النهضة ترشح الحبيب الجملي لترؤس الحكومة: التيار والشعب ... أي خيار بقي لهما ؟

يوم أمس قدم رئيس الجمهورية قيس سعيد لمرشح حركة النهضة الحبيب الجملي خطاب التكليف، لينطلق الأخير في مسار مشاوراته

مع الأحزاب السياسية البرلمانية بتوجيه من حركة النهضة التي يبدو ان تحالفها مع قلب تونس بات أمرا محسوما في ظل تمسك كل من التيار وحركة الشعب بمواقفيهما.

تعددت اللقاءات التي خاضها رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي خلال اليومين الفارطين، بهدف إقناع الفاعلين السياسيين بالتحالف مع حركته وتشكيل حكومة جديدة، وقد أعلمهم صباح أمس بهوية مرشحي حركته لترؤسها قبل ان يقع الاختيار على الحبيب الجملي.

لقاءات واتصالات استهدف رئيس الحركة من خلالها جعل المسار الحكومي منفصلا عن المسار البرلماني، أي أن التحالفات والنقاشات ستكون مختلفة عما شهده البرلمان من تحالف النهضة وقلب تونس بإسناد من ائتلاف الكرامة.

حرص على ابراز الفصل بين المسارين الهدف منه تسويقي بالأساس، فالنهضة تدرك ان حركة الشعب ولئن ابدت في خطابها قبولا بان تشارك في الحكومة الا أنها حافظت على ذات الموقف الصلب من النهضة وادارتها للمسار، ويبدو ان هوية المرشح المكلف ستعزز هذا التصلب.

تصلب يقابله تمسك التيار الديمقراطي بمواقفه السابقة، فعلى لسان القيادي محمد الحامدي مازال التيار الديمقراطي متمسكا بشروطه للمشاركة في اية حكومة تقودها النهضة، وهذه الشروط تتمثل في حزمة تنطلق من هوية المترشح وصولا الى تركيبة الحكومة وبرنامجها، إذا لبيت سيكون التيار في الحكم وإذا رفضت سيكون خارجها.

موقف يبرره الحامدي بان التيار الديمقراطي ليس متلهفا على السلطة او المحاصصة الحزبية، قد كان منذ البداية صريحا في موقفه وعبر عن الشروط التي بموجبها قد يقبل بتقاسم اعباء الحكم ومشقته، وهي شروط قال الحامدي أنّ هدفها ضمان النجاح للحكومة والبلاد.

الضمانات ذاتها سيطالب بها التيار من رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي قبل ان يعلن عن دعمه له من عدمه، وهنا يشدد الحامدي على ان حزبه اختار منذ البداية ان يتبع سياسة «الحيلة في ترك الحيلة» اي انه لا يناور او يهدف لغير ما يعلنه، ولهذا فان الامر بالنسبة له واضح المشاركة مقابل تحقيق الشروط، هذه الشروط التي قال انها لن تتغير الا بقرار مجلس وطني وشدد على ان موعد انعقاده العادي ليس قريبا ولكن يمكن دعوته استثنائيا إذا تطلب الأمر.

دعوة لا يبدو ان التيار الديمقراطي قد يوجهها لمجلسه الوطني خاصة وانه يعتبر ان المشاورات الجديدة مع رئيس الحكومة لن تختلف عما حدث مع حركة النهضة، والحال ذاته قد تصل اليه المشاورات بين رئيس الحكومة المكلف وحركة الشعب، التي يأمل التيار الديمقراطي ان يستمر التنسيق بينهما سواء أكانا في المعارضة او في الحكومة.

الاشارة باحتشام لكلمة المشاركة في الحكم، يريد به التيار والشعب رفع الحرج عن نفسيهما وسحب البساط من حركة النهضة التي يعتبرانها قد اختارت منذ البداية التحالف مع قلب تونس، وانها تنظر الى التحالفات من زاوية عددية لا سياسية وعليها ان تتوقف عن تقديم تبيريات ترغب من خلالها في وضع التيار والشعب في خانة المسؤول عن المشهد الحالي.

وضع يقول التيار والشعب انهما ليسا المسؤولين عنه وانما النهضة التي يبدو انها اختارات ان تعزز من شراكتها مع قلب تونس في التحالف الحكومي القادم الذي سيتكون اساسا من النهضة بدعم واسناد من ائتلاف الكرامة ومن قلب تونس مع ترك الباب مفتوحا امام نواب كتلة الاصلاح الوطني وكتلة تحيا تونس للالتحاق وان بشكل غير مباشر بالتحالف الحكومي.

خيار يبدو ان النهضة اتجهت اليه وعينها على ضمان امساكها برئاستين من اصل ثلاثة، تضعهما تحت إمرة رئيسها راشد الغنوشي الذي سيجعل من قصر باردو مركز نفوذه ومنطلق السياسية، لكن هل يستطيع ادارة التناقضات وغضب قواعد حركته وقادتها، هذا ما ستكشفه الايام القادمة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115