رئيس الجمهورية قيس سعيد: أي دور سيلعبه في تشكيل الحكومة القادمة ؟

بتكليف رئيس الجمهورية قيس سعيد زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي باختيار شخصية لترؤس الحكومة،

انتهي الدور الدستوري للرئيس في مسار تشكيل الحكومة- في هذه المرحلة على الاقل- ليترك له ، نظريا، المجال ليتحرك على هامش الدستور مستعينا بثقله السياسي للعب دور متقدم في تشكيل الحكومة، ان هو اختار لعب هذا الدور.

عشية الجمعة الفارط التقى رئيس الجمهورية قيس سعيّد برئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، ليكلفه ومن خلفه حركة النهضة بقيادة مشاورات تشكيل الحكومة، وفق نص الدستور الذي ينص في فصله 89 على ان الرئيس يكلف الحزب أو الائتلاف الحاصل على أكبر عدد من المقاعد بمجلس النواب بتشكيل الحكومة خلال شهر يجدد مرّة واحدة.

لقاء غادر-عقبه- الغنوشي قصر قرطاج معلنا انه أطلع رئيس الدولة على النتائج الأولية للمباحثات التي أجرتها حركة النهضة مع عدد من الأحزاب والمنظمات الوطنيّة في إطار تكوين الحكومة الجديدة التي انطلقت مشاوراتها الرسمية منذ يوم الجمعة الفارط. انظر مقال دنيا حفصة.

هنا تقف صلاحيات الرئيس في مسار تشكيل الحكومة، وترحل الى صلاحية التدخل في حال عجز الحزب عن تشكيل الحكومة، بعيدا عن هذه الفرضية التي مازال الوقت مبكرا على طرحها، اختار قيس سعيد التأكيد على دوره الجامع لكلّ التونسيين والضامن لوحدتهم خدمة للمصلحة الوطنية، كما شدّد على أهمية اعتماد معيار الكفاءة في تكوين الحكومة الجديدة وتقديم برنامج في مستوى طموحات التونسيين، بعيدا عن كل المحاصصات الحزبيّة. هذه التوصيات التي ابلغها سعيد لمن كلفه بتشكيل الحكومة، سبق له ان اعلنها قبل اداءه اليمين الدستورية، يومها اكد الرجل عزمه على العمل على تشكيل الحكومة وفق أحكام الدستور.

احكام لازال الرجل ملتزما بها، لكن هذا لا يعنى ان دوره قد انتهى، اذ يدرك هو وباقي الاطراف السياسية ان لرئيس الجمهورية ثقل سياسي، خاصة في حالة سعيد الذي حصد اكثر من 2.7 مليون صوت في الانتخابات، متجاوزا الاصوات الممنوحة لكل الاحزاب مجتمعة، وهو ما يمنحه صلاحية التدخل في المسار قبل تعثره.

صلاحية انطلق الرجل في تنفيذها منذ يوم الجمعة الفارط بعقده لقاءات مع مختلف قادة الاحزاب الفائزة في الانتخابات التشريعية (انظر مقال كريمة الماجري) وهي وان كانت في ظاهرها برتوكولية الا ان الرجل حملها بعدا سياسيا هدفه الحيلولة دون الوصول إلى طريق مسدود في مشاورات الحكومة.

هذا الهدف ابلغه سعيد لرئيس النهضة راشد الغنوشي وشدد على ضرورة ان لا يقع وضع شروط تحول دون تشكيل الحكومة ومنها شرط ان يكون رئيسها من الحركة، ذات التوصية ابلغها الرجل للبقية، فهو يريد حكومة محددة المهام والعدد تحظى بتوافق كبير واذا التزم الامر ان تكون جل تركيبتها من خارج الاحزاب.

خيار طرحه سعيد وهو مدرك انه عبره يضع نفسه كجزء من مسار تشكيل الحكومة، وهو مسار سيفرض عليه ان يتدخل تباعا كلما احتاج الأمر او لم يحتج، فالمشاورات التي اطلقتها النهضة منذ الايام الفارط تواجه عقبة كبرى وهي رفض بقية الأحزاب الالتحاق بها.

ازمة يبدو ان حلها سيكون بيد سعيد الذي قد يصبح «عراب» الحكومة وهذا وارد في ظل المؤشرات الاولية التي جعلت من الرجل ليس فقط على مسافة واحدة من الاحزاب بل «اكبر منها» وهو ما يمكنه من فرض توجهاته بشان الحكومة التي يطالب بان تشكل بناء على برنامج ولا على المحاصصة.

هذا الدور الذي لعبه سعيد بشكل غير مباشر في تشكيل الحكومة يبدو انه سيتعزز خلال الايام القادمة بتدخلات صريحة بهدف الوصول لتشكيل حكومة قد تجمع بين المتخاصمين، حكومة قد تصبح رمزيا حكومة الرئيس.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115