النهضة وشروط تشكيل الحكومة: حكومة سياسية ورئاسة نهضاوية ... في انتظار المفاوضات الجدية...

بعد اختلاف كبير في المواقف والتوجهات ونقاش عميق على امتداد يومين كاملين، حسمت حركة النهضة خلال انعقاد مجلسها الشورى

نهاية الأسبوع الفارط موقفها النهائي بأن يكون رئيس الحكومة المقبل نهضاويا، وبالنسبة لها قضية اختيار الاسم من الأسماء التي طرحت في الدورة الـ32 لمجلس الشورى ثانوية على غرار راشد الغنوشي والذي اعتبرته مرشحها الطبيعي وطرح بقوة وكذلك علي العريض وزياد العذاري ونور الدين البحيري وعبد اللطيف المكي وسمير ديلو...، فالمهم هو أن يكون نهضاويا استنادا إلى نتائج صندوق الاقتراع في الانتخابات التشريعية وحقها الدستوري باعتبارها الفائز الأول، ولكن السؤال المطروح هل تقبل الكتل البرلمانية الجديدة والتي تتشاور معها الحركة بالمشاركة في حكومة رئيسها نهضاويا؟

3 قضايا كبرى، تمّ النقاش حولها خلال دورة مجلس الشورى، الأولى تخص البرنامج الوطني المشترك للحكومة المقبلة وهو البرنامج الذي أعدته الحركة والأطراف التي تقبل المشاركة في الحكومة لا بد أن تمضي عليه، القضية الثانية وهي المهمة بالنسبة للحركة هي التمسك بأحقيتها في رئاسة الحكومة وعلى كل الأطراف تفهم ذلك والقضية الثالثة تتعلق بالتحالفات، فالحركة تسعى إلى ضمان أغلبية واسعة في البرلمان ليس بكسب ود الكتل البرلمانية الكبرى باستثناء طبعا قلب تونس والدستوري الحر بل أيضا المستقلين وبقية الأحزاب الأخرى الموجودة في البرلمان ولكن ليست لها كتلة إلى حد الآن، أقل من العدد القانوني لتكوين كتلة بـ7 أعضاء.

تحمل المسؤولية
قررت النهضة تحمل مسؤولية تشكيل الحكومة وترأسها وسعيها إلى تعميق الحوار مع مختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين على قاعدة برنامج يضمن لها حزاما سياسيّا واسعا مع السعي إلى وضع برنامج مع شركائها يتضمن التوجهات الكبرى لعمل الحكومة والإجراءات في الآماد العاجلة والمتوسطة للرفع من فاعلية المؤسسات الحكومية وتحسين الخدمات العمومية وتفعيل المشاريع المعطّلة وإنفاذ القوانين. هذا وتولت الحركة خلال مجلس الشورى تشكيل اللجنة التي ستتولى متابعة جميع مراحل المفاوضات مع الأطراف التي ستتشاور معها من تحيا تونس وحركة الشعب والتيار الديمقراطي وائتلاف الكرامة والمنظمات الوطنية وعدد من المستقلين صلب البرلمان، لجنة يترأسها رئيس الحركة راشد الغنوشي وتضمّ أكثر من 20 عضوا من المكتب السياسي ومجلس الشورى.

جددت الحركة حسب بيان صادر عن مجلس الشورى التزامها بوعودها الانتخابية وتلقّيها لمجموع المطالب الاجتماعية وانحيازها للعدالة الاجتماعية بما يرسّخ الاقتصاد الاجتماعي التضامني ومقاومة الفقر والبطالة والفساد والتصدي للإرهاب والجريمة بمختلف أنواعها، وقدمت تهنئتها لقيس سعيد بمناسبة انتخابه رئيسا للجمهورية، وشددت على حرصها على العمل المشترك والتعاون بما يحقّق أهداف الثورة والاستقرار ويعزّز قيم التضامن والتآزر بين التونسيين.

البرنامج الوطني المشترك
عضو مجلس الشورى للنهضة عبد الحميد الجلاصي أكد في تصريح له لـ«المغرب» أن الحركة تولت خلال مجلس الشورى تقييم نتائج الانتخابات التشريعية والرئاسية والوضع العام والسياسي خاصة في البلاد وإمكانية التحالفات حسب تركيبة المجلس، وقد كان هناك نقاش عميق جدا ومتنوع وفي الأخير تم الاتفاق على 3 قضايا كبرى من منطلق المفاوضات، الأولى والتي تمثل لب المفاوضات السياسية هي البرنامج ولن تأتي به الحركة من بعيد بل سيكون برنامجها وكذلك من انتظارات المواطنين التي كانوا قد عبروا عنها خلال الأسابيع الفارطة الخاصة بالحملة الانتخابية الرئاسية أو التشريعية، برنامج سيتركز بالأساس على الجانب الاقتصادي والاهتمام بقضايا الفقر والجهات المحرومة وفتح الآفاق أمام الشباب وخاصة اعتماد مقومات الحوكمة الرشيدة ومقاومة الفساد في كل الأبعاد، فالقضية الأولى تتلخص في البرنامج الوطني المشترك.

