حركة قلب تونس: رغم كل الدلائل ....خطاب تسويقي ينفي التحالف مع النهضة

على غرار حركة النهضة انطلقت حركة قلب تونس في إيجاد مخارج تعفيها من الإقرار صراحة بأنها تحالفت مع الأخيرة،

فما جمع بينهما مجرد لقاء في البرلمان انتهى ولن يتكرر، هذا الخطاب مردّه الأساسي تسويقي لرفع الحرج عن الحركتين في محاولة لاستنساخ ما جد في بداية التحالف بين نداء تونس والنهضة سنة 2014.

خلال اليومين الفارطين حرصت كل من حركة النهضة على لسان ابرز قادتها وحركة قلب تونس على لسان بعض من رجالات صفها الاول على ابراز التباين بينهما وبالاساس على التقليل من تداعيات «التوافق» بينهما في ملف رئيس البرلمان ونائبه الاول.

تداعيات اولها كان تنزيل التحالف بينهم على ارض الواقع وهو ما لم تستسغه قواعد الطرفين ليجدا نفسيهما امام محاولة امتصاص الغضب باعتماد خطاب في ظاهره الابقاء على التباين ولكن باطنه يقر بتحالف تحت مسميات عدة.

فالنهضة التي قالت انها لا تحبذ مشاركة قلب تونس في المشاورات الحكومية ولا في الحكومة القادمة وان موقفها مبدئي في ذلك، تتدارك بالاشارة الى ان رئيس الحكومة المكلف شخصية مستقلة وهو سيد نفسه وصاحب القرار وإذا كان قراره تشريك قلب تونس في الحكم فان النهضة ستكون امام حتمية الموافق ولكن مع وضع خطوط حمراء على درجة هذه المشاركة.

خطوط حمراء من بينها ان لا يكون هناك وزير في الحكومة القادمة من قادة قلب تونس، لكن يمكن لشخصيات قريبة او مقترحة من الحزب الفتي ان تتواجد، هذا الخط تلقفه قلب تونس واعاد صياغته بطرقه الخاصة، فهو مثل النهضة يضع خطوطا حمراء تتعلق بالتحالف مع النهضة ولكنه ايضا حريص على مستقبل البلاد.
حرص جعله في مرحلة اولى يقبل باكراهات تتمثل في التصويت لصالح راشد الغنوشي في رئاسة البرلمان وهو تنازل لن يتكرر مهما كان السبب، هذا القول صدر عن عياض اللومي القيادي بقلب تونس وعضو مجلس النواب.

عدم تكرار الخطإ لا يعنى عدم المشاركة في المشاورات الحكومية، فقلب تونس ينسب لنفسه الان فضل دفع النهضة الى اختيار شخصية من خارجها لتقلد منصب رئيس الحكومة، وهذه الخطوة الايجابية تبرر لقلب تونس المشاركة في المشاورات الحكومية.

مشاركة تندرج تحت خانة المصلحة الوطنية ولكن في هذه المرة دون تنازل لحركة النهضة، فقلب تونس سيتشاور مع رئيس حكومة مكلف وهو شخصية مستقلة، وليس مع النهضة -لا بشكل مباشر او غير مباشر- هنا يشير اللومي ومن قبله قادة اخرون في قلب تونس على ان مشاوراتهم مع النهضة انتهت بتوافق البرلمان وبترشيح الحبيب الجملي لرئاسة الحكومة.

ما يرغب فيه قلب تونس وعبر عنه اللومي هو الفصل بين ما قبل تكليف الجملي وما بعده، بهدف فك الارتباط ظاهريا بحركة النهضة والاقرار بان المسار الحكومي الحالي مسار وحدة وطنية.

وحدة يدافع عنها قلب تونس لانها الحل الامثل لضمان تحسين اوضاع التونسيين، خاصة وأن هذه الوحدة الوطنية كانت نتيجة ضغط قلب تونس الذي ابرز قادته انهم التزموا بتعهداتهم لناخبيهم بأن لا يكونوا في حكومة رئيسها نهضوي.

وطالما ان رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي ليس «شخصية نهضاوية»، فان قلب تونس «لم يبتعد عن خطابه بعد الإنتخابات»، وهنا يذكر قادة الحزب الفتي ان خطابهم الانتخابي لم يتضمن اي لهجة اقصائية او استئصالية، فهم ليسوا اعداء النهضة بل أنهم يرغبون في دفعها الى الوسط.

خطاب جل مفرداته التبرير والبحث عن مخرج من أزمة التحالف مع النهضة، فقلب تونس وان كان يرغب في تعزيز تموقعه من الحكم بالاقتراب منه رويدا فانه يريد ان يحقق اكثر من هدف بحجر واحد، اولها التأكيد على انه ليس حليفا للنهضة بمعنى انه قادر على الابتعاد متى قرر ذلك وفي ابتعاده ارباك لحسابات النهضة.

ثانيها ابراز انه وان قبل المشاركة في المشاورات الحكومية فان له اكثر من طريقة لاداراتها او المساهمة فيها سواء عبر ترشيح شخصيات مستقلة او قريبة منه، والاهم من هذا دفع النهضة الى تحسين عرضها السياسي طالما ان الحزب يشقه رأي يقول بان التحالف مع النهضة محرقة لا يجب الوقوع فيها.

لكن في حقيقة الامر ما يعلنه قادة قلب تونس ومن قبلهم قادة النهضة ليس الا خطابا تسويقيا لاقناع القواعد الغاضبة اما الواقع السياسي فهو مختلف، فالحركتان تحالفتا وان لم تعلنا عن ذلك صراحة، وهما في هذه المرحلة على الاقل تبحثان عن تمرير هذا التقارب والشراكة في الحكم اولا قبل تعزيزها لاحقا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115