التيار الديمقراطي وحركة الشعب : المعارضة والحكم معا ام طلاق بالتراضي

حملت الساعات المتأخرة من الليلة الفاصلة بين يوم الثلاثاء والأربعاء انفراجا في مسار تشكيل الكتلة الموحدة بين حركة الشعب والتيار الديمقراطي،

اذ توصل الطرفان الى صياغة اتفاق يمكن كليهما من الاستفادة من توحيد كتلتهما دون ارتهان قرارهما السياسي خاصة إذا تعلق الامر بموقفهما من الحكومة القادمة.

صباح يوم امس اعلن كل من التيار الديمقراطي وحركة الشعب اضافة الى اربعة نواب اخرين عن تشكيل الكتلة الديمقراطية (انظر مقال كريمة الماجري)، اعلان جاء بعد تعدد المؤشرات المفيدة بتعثر المسار، الذي اكد محمد الحامدي القيادي بالتيار انه ظل يتارجح بين النجاح والتعثر الى ان حسمت نقاشات ليلة الثلاثاء الامر.

نقاشات استمرت ووضعت كل الخيارات على الطاولة لتنتهى الى توافق بين الطرفين بمقتضاه تحقق الاستفادة من الوحدة دون فقدان هامش الفعل السياسي او حده، وهذا سيستمر إلا إذا صدمت الكتلة بحاجز الحكومة حيث اشار الحامدي الى ان الكتلة توفرت لها اسباب الدوام وإنها ستستمر الا في صورة وحيدة وهي ان تتباين المواقف بشأن الحكومة ، فمن وجهة نظره لا يمكن ان يكون نصف الكتلة مع الحكومة ونصفها الآخر ضدها، اما في ماعدا ذلك فالطرفان قد رسما طريق نجاة الكتلة.

هذا التهديد الوحيد يشير قادة الطرفين الى انه نسبي فهما لم يحسما امرهما بشأن المشاركة في الحكم من عدمه، اذ يقول الحامدي ان حزبه -التيار الديمقراطي- لم يحسم امره بعد، سواء بالانضمام للحكومة او معارضتها في ظل توجهين يشقان الحزب ويشير الى ان ما سيحسم الامر هو سير المشاورات مع رئيس الحكومة الحبيب الجملي.

مشاورات قال انها ستساعد على توضيح الصورة لحزبه ، والقصد هنا معرفة كافة التفاصيل المتعلقة بالحكومة والائتلاف الحاكم اي من سيشارك في الحكومة ؟ وما حجم كل طرف وخاصة حركة النهضة ؟ اضافة الى اولويات الحكومة وبرنامجها وأخيرا الاستجابة لمطالب الحزب التي اعلنها سابقا ومنها مسألة الوزارات الثلاث التي طالب بها.

نقاط يعتبرها الحامدي شروطا اساسية لتوفير ضمانات نجاح اية حكومة، ليشير بشكل مفصل لاحقا بقوله ان حزبه يرفض التواجد في حكومة تضم قلب تونس بشكل مباشر او غير مباشر اما اذا قرر الاخير التصويت للحكومة دون المشاركة فان الامر لا يعنى حزبه. اي ان حزبه لا يقدم موقفا رافضا لهذا الامر.

تحقيق هذا الشرط سيتضح مع استمرار تقدم المشاورات التي قال انها قد تؤدى الى قبول حزبه بالمشاركة فيها اذا حقق ما يعتبره شروطا وضمانات حتى وان كان ذلك غير كاف لشريكه في الكتلة، ليشير الحامدي الى ان القرار المتعلق بالدخول في الحكومة وغيره من القرارات السياسية هي قرارات سيادية تتعلق بالحزب والحزب يتعامل مع كل الاحتمالات.

من هذه الاحتمالات ان يكون التيار وحركة الشعب معا في الحكومة او في المعارضة، او الطلاق بينهما ان قرر احدهما المشاركة ورفض الأخر خيارات ثلاثة قال انها سيادية ومرجحة خاصة في صورة ما إذا رأى احد الحزبين انه قد تمت الاستجابة لكل مطالبه فبذلك لا يكون ملزما بقرار غيره.

فالحزبان وفق الحامدي ليسا في تحالف او جبهة انما في عمل تنسيق له حدوده، وهذه الحدود تجعل من نواب حزبه ملزمين فقط بقرارات الحزب، لا الكتلة التي اشار الى انها ليست كتلة سياسية بالضرورة ففيها جانب تقني، يتعلق بالفوائد التي ستحقق في رئاسة اللجان وعضويتها والتمثيل في مكتب المجلس.

دون ذلك فان الطرفين في حل من ارتباط قراراتهما ببعضها، هنا يشير كل طرف الى ان الخلافات واردة وان هذا ان لم يتعلق بقرار المشاركة في الحكومة سيدار بشكل جيد ليصوت كل طرف وفق قناعته وقرارات هياكله اذا تعذر الوصول لموقف موحد.

موقف يشير من خلاله التيار الى انه حافظ على سيادة قراره في ما يتعلق بالملفات السياسية التي تمتد من قرار الدخول في الحكومة من عدمه وصولا الى التصويت على قوانين، وان مصير الكتلة قد نوقش باطناب بينه وبين حركة الشعب التي يقول امينها العام زهير المغزاوي انها دخلت في مشاورات مع التيار بشأن الكتلة منذ فترة ووقع الاتفاق على عدة نقاط ابرزها توزيع المسؤوليات ووضع احتمالات لكل خيار ممكن، من ذلك الدخول في الحكومة معا او الاصطفاف في المعارضة، فحركة الشعب وان كانت قد خاضت المشاورات مع الحبيب الجملي بشكل منفرد الا انها تنسق مع التيار وهما يتشاوران.

تنسيق يقول المغزاوي انه ادى في النهاية الى تشكيل الكتلة الثانية في المجلس لتلعب دورا هاما سواء في الحكم او في المعارضة، فحركته كما التيار لم تحسم امرها بل هي وضحت مطالبها من رئيس الحكومة المكلف وتنتظر اجابات منه لتحسم الامر. كما انها ستظل تراقب نتائج الاخر في اختبار اثبات الاستقلالية عن حركة النهضة عبر خياراته وحجم تمثيل الحركة في الحكومة.

كما ان التيار وحركة الشعب يعتبران ان التقارب لا ينفى النقاط الخلافية بينهما، ومن بينها مسألة التوجهات والتصورات بشأن الحكومة القادمة التي ترغب حركة الشعب ان تكون حكومة وطنية تضم اوسع طيف فيها، لتجنب تكرار ما حدث في 2011 حينما شكلت النهضة مع التكتل والمؤتمر حكومتها.تصور تقول حركة الشعب انه يبحث عن توفير ضمانات لنجاح الحكومة ولكن بتصور مختلف يسعى اليه التيار ايضا.

ما لا يعلنه الحزبان بشكل صريح أنهما اختارا الاخذ من كل شيء وترك المجال امام اي احتمال اخر، فهما شريكان في كتلة باتت الثانية وهذا سيجعلها تحقق مكاسب في المجلس سواء أكانا في الحكم او في المعارضة مع ترك هامش للتحرك لكل منهما لتجنب التصدع مع كل نقطة جدلية او خلافية بينهما. خيار يدركان انه الافضل في انتظار حسم امر كل منهما بشأن الحكومة القادمة ومدى تواجده فيها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115