نور الدين الطبوبي في إحياء الذكرى 67 لاغتيال النقابي فرحات حشاد: المعركة ضدّ النهضة و«توابعها» مفتوحة

اللعب على الرمزية هو ما يبدع فيه الاتحاد العام التونسي للشغل الذي اختار مناسبة إحياء الذكرى 67 لاغتيال الزعيم الوطني والنقابي

فرحات حشاد ليدق طبول الحرب ضدّ حركة النهضة و«توابعها» بشكل مباشر ومبطن ولينذر بأن السنوات القادمة ستكون عسيرة عليها وأن الاتحاد ظلّ كما كان عليه في 2012 و2014 وأنه قادر على صدّها مرة أخرى.

شعارات عديدة رفعت في إحياء ذكرى اغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد على غرار «الشعب يريد عدالة اجتماعية» و«الشعب يريد تجريم التطبيع» و«من بطحاء محمد علي ، طلبنا الإنجازات عطونا الجنازات» و«لا خوف لا رعب السلطة ملك الشعب»، مناسبة وجه فيها الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي في كلمته التي تجاوزت مدتها 50 دقيقة عدة رسائل وانتقادات ضدّ الأطراف التي تعمل منذ فترة على شيطنة الاتحاد وتقود حملات التشويه ضدّ قيادته.

«معارك مفتوحة»
استهل الطبوبي كلمته وقبل الدخول في المعارك المفتوحة التي سيخوضها بالوقوف دقيقة صمت ترحما على وفاة عدد من شباب تونس في حادثة حافلة عمدون والتي راح ضحيتها حسب الأرقام الأخيرة 29 شخصا، لينطلق بعدها الطبوبي ببيت شعري لأبي القاسم الشابي «إنَّ المَعَاوِلَ لاَ تَهُدُّ مَنَاكِبِي.. وَالنَارُ لاَ تَأْتِي عَلَى أَعْضَائِي.. سأعيشُ رغمَ الداءِ والأعداءِ.. كالنَّسرِ فوقَ القِمّةِ الشَمّاءِ..»، بيت شعري يلخص الرسائل التي يريد الطبوبي أن يوجهها إلى كل من يستهدف الاتحاد وقياداته، والتي لئن لم يذكرها صراحة فإن المتتبع للأحداث الأخيرة وكذلك لمفردات كلمة الطبوبي يدرك جيدا من هو العدو القادم للاتحاد أي حركة النهضة والأطراف التابعة لها في إشارة إلى ائتلاف الكرامة، بقوله « نفس الجهات التي خَبِرْنَا حقيقتها وازدواجية خطابها الودود في الظاهر واللّدود في الخفاء، والتي تستَّرت على الاعتداءاتِ السابقة بالتعتيمِ عن التظلّمات التي رفعها الاتحاد ضدّ ما يسمّى زيفا بروابط حماية الثورة، هي التي تقود اليوم حملات الشيطنة والتشويه والتحريض ضدّنا من خلال زَوائِدِها الدُودِية ومن خلال جيش ذُبابها الأزرق عبر وسائل التواصل الاجتماعي».

«تونس دولة مدنية»
الطبوبي أكد في خطابه أن الذي يريد أن يحكم البلاد عليه أن يقرأ التاريخ جيدا، ليشدد على أن المعركة باتت واضحة إما دولة دينية أو دولة مدنية والاتحاد يقول لهم إن تونس دولة مدنية ديمقراطية اجتماعية، قائلا «إذا أرادوها معركة مفتوحة فنحن لها..معركتنا مع هؤلاء المتكلسين الذين يركبون على مبادئ الثورة وعلى استحقاقات شباب ورجال ونساء تونس، معركة سيادة وطنية، معركة شرف، المعركة بيننا وبينهم هي التفويت في القطاع العام أم لا ونحن نقول لهم ألف وألف لا للتفويت في القطاع العام، المعركة في مناهج وبرامج التعليم وأين نحن من تلك المفاسد، معركتنا معهم هي معركة منوال تنموي ومعركة الثقافة الحقيقية وسنكون لهم بالمرصاد، المعركة هي في قوة شغالي الإتحاد ومنخرطيه». وذكر الطبوبي بحادثتي وفاة الرضع والعاملات الفلاحيات في السبالة ليشدد على أن غلق هذه الملفات يتم عبر تشكيل خلية أزمة.

حكم الترويكا
وأضاف الطبوبي قائلا «لقد استباحوا هذه البطحاء الرمز في مثل هذا اليوم من سنة 2012 لمّا كانت البلادُ تحت حكم الترويكا.. وهاهم اليوم وفي ظلّ مشهد أشبه بذلك المشهد يَسْعَوْنَ محمُومِين لاستهداف رموزنا ومناضلينا ومناضلاتنا... جهات تتوهّم أنّ ما أقدمت عليه في السابق وما تفعله اليوم قادرة على تركيعنا وعلى إرباك مسيرتنا وإلهائِنا عن استحقاقاتِ شعبنا وعن أهداف ثورته المجيدة...هي جهات تَجهَلُ أنّ تاريخ الاتحاد مُثْخَنٌ بالمؤامرات البائسة واليائسة التي حاولت أنظمة الحكم السابقة واللاحقة ومختلف قوى الرجعية منذ عهد الاستعمار البغيض حبك خيوطها لمحاولة إخضاع مناضلاته ومناضليه والسيطرة على قراره وارتهان إرادته ولكننّهم فشلوا جميعا.»

