فعدد النواب المساندين للحكومة كان متحرّكا ومرتبطا اساسا بتطوّرات اختلاف المواقف صلب الكتلة البرلمانية لحزب قلب تونس التي صوتت في النهاية ضد حكومة الجملي بعد ان تاكد الشق المساند فيها للحكومة انها لن تمرّ حتى وان صوّتوا بنعم لتركيبة حكومة الجملي. لتبقى فقط النواة المساندة للحكومة اي كتلتي النهضة وائتلاف الكرامة مما انتج اسقاطها.
بين اروقة مجلس نواب الشعب اول امس كانت المفاوضات والمشاورات حثيثة ومتقلّبة بشكل كبير، مفاوضات متشابكة ومشخصنة في جزء كبير منها انتجت خضوع عدد النواب المساندين لحكومة الحبيب الجملي المقترحة الى المدّ والجزر ليصل عدد النواب في بعض الاوقات اول امس الى اكثر من 83 نائبا في ارتباط وثيق بالتقلبات وتغيّر المواقف داخل كتلة قلب تونس بصفة اساسيّة والتي ظهرت في هيئة المحدّد لمستقبل حكومة الجملي.
خلافا لكتلة قلب تونس التي لم تكن ثابتة كجسم موحّد في موقفها من حكومة الحبيب الجملي، مما جعل تركيز المتابعين لتطوّرات جلسة التصويت على منح الثقة للحكومة على عدد النواب المساندين للحكومة الذي يرتفع في بعض الاحيان وفق المتداول في كواليس قصر باردو ويعود في فترات الى العدد الادنى المتمثّل اساسا في النواة النيابية المساندة للحكومة اي كتلة حركة النهضة وائتلاف الكرامة.
ليمثل اجتماع حصل قبيل عرض تركيبة حكومة الحبيب الجملي جمع بين رئيس حزب قلب تونس ورئيس حركة النهضة والبرلمان راشد الغنوشي ورئيس الحكومة المكلّف الحبيب الجملي كان بمثابة رصاصة الرحمة برفض القروي تغيير موقفه وبتأثير اتجاهات تصويت نواب كتلة الرافضين للحكومة، وهو ما انتج حسابيّا استحالة تمرير حكومة الجملي وتصويت الشق المساند لها في قلب تونس ضدّها فلا يوجد اي داع لصدام مع القروي او لانشقاق مجاني في ظل ثبوت الفشل في تجميع 109 أصوات.
تفاصيل التصويت
عدد الحضور خلال التصويت على منح الثقة لحكومة الحبيب الجملي كان 209 نائبا توزّعوا على 134 نائبا رافضين للحكومة، من خلال الكتل البرلمانية لكل من قلب تونس وحركة تحيا تونس والكتلة الديمقراطية (حركة الشعب والتيار الديمقراطي اساسا) وكتلة الحزب الدستوري الحرّ واغلب نواب كتلة المستقبل وكتلة الاصلاح الوطني وكتلة حزب الرحمة.
اما الـ 72 نائبا الذين حضيت تركيبة الحكومة المقترحة باصواتهم فهم موزعون على 53 نائبا من كتلة حركة النهضة بعد اعلان النائب عنها زياد العذاري انه لن يمنح ثقته لحكومة الجملي والذي اثار غضبا داخل كتلة حركة النهضة بخروج العذاري عن قرارات مجلس شورى الحركة والمكتب السياسي بمساندة حكومة الجملي، وبلغت حدّ مطالبة بعض قيادات النهضة باستقالته من الكتلة النيابية للحركة.
وينضاف الى الـ53 نائبا في كتلة حركة النهضة الذين صوتوا لصالح الحكومة 18 نائبا في ائتلاف الكرمة اللذين مثلوا نواة ثابتة في مساندة النهضة وحكومة الجملي المقترحة رغم اعلانها عن عدم رضاها على بعض الاسماء التي ضمنها الجملي في مقترح حكومته، ليمثل عضو كتلة المستقبل الصحبي سمارة النائب الـ72 الذي صوّت بنعم لحكومة الجملي في اتجاه معاكس لموقف كتلة المستقبل التي ينتمي اليها.
لكن وباعتبار ان كتلة المستقبل ليست كتلة حزبية بل كتلة تقنية كما هو الحال بالنسبة لكتلة الاصلاح الوطني، فالاتفاق على موقف واحد من الملفات الكبرى كما التصويت على منح الثقة لتركيبة حكومة ليس بالامر الهيّن كما ان قرارات اغلبية نواب الكتلة ليس ملزما وهو افرز تصويت النائب الصحبي صمارة لصالح حكومة الحبيب الجملي رغم اعلان رئيس كتلة المستقبل عدنان بن ابراهيم ان موقف الكتلة هي الرفض كما انها اصطفت في الاتجاه المعاكس، اي صف الكتل التي انطلقت بعد ثبوت سقوط حكومة الجملي في الاستعداد لمرحلة تكليف الشخصية الاقدر من طرف رئيس الجمهورية قيّس سعيّد.
يُذكر ان الكتل البرلمانية بمجلس نواب الشعب تتوزع الى 54 نائبا في كتلة حركة النهضة و41 نائبا في الكتلة الديمقراطية و38 نائبا في كتلة قلب تونس و18 نائبا في ائتلاف الكرامة بعد استقالة 3 نواب تليه كتلة الحزب الحرّ الدستوري بـ17 نائبا وكتلة الاصلاح الوطني بـ 15 نائبا وكتلة تحيا تونس بـ 14 نائبا وكتلة المستقبل بـ 9 نواب فيما يبلغ عدد النواب غير المنتمين لكتل 11 نائبا.