالسلطات رفع حالة اليقظة والحذر للحيلولة دون تحويل البلاد الى ممرّ للأسلحة أو قاعدة للاعتداء على الشعب الليبي أو معبر للدواعش نحو ليبيا الشقيقة أو ملاذ لهم، وفي ختام كلمته تحدث عن القضية الفلسطينية ومواصلة الدعم للحق الفلسطيني وتجديد المطالبة بمبادرة تشريعية لتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115