التي يأمل ان تدعم حكومته القادمة، وهذا ما كشفت عنه لقاءاته أمس، سواء أتعلق الأمر بشكلها أو بترتيبها أو بمدتها وهوية من التقى بهم أولا بأول.
ساعتان وبعض دقائق هي مدة اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي بوفد حركة قلب تونس الذي تزعمه رئيسها نبيل القروي الذي اكد في تصريحاته ان حركته لم تحدد بعد موقفها من المشاركة في الحكومة، باعتبار ان الجملي لم يسألهم عن ذلك ولا هم عرضوا عليه ذلك.
هذه الكلمات التي أراد من خلالها القروي أن يجعل مضمون اللقاء مخصصا فقط لتقديم تصورات حزبه ورؤيته للمرحلة القادمة وان مسالة المشاركة في الحكومة من عدمها لم يحن وقتها بعد، لا تصمد أمام وقائع الأرض، فالجملي الذي اختار حركة قلب تونس لتكون اول حركة يلتقي بها في إطار مشاوراته وخصص لها من وقته زهاء الساعتين يدل على عكس ما يقوله القروي.
فاللقاء ومدته وترتيب حركة تونس في قائمة الاحزاب المدعوة للمشاورات يكشفان ان الحبيب الجملي رئيس الحكومة المكلف اختار الانطلاق بقلب تونس -ليس بصفته الحزب الثاني كما يسوق البعض- وانما لاصابة اكثر من عصفور بحجر واحد، اولها ابراز انه هو الذي يقود المشاورات لا حركة النهضة التي اعلنت انها ترفض تشريك قلب تونس، وثانيها طمأنة قلب تونس لضمان اصوات نوابه الـ 38.
هنا لم يكن الجملي ولا قادة قلب تونس بحاجة للخوض في مسالة الدخول للحكومة من عدمه، فاللقاء الذي قيل انه خصص للبرامج والتصوارات ذهب الي ما هو ابعد من ذلك ليقدم فيه ما يفهم انه ضمانات من رئيس الحكومة للحركة الفتية واشراكها في السلطة دون تشريكها في الحكومة بشكل مباشر.
ضمانات تعتبرها حركة قلب تونس كافية لطمأنتها وتحقيق ديمومتها كحركة سياسية في البلاد، مقابل اكتفائها بما سيقدم لها من سلطة يبدو انها ستقف عند حدود اقتراح اسماء من خارج الحزب للحكومة، والهدف من هذا ارضاء الجميع وخاصة قواعد النهضة بالاساس لا قادتها، والتيار الديمقراطي وائتلاف الكرامة.
هنا ينتهي دور اللقاء الأول وقد ضمن نسبيا التحاق قلب تونس بركب ائتلاف الحكم بشكل مبطن وغير مباشر، ثم انطلق الرجل في المرحلة الثانية من لقاءاته وهي اللقاء مع وفد التيار الديمقراطي الذي قال عنه أيضا محمد عبو ومحمد الحامدي انه خصص لتقديم التصورات والأفكار والمقترحات.
لكن هذا اللقاء الثاني الذي دام تقريبا ذات المدة الزمنية للقاء الأول لم يكن فقط من اجل عرض التصورات وإنما كسر الحواجز بين الرجل والحزب، فالجملي الذي استمع جيدا الى تصريحات قادة التيار التي أبدت لينا تجاهه بلغ حد القبول بمراجعة شروط المشاركة في الحكم إذا قدم الجملي بدائل تقنع الحزب.
بدائل يبدو أن أولها تحييد وزراء السيادة وهذا ماتحدث عنه الرجل وثانيها عزمه على محاربة الفساد وخاصة السياسي منه أولا وثالثها عدم إشراك قلب تونس في الحكومة وبالأصح عدم منحه وزراء مقابل الحصول منه على دعمه وأصوات نوابه.
لقاء انتهى بدوره كالذي سبقه خطوة إضافية في اتجاه الالتحاق بركب الأحزاب الحاكمة، ليسجل الرجل لنفسه صديقين في انتظار تطور علاقته بهما إلى مرتبة الحلفاء لاحقا مع تقدم المشاورات، التي ستشمل كلا من حركة النهضة وائتلاف الكرامة.
ترتيب هذه اللقاءات الأربعة ومدتها تعكس أنّ الجملي له تصور اولي مفاده تشكيل اغلبية حكم بالاستعانة بكتل هذه الكيانات السياسية الاربعة، لذلك اختار ان تكون اولى لقاءاته معها بل قسمها الى فريقين، أولهما قلب تونس والتيار اللذين بحث من خلالهما عن ضمان انطلاقة ايجابية في العلاقة معهما والفريق الثاني المتكون من النهضة وائتلاف الكرامة وهما شبه مضمونين فالنهضة هي التي كلفته وائتلاف الكرامة اعلن بشكل مسبق انه سيدعمه.
لذلك فان الرجل اختار ان يجمع الرباعي المرشح للحكم واختار ان تنطلق مشاوراته بقلب تونس باعتبار ان تحديد تموقعه من الحكم ودوره فيه سيساعد على تيسير باقي المراحل التي تقتضي ان يكون قلب تونس حليفا مستترا، لضمان رفع الاحراج عن الثلاثي المتبقي الذي يبدو انه وفي الايام القادمة قد يعزز خطواته تجاه الحكم باضطراد.