الأسبوع الثالث من المشاورات الحكومية: الحبيب الجملي والوقوف على الارض المتحركة

لاتزال الخارطة السياسية التونسية في طور اعادة التشكل، على ضوء المفاوضات الحكومية التي دخلت اسبوعها الثالث، فالمشهد

لا يزال ضبابيا غير مكتمل العناصر وارضه متحركة بما يحول دون ان تستقر على اغلبية حكم يستند اليها رئيس الحكومة المكلف قبل ذهابه في الاسبوع القادم إلى البرلمان.

كشف رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي يوم امس عن تقييمه للمشهد الحزبي والحكومي في تونس وذلك عبر تسجيل فيديو نشره على صفحته الرسمية على الفايسبوك، حيث قال ان الانتخابات افرزت قوى عديدة ومتباينة في ظرف صعب تمر به تونس. هذه القوى المتباينة قال الجملي انها أتت عبر صناديق الاقتراع التي كشفت عن من اختاره الشعب التونسي لتسير البلاد في وضع شدد على انه يشهد تعقيدا.

تقييم انطلق به الحبيب الجملي الذي انفق اكثر من 15 يوما في عقد لقاءات بالأحزاب السياسية التونسية في اطار مشاوراته الحكومية قبل ان يعلن عن ان الاحزاب المعنية بالمشاركة قد حددت.

قائمة الاحزاب المنتظر مشاركتها في الحكومة تضم حركة النهضة وائتلاف الكرامة والتيار الديمقراطي وحركة الشعب وتحيا تونس، هذا الخماسي هو المعني بشكل مباشر بالمشاركة في الحكومة المنتظر ان يقع الكشف عنها الاسبوع القادم.

لكن هذه القائمة لا ثابت فيها غير طرفين، حركة النهضة وائتلاف الكرامة اما البقية فلم يحسم بعد في امر مشاركتهم من عدمه مما يضع الجملي في موقف صعب خاصة وانه وبشكل غير مباشر اقصى حزب قلب تونس من المعادلة لإرضاء كل من التيار وحركة الشعب والنهضة.

اقصاء غير مباشر قابله اعلان صريح من حزب قلب تونس على انه اختار الاصطفاف في المعارضة، اي انه لن يمنح حكومة الجملي ثقته بعد ان المح في الاسابيع الثلاثة الفارطة عن نيته منح الجملي الثقة في البرلمان وان كانت مشاركة الحزب في الحكومة مقتصرة على الدعم.

محاولة ارضاء جعلت الرجل يوقف جزءا من اوراق التفاوض ويكون مرتهنا لقرار التيار الديمقراطي وحركة الشعب بالاساس، اللذين سيكون موقفهما من المشاركة في الحكم امرا حاسما لضمان مرور الحكومة في البرلمان، فالحركتان ممثلتان في البرلمان بـ37 نائبا مما يجعل كتلتيهما ذات ثقلي في ملف الحكومة.

ثقل مرده ان الجملي لا يحتكم على غير 75 نائبا يمثلون حركة النهضة وائتلاف الكرامة، وهو رقم غير كاف لمرور حكومته بالحد الأدنى مما يجعله يبحث عن اغلبية مريحة تستوجب ان يكون التيار وحركة الشعب وتحيا تونس في الحكومة، لتوفير 126 صوتا بنعم قابلة للتعزيز بنواب اخرين.

اغلبية تقارب الـ130 صوتا من اصل 217 هي مراد الجملي الذي يقر بشكل غير مباشر ان ثمن توفير هذه الاغلبية سيكون سياسات الحكومة وخياراتها الكبرى، فالقول بان الاحزاب البرلمانية متباينة هو بمثابة الاعلان الرسمي عن ان وضع برنامج حكم يوحد تصورات هؤلاء لن يتجاوز العموميات. وان البرنامج المشترك بينها لن يتجاوز الشعارات التي عاشت على وقعها تونس في السنوات الـ8 الفارطة، اصلاح المؤسسات والصناديق دون وضع سياسة محددة.

اي اننا امام امكانية الحفاظ على ذات التوجهات العامة وذات اليات تسير البلاد، وهذا يعنى ان الوضع سيتجه الى مزيد من التعقيدات التي لن تتمكن اغلبية الحكم من تجاوزها، بحكم تناقض تصورتها ورؤيتها الاقتصادية والاجتماعية. مما يعنى ترحيل الاصلاحات الكبرى التي بدورها تحتاج الى اغلبية مريحة.

اغلبية لا يبدو ان الجملي قادر على توفيرها، الا ان وجد ارضية مع قلب تونس وكتلته التي تضم 38 نائبا لتمرير قوانين وإصلاحات بأغلبية تتجاوز 150 صوتا، خاصة وانه يدرك ان الشركاء الاجتماعيين لهم تصور محدد لشان الاصلاحات وكيفية تنزيلها.

اليوم واكثر من ذي قبل، بات المشهد ضبابيا غير قابل للفك، اغلبية حكم غير واضحة الثابت فيها اليوم حركة النهضة وائتلاف الكرامة، في المقابل فإن الفضاء الممتد من الحكم الى المعارضة بمثابة ارض متحركة غير مستقرة بعد، فالاسابيع الفارطة كشفت ان الاقتراب و الابتعاد عن فضاء الحكم يحتكم الى تفاصيل متغيرة تقاس بالدقائق.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115