«هجمة محمومة»
تحدث الطبوبي عن الهجمة التي تُشنّ على الاتحاد وهي نفس الهجمة تُشنّ على الإعلام، ليشدد على أن دفاع الاتحاد عن حرية الإعلام سيكون بقدر دفاعه عن الحقّ النقابي وعن سائر الحريات والحقوق كاملة غير مجزّأة، متابعا قوله «نحن ندرك أن هدف هذه الجهات الأساسيّ من الهجمة المحمومة على الاتحاد هو محاولة إرباكِه وتلهيته بصراعات وهمية لإضعافه وتحييده عن دوره الوطنيّ، ونحن ندرك أنّ الغاية من وراء كلّ ذلك هي الاستفرادُ ببقيّة قوى المجتمع ليسهل على هذه الجهات تغيير نمط عيش التونسيات والتونسيين لصالح نمط هجين مغترب عن الجذور والعصر». كما تطرق أيضا إلى مسار تشكيل الحكومة، معربا عن أمله في أن ترى النور في أقرب وقت ممكن نظرا لدقة الأوضاع التي آلت إليها البلاد، ونظرا لحالة التنافُر التي أصبحت تَسِمُ المشهد السياسي ولحالةِ التفكُّكِ في المشهد البرلماني المتّسِمِ بتراجع الوعود الانتخابية أمام صفقاتِ المواقع والكراسي، حكومة تتكون من كفاءات تقودُها مصلحةُ البلاد العليا لا غير.

تجديد الانتقادات لحكومة الشاهد
لم يغفل الأمين العام للاتحاد عن توجيه انتقاداته لحكومة يوسف الشاهد، ونسبة النمو التي تسير من سيّءٍ إلى أسوأْ وبلغت أدنى مستوياتِها منذ 2011، إذ لم تتجاوزْ الواحدَ في المائة إلى سَطْوَةِ الدوائر المالية الدولية وضغوطها المتزايدة من أجل سحب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وضرب المكاسب في إشارة إلى تدخّل صندوق النقد الدولي إلى التردّي الشاملْ للخدمات العمومية من تعليم وصحّة ونقل والبطالةُ المستشرية ما زالت تدفع بعشرات الآلاف الشباب إلى مستنقعات العنف والجريمة والإدمان والتسفير وركوب قوارب الموت بحثا عن عمل مفقود وكرامة مسلوبة إلى تدهور القدرةُ الشرائية التي أنهكتها الزياداتُ الجنونية للأسعار، وتعطّلٌ شبه تامّ لمسار إصلاح منظومات التعليم والصحّة والضمان الاجتماعي وتردّي البنية التحتية وتلوّثُ المحيط الطبيعي والثقافي.

دعوة إلى قيس سعيد
بعد الهدنة المؤقتة، عاد الطبوبي إلى توجيه انتقاداته وإعلان استعداد الاتحاد المعركة والاستبسال للدفاع عن حقوق النقابيين والشغالين مهما كانت التكاليف وكذلك إعلان رفضه لأن تكون الحرب ضدّ الفساد مسرحية انتقائية وسلاحا مشهورا لتصفية الحسابات، داعيا إلى ترك القضاء وهيئات الرقابة وأجهزة الدولة ومكوّنات المجتمع المدني تقوم بعملها. هذا واستعرض الطبوبي مسيرة فرحات حشاد النضالية في نصرته لحقوق الشغالين ولقضايا التحرر وحق تقرير المصير لكل شعوب العالم، وتحدث عن القضية الفلسطينية التي شدد على أنها قضيّة كلّ العرب من أجل استقلال فلسطين وحقّ شعبها في تقرير مصيره وتكوين دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، داعيا رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى سن مشروع قانون لتجريم التطبيع.

تهنئة أعوان الوظيفة العمومية بالزيادة
لئن حملت كلمة الطبوبي رسائل انتقادية عدة إلا أنه لم يغفل عن زف بشرى لأعوان الوظيفة العمومية وتهنئتهم بإمضاء القسط الثالث من الزيادة في الأجور بالقيمة المالية ذاتها لزيادة القطاع العام وتعهد بإنصاف عمال الحضائر والمتعاقدين والقضاء على كافة أنواع العمل والدفع نحو تحقيق مطالب عمال البريد والبحرية والاتصالات والخطوط التونسية وغيرهم من العاملين في عدة مؤسسات عمومية وخاصة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115