3 إعفاءات في يوم واحد..وزير الدفاع ووزير الخارجية وكاتب الدولة للدبلوماسية: بين تصفية الحسابات وضرورة التعديل الحكومي لرأب الصّدع

بالتوازي مع المشاورات التي تقوم بها حركة النهضة لتشكيل الحكومة واللقاءات التي يقوم بها رئيس الجمهورية مع مختلف

الأحزاب الممثلة في البرلمان القادم، أعلنت رئاسة الحكومة في بلاغ لها أمس عن 3 إعفاءات، وزيرا الدفاع والخارجية إلى جانب كاتب الدولة للدبلوماسية الاقتصادية. إقالات أثارت رجة في البلاد خاصة من ناحية الجدوى منها لاسيما وأن الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال ولم تتبق في عمرها إلا فترة وجيزة.

في أول خطوة له وبعد أسبوع من توليه كرسي رئاسة الجمهورية، أعلنت رئاسة الحكومة أنه تقرر بعد التشاور مع رئيس الجمهورية قيس سعيد وعملا بأحكام الفصل 92 و89 من الدستور، إعفاء وزير الدفاع الوطني عبد الكريم الزبيدي من مهامه وتولي كريم الجموسي وزير العدل الحالي مهام وزارة الدفاع الوطني بالنيابة وكذلك إعفاء وزير الشؤون الخارجية خميس الجهيناوي من مهامه وتكليف صبري باشطبجي، كاتب الدولة بوزارة الشؤون الخارجية، بتسيير شؤون الوزارة طبقا لما تقتضيه النصوص القانونية الجاري بها العمل إلى جانب إعفاء كاتب الدولة للدبلوماسية الاقتصادية حاتم الفرجاني من مهامه.

إقالات سبقت الاستقالات
أفاقت البلاد أمس على نبإ إعفاءات شملت وزارتين سياديتين، الخارجية والدفاع، إعفاءات جاءت بعد يوم فقط من اللقاء الذي تمّ بين رئيسي الجمهورية والحكومة، لقاء شدد فيه قيس سعيد وفق بلاغ لرئاسة الجمهورية على حرصه على التنسيق التام والكامل بين مختلف أجهزة وهياكل الدولة لضمان استمرارية مصالح المواطنين والمرفق العام في انتظار تسلّم الحكومة الجديدة لمهامها، إعفاءات أثارت جدلا كبيرا من ناحية الأسباب والتوقيت والكيفية، فالبعض يعتبرها تصفية حسابات والبعض الآخر يشدد على أنها إقالات سبقت الاستقالات، كما تمّ ربطها بالتطورات الحاصلة في الفترة الأخيرة سواء في علاقة بالانتخابات الرئاسية في إشارة إلى عبد الكريم الزبيدي الذي ترشح للانتخابات الرئاسية لينافس يوسف الشاهد والجدل الذي أحدث بسبب إفشاء الزبيدي لعدة أسرار خلال الحملة الانتخابية، برود العلاقة والفتور بينهما تواصل حتى بعد نتائج الانتخابات والغياب المتكرر للزبيدي في عدة مجالس وزارية وجلسات عمل الحكومة وآخرها الجلسة الطارئة التي عقدت أمس لمتابعة آخر تطورات الأوضاع إثر التقلبات المناخية الطارئة.

خلافات قديمة مع عبد الرؤوف بالطبيب
بين الإقالة أو الاستقالة، تساؤلات عديدة تطرح في الساحة، فرئاسة الحكومة تؤكد الإقالة في حين أن الزبيدي والجهيناوي يؤكدان أنهما قدما استقالتيهما من منصبيهما ولكن يبدو أن الإقالة قد سبقت الاستقالة، فرئاسة الجمهورية ترفض التعامل مع الجهيناوي واللقاء الذي تم بين قيس سعيد ووزير خارجية ألمانيا دون حضور الجهيناوي خير دليل على ذلك وقد عزت بعض الأطراف رفض التعامل مع الجهيناوي إلى الخلافات التي كانت موجودة سابقا بين الوزير ومدير الديوان الرئاسي الحالي عبد الرؤوف بالطبيب، إلى جانب الاختلاف في المواقف حول التطبيع مع إسرائيل، أضف إلى ذلك تداول خبر زيارة وفد شبابي تونسي إلى إسرائيل الأمر الذي نفته الوزارة قبل قرار الإقالة، وأوضحت في بلاغ لها انه «تبيّن بعد التحرّي مع بعثة الاتحاد الأوروبي بتونس ومؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسال والتقصّي مع الجهات الفلسطينية في رام الله وفي عدد من العواصم الأخرى أن الخبر لا أساس له من الصحة وأنّ الصور التي تمّ نشرها تتعلق بزيارة وفد أوروبي من بينه سيدة بلجيكية من أصل تونسي عضوة في حزب سياسي بلجيكي». ودعت الوزارة إلى «عدم توظيف القضية الفلسطينية في مسائل سياسية داخلية والابتعاد عن المزايدات في خصوص دعم القضية الفلسطينية العادلة باعتبار انها قضيّة تحرّر وطني تحظى بإجماع كافة فئات الشعب التونسي».

