رئيس الجمهورية قيس سعيد أمام مجلس النواب : خطاب الأمانات والنوايا

في حدود الساعة العاشرة وخمس وأربعين دقيقة القى الرئيس قيس سعيد خطابه المنتظر، مستعينا بزاده اللغوي

وفن الخطاب لرسم ملامح عهدته الرئاسية التي يبدو أن عنوانها الرئيسي هو «الثورة في ظل الدولة».

في دقائقه الخمس والعشرين لم يخرج خطاب التكليف الذي ألقاه رئيس الجمهورية قيس سعيد في جلسة التنصيب أمس بمجلس النواب عن ما اعتاده الرجل في خطاباته السابقة، لغة عربية قحة خطابة سلسة واستعارات عدة، ليتحدث عن قيم ومثل العمل السياسي دون إغفال تأكيد التزامه بالثورة وقيمها وأيضا بالدولة ومؤسساتها.

كلمة استهلها الرجل بتحية الحاضرين تحت قبة البرلمان ومن بعدهم كل التونسيين في كل مكان، مذكرا إياهم بأنهم يختبرون تجربة فريدة، تتمثل في ثورة بأدوات الشرعية، وهي لحظة تاريخية يتغير فيها المسار بفضل وعي الشعب الذي أكد له أن البعض لم يستوعب بعد فهم «اللحظة التاريخية»، في تلميح لنتائج الانتخابات الرئاسية التي أوصلته لقصر قرطاح وهو المستقل القادم من خارج المنظومة.

ديباجة امتدت لأكثر من 6 دقائق حيا فيها الرئيس كل التونسيين في كل مكان باستعمال استعارات لغوية مهدت للجزء الأساسي من الخطاب وهو إعلان الأولويات او الخطوط العريضة لبرنامج الرئيس وتصوره لدوره في السنوات الخمس القادمة. هذا الجزء الأساسي من الخطاب لم يختلف في شكله ومعاجمه عن الجزء السابق، خطابة وبلاغة أراد بها الرجل القول بأن عهدته ستقوم على ثنائية الثورة والدولة.

ثنائية عبر عنها الرجل في كلمته حينما راوح بين استحضار قيم الثورة وأهميتها جنبا الى جنب مع استمرارية الدولة واحترام مؤسساتها وتعهداتها، ليتحدث الرجل عن الأمانات التي يجب ان تحملها الطبقة السياسية، كل من موقعه.

أول الأمانات هي الاستجابة لمطلب الشعب في الحرية والكرامة التي طال انتظارها، هنا اختار الرئيس أن يشير إلى أن تونس في طور الانتقال من دولة القانون إلى مجتمع القانون، هذا الجزء المتعلق بثورة القيم التي يقودها الرجل ينتقل الى الدولة ليشدد على ان «الكل يذهب ولكن الدولة يجب أن تستمر وتبقى الدولة التونسية بكل مرافقها دولة التونسيين والتونسيات على قدم المساواة وأول المبادئ التي تقوم عليها المرافق العمومية هو الحياد».

حياد قال انه أساسي لاستمرار الدولة، وان غيابه هو الخطر الذي قد ينخرها من الداخل لذلك وجب الانتباه، لينقل للامانة اللاحقة وهي الحفاظ على ثروة المجموعة الوطنية ليعلن ان «كل شخص من هذا الوطن يجب ان يكون قدوة …لا مجال للتسامح في اي مليم واحد من عرق ابناء هذا الشعب العظيم وليستحضر الجميع شهداء الثورة وجرحاها مازال العلم المفدى مخضبا بدمائهم.. والذين آثروا الموت للتصدي لاهدار المال العام ولشبكات الفساد».

هنا تستمر الدولة ولكنها تكتسب قيم الثورة ، قيم تظل حاضرة في باقي كلمته التي لم يغب عنها التشديد على ضرورة الوحدة في مواجهة الإرهاب والقضاء عليه، مشددا على ان « رصاصة من إرهابي ستقابل بوابل من الرصاص الذي لا يحده عد ولا إحصاء». ليستمر الخطاب الذي حمل بالأمانات بالاشارة اليها ومنها «الشعب وقوته وأنات فقراته والبؤساء أمانة.. بل ان ابتسامة رضيع في المهد أمانة فلنحمل كل هذه الأمانات بنفس الصدق وليس ذلك علينا بكثير».

سعيد وهو يلقي خطابه بوبه ليسهل على مستمعيه تتبع خطواته، التي تتضمن التذكير بما سبق ان وقاله «لا مجال للعمل خارج إطار القانون» والتذكير بان الحرية لن تسلب من الشعب وان البحث عن العودة للماضي لهث وراء السراب، ولم يفته التذكير بأنه لا مجال للمساس بحقوق المرأة..بل هو سيعمل على مزيد دعم حقوقها وخاصة منها الاقتصادية والاجتماعية».

التذكير بالرسائل استمر في خطاب التنصيب ليشمل التزامات الدولة التونسية مع المجتمع الدولي وشركائها وعلى احترامه لكل معاهداتها واتفاقياتها ولكن لها الحق في فتح المشاورات لتحسين محتواها لصالح تونس وشعبها الذي ظل حاضر في كامل خطاب الرجل.

خطاب التنصيب انتهى بالتأكيد على انه كرئيس للدولة سيكون رمزا لوحدة تونس واستقلالها واستمراريتها، لينتهى كما بدأ ببلاغة لغوية واستعارات مجازية اراد بها الرجل ان يكشف عن برنامج عهدته وهو «ثورة قيم في اطار الدولة وبادواتها».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115