الغنوشي وديلو والمكي والبحيري والعذاري..
القضية الثانية حسب الجلاصي تتمثل في مراعاة نتائج الانتخابات وبذلك فإن رئاسة الحكومة ستكون نهضاوية، وهذه مسألة أولوية بالنسبة للحركة وبالنسبة للأسماء فهي ثانوية وقد تمّ تداول عدد كبير من الأسماء لهذا المنصب والاسم الأول بطبيعة الحال هو رئيس الحركة راشد الغنوشي باعتباره المرشح الطبيعي للحركة إضافة إلى سمير ديلو وعبد اللطيف المكي ونور الدين البحيري وعلي العريض وزياد العذاري وغيرها من قيادات الحركة لكن الموضوع الأساسي للنهضة والتي ستحرص عليه هو أن تكون رئاسة الحكومة نهضاوية ثمّ البرنامج وبخصوص الأسماء فهي مازالت قيد التشاور داخل الحركة أو مع الشركاء المعنيين والاتفاق على اسم قادر على تجميع حكومة قوية ومستقرة وتنجز المطلوب في أقرب وقت.

حزام برلماني
القضية الثالثة تتعلق باتجاهات الحركة للتحالف داخل المشهد البرلماني وأي حكومة ستسعى إلى أن يكون لها أوسع قاعدة برلمانية ممكنة وبالتالي فإن تعاملها لن يكون مع الكتل البرلمانية الكبرى الديمقراطية الاجتماعية المؤمنة بقيم الثورة والعمل المشترك بل أيضا النواب المستقلين باستثناء كتلة الحزب الدستوري الحر وكتلة حزب قلب تونس، حسب تصريح عضو مجلس الشورى الذي شدد على أن الحكومة التي تريدها الحركة هي حكومة سياسية تقبل بالبرنامج الذي أعدته والذي يخضع بدوره للنقاش، وهذه القضايا الثلاثة الكبرى التي تطرق لها مجلس الشورى، وأبرز أنه من الممكن أن تحظى الحكومة المقبلة بدعم بعض النواب بالرغم من عدم المشاركة فيها.

لجنة مشتركة تضم أكثر من 20 عضو
وأضاف محدثنا أن المهم بالنسبة للنهضة أن تكون الحكومة سياسية وهي تريد أن تتحمل المسؤولية وستبذل كافة الجهود للوصول إلى هدفها وفي صورة لم تتمكن من ذلك فإن إمكانية إرجاع الأمانة إلى رئيس الجمهورية غير مستبعدة لمصلحة الشعب والبلاد والقول إنها لم تتمكن من تشكيل حكومة قوية تقود الإصلاحات، فالحركة ليست من طالبي السلطة لغاية الحكم بل من طالبي السلطة لتحقيق برنامج وفي صورة عدم حصول ذلك فإنها ستكون في أي موقع من المواقع ولكن ما يمكن التأكيد عليه الآن هو أن المشاورات تتم بنسق طيب وجيد ومازال أمام الحركة الوقت إلى غاية 13 أو 14 نوفمبر تاريخ الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية ليأتي في ما بعد التكليف من قبل رئيس الجمهورية الجديد قيس سعيد، والوصول إلى نتائج بخصوص تشكيل الحكومة في أسرع وقت يكون حسب تقدم النتائج والمشاورات داخل الحركة، مشاورات ستقودها اللجنة المشتركة بين مجلس الشورى والمكتب السياسي تضمّ حاليا أكثر من 20 عضوا مع الإبقاء على تركيبتها مفتوحة يترأسها الغنوشي وستتكفل بإعداد البرنامج وخارطة الاتصالات ومتابعة الاتصالات والسياسة التسويقية والترويجية للمفاوضات.

المشاورات ستكون عسيرة أمام الحركة التي ستجد نفسها في مواجهة مع الشروط التي من الممكن أن تفرضها الأطراف التي تتشاور معها أي تحيا تونس والتيار الديمقراطي وحركة الشعب وائتلاف الكرامة لضمان حقها في أن تكون الرئاسة نهضاوية، لا سيما وأن مواقف الأطراف الأخرى واضحة في هذا الشأن فهي ترفض أن تكون الرئاسة نهضاوية باستثناء ائتلاف الكرامة والذي بدوره يضع شروطا لقبوله، فماهي التنازلات التي يمكن أن تقدمها النهضة من أجل المحافظة على حقها الدستوري؟.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115