استقالة الجهيناوي جاهزة..
الجهيناوي الذي أكد أنه لم يكن له أي علم بلقاء قيس سعيد بوزير الخارجية الألماني وأنه علم به من خلال وسائل الإعلام، كان قد كتب استقالته ووجهها إلى رئيس الحكومة، أكد فيها أنه قرر الاستقالة من مهامه كوزير للشؤون الخارجية «لاستحالة مواصلة مهامه وفق ما تقتضيه الأعراف الدبلوماسية وما يتطلبه ذلك من انسجام بين مؤسسات الدولة خدمة لمصالح تونس وإشعاعها على الساحة الدولية».

الزبيدي: «طلبت تفعيل الاستقالة المقدمة يوم 9 أوت»
نفس الشيء بالنسبة لعبد الكريم الزبيدي، حيث أكد في تصريح له لـ«المغرب» أنه طلب خلال لقائه أمس والأول من نوعه برئيس الجمهورية تفعيل مطلب الاستقالة الذي كان قد تقدم به يوم 9 أوت 2019 والذي رفضه حينها محمد الناصر، معربا عن استغرابه من قرار الإعفاء والحال أنه قد قدم استقالته ولا يعرف إلى أين تتجه رئاسة الجمهورية أو الحكومة، قائلا «خدمت بلادي وقمت بواجبي وبمهامي كما هو مطلوب مني والآن يكفيني ذلك وأنا وأريد إرجاع الأمانة أضف إلى ذلك فإن الاختلاف في التصورات والتوجهات كان من بين أسباب قراري فضلا عن الغموض القائم حول تشكيل الحكومة المقبلة».

استمرار دواليب الدولة
رئاسة الجمهورية أكدت أن قرارات الإعفاءات تندرج في إطار التعديل الحكومي والشعور بالمسؤولية وتغليبا للمصلحة الوطنية وبعد محاولات مضنية لرأب الصّدع وتقريب وجهات النظر دون جدوى، وشددت على أن هذا التعديل كان ضروريا لضمان استمرار دواليب الدولة والقطع مع الأوضاع التي كانت سائدة من منطلق أن الدولة التونسية واحدة ولا مجال لمراكز القوى داخل أجهزتها ومرافقها.

قرار الإعفاءات تمّ بمقتضى أحكام الفصلين 92 و89 من الدستور، حيث ينص الفصل 92 على أن «يختص رئيس الحكومة بإحداث وتعديل وحذف الوزارات وكتابات الدولة وضبط اختصاصاتها وصلاحياتها بعد مداولة مجلس الوزراء، إقالة عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة أو البت في استقالته، وذلك بالتشاور مع رئيس الجمهورية إذا تعلق الأمر بوزير الخارجية أو وزير الدفاع، إحداث أو تعديل أو حذف المؤسسات والمنشآت العمومية والمصالح الإدارية وضبط اختصاصاتها وصلاحياتها بعد مداولة مجلس الوزراء، باستثناء الراجعة إلى رئاسة الجمهورية فيكون إحداثها أو تعديلها أو حذفها باقتراح من رئيس الجمهورية، إجراء التعيينات والإعفاءات في الوظائف المدنية العليا. وتضبط الوظائف المدنية العليا بقانون. ويعلم رئيسُ الحكومة رئيسَ الجمهورية بالقرارات المتخذة في إطار اختصاصاته المذكورة....» أما الفصل 89 فينص على أن «تتكون الحكومة من رئيس ووزراءَ وكتّاب دولة يختارهم رئيس الحكومة وبالتشاور مع رئيس الجمهورية بالنسبة لوزارتيْ الخارجية والدفاع...».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115