إلى القاضي المتقاعد والعضو السابق بالمجلس الأعلى للقضاء الهادي القديري،هذه الحقيبة التي تداول عليها عدد من القضاة على غرار الوزير الحالي كريم الجموسي وغيره،مسؤولية جسيمة تنتظر القديري في صورة مرور التشكيلة الحكومية خاصة في ظلّ حزمة الإشكاليات التي يعيشها القضاء والملفات العالقة التي تنتظر فتحها وإيجاد حلول جذرية لها.
القاضي الهادي القديري شغل عديد المناصب القضائية حيث كان رئيس أول لمحكمة التعقيب والتي خوّلت له قانونا أن يكون احد أعضاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين بالصفة ، وكذلك عضو بالمجلس الأعلى للقضاء الذي نال ثقة زملائه ليكون رئيسا مؤقتا خلفا لحاتم بن خليفة الرئيس المؤقت المستقيل،هذا وقد تداولت الأوساط القضائية انه من الشخصيات المقرّبة من نقابة القضاة مقابل علاقته المتوتّرة بجمعية القضاة التونسيين،علما وان النقابة قد باركت تسميته على رأس وزارة العدل.
بقطع النظر عن الأسماء فرن وزير العدل الجديد سيتقلّد هذا المنصب وأمل أهل القطاع أن تكون له إستراتيجية ورؤية شاملة لحلحلة الملفات العالقة التي يتجدّد الحديث عنها مع كلّ حكومة جديدة ولكن سرعانما تنسى وتبقى الحلول مجرّد وعود حبر على ورق دون تطبيق.
اليوم وفي ظلّ العلاقة المتوتّرة بين السلطة القضائية الممثلة في المجلس الأعلى للقضاء والسلطة التنفيذية بعد الجدل والخلاف بينهما الناتج عن ملف الحركة القضائية وتحديدا مسالة السلطة الترتيبية فإن المناخ لن يكون صافيا أمام وزير العدل المقبل إذ أمامه مسؤولية جسيمة لإيجاد سبل للحوار وإرساء أرضية ملائمة لإعادة المياه إلى مجاريها بين السلطتين مع احترام لكلّ منهما لصلاحيات الأخرى،مسؤولية الهادي القديري من المؤكّد أنها ستكون مضاعفة وصعبة في آن واحد لأن هذا الأخير قبل أن يكون وزيرا فقد كان عضوا بالصفة في المجلس الأعلى للقضاء ومطلعا على القانون المنظم لهذه المؤسسة القضائية الدستورية ، كما انه قاض قبل كلّ شيء، ومن جهة أخرى فهو سيكون ممثلّا للحكومة وبالتالي ستكون مهمّته صعبة في تحقيق المعادلة، فإما أن يتبع مسار مساندة العمل الحكومي أو تطبيق القانون والدستور حسب قراءة السلطة القضائية خاصة وان التعامل بين السلطتين متواصل لأن الحركة القضائية ليس إجراء مؤقت وستطرح معه في كلّ مرة مسألة الصلاحيات.
هناك أيضا ملفات عالقة ولكن تعتبر عاجلة في قائمة الإشكاليات المطروحة حول مرفق العدالة بصفة عامة وعلى رأسها البنية التحتية للمحاكم وهو من بين الملفات التي فتحتها الحكومات المتعاقبة ولكن دون حلول جذرية ونهائية،كما أن وزارة العدل أيضا لا بدّ أن تدفع كوزارة إشراف نحو حلّ أزمة ملف المحكمة الدستورية كهيئة قضائية مستقلة لما لها من دور كبير على الساحة السياسية والقضائية أيضا.
من جانب آخر هناك ملف إصلاح المنظومة السجنية وذلك بالتعاون مع الإدارة العامة للسجون والإصلاح للحدّ من الاشكالات التي تعاني منها السجون التونسية وأهمها الاكتظاظ الذي يعتبر «معضلة» جلّ السجون في تونس، علما وانه قد انطلقت تجربة «السوار الالكتروني» في انتظار تعميمها واقتراح عقوبات بديلة أخرى.
مشاكل القضاة أيضا هي من بين الملفات المطروحة على الطاولة خاصة فيما يتعلّق بالأمور المادية على غرار منح الاستمرار وغيرها من الامتيازات التي يعتبرها القضاة حقّا مشروعا مقابل ما يقومون به من مهام، هذا بالإضافة إلى القاعدة التشريعية التي يجب أيضا تدعيمها ونتحدّث هنا عن مجلة القضاء الإداري، هذا المولود الذي يأمل قضاة المحكمة الإدارية أن يرى النور قريبا لما من شانه أن يدعم سلك القضاء الإداري على جميع المستويات.
المجلس الأعلى للقضاء من جهته دعا إلى ضرورة أن يكون وزير العدل الجديد همزة الوصل والتواصل بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية وخلق مناخ للحوار وطرح الاشكاليات على طاولة النقاش في إطار احترام متبادل ولكن في المقابل عبّر عن تمسّكه بالدفاع عن صلاحياته وخاصة تلك المتعلّقة بالسلطة الترتيبية الخاصة بالمسار المهني للقضاة لأنه الأحق بها طبقا للقانون والدستور، علما وان المجلس كان يأمل في دعوته للتشاور حول برنامج الحكومة خاصة في ما يتعلّق بالسلطة القضائية اذ يعتبره الحزء المهم بالنسبة له.