حركتا النهضة وقلب تونس: التحالف «المقنع»...حينما تسقط اللاءات

في السياسة لم تدم أية (لا) فهي مع الوقت تذوب كما يذوب الشمع وأول ذوبانها هو (لا ولكن...) وهذه اللاكن سترتكز عليها

حركة النهضة لتبرر تحالفا قادها مع حركة قلب تونس، وخير من يعبر عن ذلك رئيس الحركة راشد الغنوشي الذي فتح الباب أمام التراجع عن لاءاته حتى وإن تمّ التشديد في مناسبات عديدة على أن ما حدث في مجلس نواب الشعب بين الحركة وقلب تونس لم يكن هناك تحالف لكن الأصح هو اتفاق أو تفاهم سياسي للتصويت، فالأمر يتعلق بالبرلمان وليس بالحكومة، اتفاق يبدو أنه يمكن تلوينه حسب المصلحة التي تقتضي دائما ضمان أصوات 38 نائبا إلى جانبهم.

حسب تقديرات راشد الغنوشي فإن حزب قلب تونس ليس معنيا بالمشاركة في الحكومة المقبلة، وهذا تقدير حركة النهضة كحزب ووفاء منه لوعوده التي تقدم بها سابقا، لنجد في الطرف المقابل رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي يؤكد أنه لن يستثني أي طرف في مشاورات تشكيل الحكومة ومنفتح على جميع الأحزاب السياسية دون استثناء، وهذا يعني أن حركة النهضة قد رمت الكرة في يد مرشحها لرئاسة الحكومة وتشدد في الوقت ذاته على استقلالية الجملي وعدم فرضها أي شخصية غير راض عنها.

بين تصريحات قيادات النهضة ورئيس الحكومة المكلف
حركة النهضة حسب تصريحات زعيمها لا تسعى إلى وجود مكثف في الحكومة المقبلة بقدر سعيها إلى أن تكون الحكومة ممثلة لأوسع طيف سياسي ممكن شريطة أن يكون التمثيل من خلال الكفاءة والنزاهة وليس على أساس الانتماء الحزبي، وبالنسبة لها وحسب تقدير الحركة فإن قلب تونس ليس معنيا بالمشاورات التزاما بوعودها، ليجيبه القيادي بقلب تونس حاتم المليكي بأن رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي هو المفوض وهو الذي سيجري المشاورات والغنوشي له كامل الحرية في أن يعتقد ما يشاء والحزب سيتعامل فقط مع التصريحات الرسمية لرئيس الحكومة المكلف التي شدد فيها على أنه سيجري مشاورات مع جميع الأطراف دون استثناء وبالتالي فإن قلب تونس سيستمع لاقتراحات الجملي إذا وجّه دعوة للحزب ليقرر إثر ذلك المشاركة في الحكومة القادمة من عدمها، فالمسألة الآن بيد رئيس الحكومة المكلف فقط .

ضمان أصوات 38 نائبا
قلب تونس لا تهمه المشاركة المباشرة في الحكومة المقبلة بقدر ما تهمه الحماية لقياداته وبذلك فإن مساندته لحركة النهضة سيضمن له ذلك فالمهم هو المحافظة على عدد نواب كتلته باعتبار أن النهضة ستضمن طيلة الفترة النيابية المقبلة أصوات 38 نائبا إلى جانب أصوات ائتلاف الكرامة وربما الكتلة الجديدة «الإصلاح الوطني» وتحيا تونس وهو ما سيمنحها الأغلبية البرلمانية وبذلك النجاح في تمرير مشاريع القوانين التي تريدها، فالنهضة وقلب تونس مهما كان نوع الاتفاق بينهما والذي يمكن وصفه بـ«التحالف المقنع» فإن الأساس هو بلوغ الهدف المنشود طالما لا يمكن تحقيقه مع بقية الأطراف لاسيما التيار الديمقراطي وحركة الشعب.

تفاهم سياسي للتصويت
بداية الاتفاق بين النهضة وقلب تونس كان عن طريق البرلمان وربما لما لا اتفاق آخر في الحكومة، خاصة وحسب تصريح الناطق الرسمي للحركة عماد الخميري خلال حضوره في برنامج ميدي شو فإن من حق الحبيب الجملي التشاور مع الجميع. ولفت إلى أنّ التعاقد مع رئيس الحكومة ينص على أن له الحق في التحاور والتشاور مع كل الأطراف السياسية «لكن نحن كطرف مشكّل للحكومة لن نقبل أن يكون قلب تونس طرفا في الحكومة». كما أشار إلى أن رئيس الحكومة المكلف مستقل في تشكيل حكومته ولن تفرض عليه الحركة شخصية غير راض عنها أو لا يمكنه التعامل معها، حسب تعبيره، قائلا «نحن لن نتفاوض مع قلب تونس إيفاء لوعودنا التي قطعناها لناخبينا والحكومة لن تتحالف معهم ... وما حدث في مجلس نواب الشعب لم يكن هناك تحالفا لكن الأصح تفاهم سياسي للتصويت خاصة أن هياكل نواب الشعب ليست الحكومة».

الأيام القادمة ستحمل العديد من التطورات والمفاجآت مع الانطلاق الرسمي لرئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي في المشاورات الرسمية لتشكيل الحكومة أمام الضغوطات الموجودة من قبل عدد من الأحزاب السياسية والاختلاف الكبير في التوجهات والمواقف بينهم خاصة التيار الديمقراطي وحركة الشعب اللذان يرفضان المشاركة في حكومة يتواجد فيها قلب تونس وأيضا الحزب الدستوري الحر والذي لازالت حركة النهضة ترفع الفيتو في وجهه.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115