للسنوات الخمس المقبلة من الرئيس المؤقت محمد الناصر الذي تولى مهام الرئاسة بالنيابة إثر وفاة الرئيس الراحل محمد الباجي قائد السبسي في 25 جويلية 2019 في أجواء احتفالية وفي موكب استعراضي لتشكيلة شرفية من القوات المسلحة تناقلته جميع الوسائل الإعلامية المحلية والعالمية.
حدث تاريخي جديد عاشت على وقعه البلاد أمس من خلال عملية الانتقال السلمي للسلطة من الرئيس المغادر محمد الناصر إلى الرئيس المنتخب قيس سعيد في الساحة الشرفية لقصر قرطاج، حيث تصافحا في حركة رمزية كانت بمثابة التسليم الرسمي لمقاليد السلطة، لينطلق بعد ذلك موكب التسلم وإثر ذلك حيا رئيس الجمهورية الجديد العلم على أنغام النشيد الوطني الرسمي، بعد أن أدت له تشكيلة شرفية من الجيوش الثلاثة، البرية والبحرية والجوية، التحية، ليدخل فيما بعد القصر حيث وجد عائلته في استقباله، زوجته وأبناءه الثلاث.
طلقات الإيذان بتوليه الحكم
بعد الخطاب الذي ألقاه في مقر مجلس نواب الشعب، تحول قيس سعيد إلى قصر قرطاج حيث استقبله محمد الناصر وفوج من الخيالة ورافقه إلى غاية بهو القصر الرئاسي وفي الأثناء كانت المدفعية تطلق طلقات الإيذان بتوليه الحكم مثلما جرت العادة، 21 طلقة، ليعقدا جلسة مغلقة دامت أكثر من نصف ساعة، ليخرج بعد ذلك محمد الناصر ليهنئ في كلمة له قيس سعيد بثقة الشعب التونسي له، وكذلك الشعب التونسي على الثقة التي منحها لسعيد لما يتحلى به من «استقامة وسيرة طيبة ومحبة للخير» ، مؤكدا أن هذا الرصيد الهام من الثقة سيكون أحسن دافع وخير حافز للرئيس الجديد للاستجابة لتطلعات الشعب التونسي، متمنيا له التوفيق والنجاح في مهامه الجديدة.
«الأشخاص يعبرون ولكن الدولة تستمر»
أما قيس سعيد فقد أكد في كلمته للتلفزة الوطنية أنه «كان ينتظر منذ أن كان يدرّس طلبته بالكلّيات، مشاهدة اللحظة التي يُغادر فيها رئيسٌ للدولة منصبه و يستقبل مَنْ سيحّل محّله» والمهم هو أن تستمر الدولة وتستمر المؤسسات بقطع النظر عن الأشخاص والمهم في هذه المرحلة التاريخية تحمل الأمانة جميعا للاستجابة لمطالب الشعب التونسي، قائلا «سنعمل بكل إخلاص وبكل جهد على حمل هذه الأمانة بالرغم من أن الوزر ثقيل ولكن الشعب التونسي ينتظر وله الحق في أن يعيش حرا محفوظ الكرامة في وطن حر، فالأشخاص يمرون ويعبرون وسيأتي من بعدي من سيأتي والمهم أن تستمر الدولة وأن تبقى المؤسسات، هذه اللحظة بالفعل تاريخية في البلاد بكل المقاييس لأنها تمت عن طريق الانتخابات، أحدنا يغادر وسيبقى دائما مرحبا به في هذا المكان وستتم استشارته في العديد من المسائل وآخر يحل محله، لحظات تاريخية يجب أن ترسخ مثل هذه الممارسات حتى تصير جزءا من الثقافة السياسية في تونس».
قيس سعيد في روضة الشهداء
بعد استعراض تشكيلة الجيوش الثلاثة، دخل قيس سعيد القصر لينطلق رسميا في مهامه وفي أول مهمة له تحول عشيّة أمس إلى روضة الشهداء بالسيجومي. وبعد أداء تحيّة العلم على أنغام النشيد الرسمي واستعراض تشكيلة من الجيوش الثلاثة، وضع رئيس الدولة إكليلا من الزهور على النصب التذكاري وترحّم على أرواح الشهداء الزكيّة. وقد حضر الموكب بالخصوص رئيس مجلس نواب الشعب بالنيابة عبد الفتاح مورو ووزير الدفاع الوطني عبد الكريم الزبيدي وأعضاء المجلس الأعلى للجيوش ومفتي الجمهورية الشيخ عثمان بطيخ.
فخر بالمكسب الديمقراطي
حدث الانتقال السلمي للسلطة بين رئيس مغادر وآخر يحل محله تناقلته جميع الوسائل الإعلامية والتلفزات والإذاعات الوطنية والدولية ووصف بالحدث التاريخي الاستثنائي، وقد دون رئيس الحكومة يوسف الشاهد على صفحته الرسمية على «الفايسبوك» أنه يحق للتونسيين مرة أخرى أن يفتخروا بمكسبهم الديمقراطي، وذلك بعد أن تسلم قيس سعيد مهامه في رئاسة الجمهورية وأداء اليمين الدستورية في البرلمان، تدوينة جاء فيها « للمرة الثانية بعد المصادقة على دستور الجمهورية الثانية تعيش بلادنا تداولا ديمقراطيا على مسؤولية رئاسة الجمهورية. وتتقدم بثبات على طريق ترسيخ احترام الدستور والمؤسسات وإعلاء سلطة الشعب التي يمارسها عبر ممثليه المنتخبين..مرة أخرى يحق للتونسيين أن يفتخروا بمكسبهم الديمقراطي الاستثناء التونسي».